12

38.6K 794 26
                                    


  الفصل الثاني عشر :

دفع جلال معتز بقوة أسقطته أرضًا، ثم جثى على ركبته ليمسك به من تلابيبه ويوقفه على قدميه وهو يقول صارًا على أسنانه :
-أنا مخدتهاش عشان أحسرك عليها يا غبي، أنا خدتها عشان حبتها بجد ! وإنت، .. وإنت قتلتها !
نظر له معتز بسخط و دفعه بقوة ليبعده عنه ثم ...
معتز بنبرة حادة :
-أنا مقتلتهاش، دي كانت حادثة، وأنا إتعذبت على فراقها أكتر منك ! وإنت لما إتجوزتها كنت عارف إني بحبها
-مش ذنبي لو حبيت نفس اللي إنت حبتها وهي إختارتني أنا...

لم يكن الصغير بالخارج يفهم شيئًا من ذاك الحديث الغريب عن الورث أو ما شابه، في حين أنه كان يعلم أن والده قد تزوج بأخرى قبل أمه، فلم تكن تلك معلومة جديدة فقد إعتاد على سمعها من والدته ووالده عند إحتدام شجارٍ بينهما،
لكنه حين وجد من يضرب والده وضع يده على فمه في ذعر، وبدأ يرتجف وإرتعدت أواصله... فدونًا عن أي أحد هو يكره ذلك الـ"معتز" كثيرًا، ويشعر بالخوف من مجرد لقياه، فوجهه يوحي بالشر دومًا...
لذلك شعر حقًا بالرعب حين وجدهما يتشاجران ..
إكتفى هو بمشاهدة المشادة بالداخل، في صمت مع بعض الشهقات، والإرتجافات التي تلي أي ضربة يتلقاها أحدهم..

-صح مراتك ماتت بس قدرت تتجوز بعدها وتجيب ولد وعايش حياتك بفلوسنا !
قالها معتز بحقد جلي في نبرة صوته ..
فنطق الأخير محذرًا بغضب :
-وإنت مالك ؟ إبعد عننا مش عاوز أشوف وشك هنا تاني إنت سامع، يلا غور من وشي
ضحك هو ساخرًا لوهلة وبدون أي أثرٍ للمرح أردف يستوعده وهو يرفع إصبعه مشيرًا إلى أخيه بـ :
-أسبوع ... أسبوع واحد بس عيش وإتهنى فيه إنت وعيلتك، وبعدها هدمركم كلكم إنت سامع يا جلال، هدمركم كلكم ...
ثم إندفع خارج الغرفة في حين جرى صهيب مبتعدًا حين رآه يقترب من الباب

...............

وبالعودة إلى الحاضر ...

زفر صهيب بغضب ناتج عن كل تلك الذكريات الأليمة ....
وبسرعة شديدة إنتصب واقفًا من وردد بهدوء غريب :
-كان نفسي أنتقم منكم كلكم بإديا الإتنين دول..
ركل الكرسي الذي أمامه فوقع قبل أن يردف هو بغضب بـ :
-كلكم إتنجدتم مني، كلكم مجرمين

......................

ظلت جويرية جالسة بجانب فيروز التي لم يغمض لها جفن وظلت تنظر إلى الفراغ بدون أن تدع للأحرف ملجأ من شفتيها ..

وكانت هي جالسة متألمة لحالتها، فقد كان يَشِّقُ عليها أن ترَ ابنة خالتها على تلك الحال..
وبرغم صلابة أعينها وجمودها المعتاد إلا أن قلبها كان يتمزق أشلاءًا..

-يا ريتني كنت قوية زيك !
قالتها الأخيرة الممدة عابسة بوجوم.. بعد أن سالت تلك القطرات من أعينها..

قطرات مالحة تلك أم دماء تحترق !

نظرت لها جويرية بشجن وردت عليها شاردة :
-برغم كل حاجة حصلتلك إنتي لسا برضوه أحسن !
دمعت أعينها أكثر وهي تقول بحزن :
-هو أنا أستحق ده كله !
كادت أن تجيب جويرية، لكنها سبقتها بالقول بعد أن جلست فجأة :
-أكيد أنا غلطت في حاجة عشان .. آآآ
وضعت جويرية يدها على فمها لتمنعها من المتابعة، ثم وبنبرة هادئة سألتها بـ :
-إنتي مجنونة ! إنتي ليه بتقولي كدة ؟
هدرت بها الأخرى بعنف بعد أن نزعت يدها عن فمها بـ :
-عشان إحنا دايمًا بس إللي بنتلام وبنتحاسب ! ، دلوقتي بعد كل اللي حصل دة عارفة الناس هتقول عليا إيه ؟ طب ... طب عارفة قرايبي حتى هيفكروا بإيه ؟
لم تجيبها جويرية وتركتها تفرغ كل شحنات الحزن فالألم والقهر بداخلها - لربما تركتها لتستريح - أو لأنها لم تجد ما تجيبها به !

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن