الجزء الثاني ....الفصل الحادي والثلاثون :

28.2K 593 4
                                    




ضوء أزرق قد تسلل من خلال الباب إلى الداخل، سيطر الهدوء لحظيًا على المكان بشكل مريب، وبدأت تستمع إلى وقع نعلي حذائه يقترب ...
ما تزال مغمضة عينيها، ومشيحة بوجهها نحو جانبها الأيمن، بالرغم من أن الإضاءة لم تكن بذاك الوهج الساطع جدًا، إلا أنها على ما يبدوا لم تزر الضوء منذ فترة طويلة ..

-كان فيه كلمة ما بينا، كان المفروض تلتزم بيها !
أردفت هي بها بهدوء، مع أن عينيها ما تزال مغمضتان ...
توقف صاحب الخطوات عن السير، وأجابها بنفس الهدوء :
-إنتي كسرتي الكلمة، وإضطريت أنا كمان أكسرها زيك !
أخيرًا قد بدأت تبصر من جديد، حينها رمقته بنظرات ساكنة كأن شيئًا لم يكن، وبروية سألته :
-كسرتها ؟!
تقدم عدة خطوات، وقد تجهم وجهه وهو يقول :
-أفكاري، ذكرياتي، أحلامي، كل لحظة، كل دقيقة !
زفرت تلك المرة ببعض الضيق وسألته بحنكة :
-وأنا كدة كسرت كلمتي !
أجابها ببساطة :
-أكيد .
إبتسمت ساخرة مما قال، وأرجعت رأسها للخلف قليلاً، ولم تجبه
ظل يقترب إلى أن وقف أمامها وظل يرنوها بهدوء ..
ذاك الهدوء الذي يخفي خلفه بركانًا من الأسئلة يريد الإنفجار، ألم تخف، لا حقًا ألم تشعر بالخوف ؟!
الآن من المفترض أنها سمعت ما قيل قبل أن تفقد وعيها، ألم تشعر بأي نوع من .. لحظة واحدة فقط ..
-إنتي عرفتيني إزاي ؟!
كان ذاك سؤاله الذي قاله ببرود، رغم أنه سيجن ليعرف الإجابة ..
أجابته دون أن تنظر له :
-مشيتك.
ضيق عينيه وسألها :
-مالها ؟
نظرت له، وكانت تلك الإبتسامة لاتزال تداعب وجنتيها، ثم قالت :
-أنا حفظت صوت مشيت ضلي ..
إبتسم هو الآخر وإنحنى حتى يجلس بمستواها، ثم يتابع بهدوء :
-يعني كنتي عارفة ؟!
أجابته بتحدٍ :
-وإنت كنت عارف إني عارفة
رد عليها ببساطة :
-أيوة كنت عارف إنك عارفة، بس مكنتش أعرف إنك عارفة إني عارف إنك عارفة ؟!
سألته وإبتسامتها تزداد إتساعًا :
-من إمت بتبيع أعضاء، جديدة عليا دي ؟
إذًا لقد سمعتهما، ما الأمر الآن !
ما كل ذاك الجمود ألم تجزع ؟!!
أسئلة دارت في عقله لم يبدها على وجهها، لكنه إنتصب حينها ونظر لها مليًا قبل أن يرد ببرود :
-من زمان.
رفعت حاجباها لأعلى، وهي تردف ساخرة :
-على كدة هتكسب من ورايا كتير ؟
أجابها وهو يضحك :
-بجد بتسألي !
توقف قليلاً عن الضحك ثم تابع بثقة :
-إنتي بحد ذاتك مكسب !

حقًا يداها بدأتا تؤلماها كثيرًا، قدماها أيضًا، تلك الحبال لفت بإحكام شديد، و ..
-هخلصك منهم، بس الأول لازم تعرفي أنا مستضيفك هنا ليه !!
إنتبهت له، وشعرت بالضيق من نفسها لأنه شعر أنها تتألم، كيف سمحت أن تغطي مشاعر الألم وجهها ليراها هو عليها ؟!!
نظرت له نظرات متزنة، وإنتظرت أن يتابع ..

سار أمامها قليلاً وتابعته هي بصمت، ثم إستدار لها عند نقطة ما وبدأ بالحديث :
-أمممم أنا .... عاوزك تكوني قدامي أطول وقت ممكن
صمت لينظر لها فوجدها ما تزال كا هي، فتابع :
-معرفش ليه، بس دة بيديني إحساس غريب، أنا مش من عادتي أكذب على نفسي
سكت ثانية، وأخذ يقترب قليلاً منها ليردف بعدها بخفوت :
-وسعات كتير بحسك نفسي !
ظلت تنظر إليه ولم تتبدل ملامحها، لكنها أجابته بنبرة غامضة، بعد فترة صمت :
-صهيب !
نظر في عينيها وأجاب متسائلاً :
-نتجوز طيب !
أشاحت وجهها عنه فإما أنه قد فقد عقله، أو أنه قد فقد عقله !
ما الذي دهاه، لقد حذرته مرارًا أن يبتعد عنها ! وما زال يقترب
تابع حديثه بجمود غير آبه بها :
-أنا مش هاممني إنك مبتطقينيش، برغم إنك واثقة إني شبهك في كل حاجة، برغم إختلافنا الشاسع !
ومش هاممني تفكيرك فيا إني مجنون دلوقت، أنا أهم حاجة عندي أحقق لنفسي اللي هي عاوزاه، بأي طريقك كانت ..
ومش هاممني إنك ترفضي أو تقبلي، لأنك في النهاية هتوافقي

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن