الفصل الرابع

49.6K 1K 28
                                    



فتح ذلك الطفل الصغير الذى لم يتمَّ بعد الإحديّ عشر ربيعاً عينيه بفزع ، بعد أن سمع صوت الرصاص المدوى فى أرجاء القصر ...

إنتظر الصغير أن يهدأ الصوت ، ولكن صوت طلقات النار بات يزداد شئاً فشئاً ، فتدثر الطفل تحت الغطاء حتى إختفى تحته تماماً ، كان يرتجف بفزع عقب كل رصاصة يطلقها أحدهم ثم ...
الطفل لنفسه وهو يرتجف خوفاً وبنبرة متقطعة :
-آآ إ إيه ده !!
وضع هو يده على أذنه بعد أن سمع صوت إحدى الرَصَاصـات مرة أخرى ، وتنفس عدة مرات بسرعة شديدة عله يهدّئ من روعه ، ثم هتف لنفسه يشجعها بـ :
-يلا يا صهيب ، إنت مش جبان ، ومش خايف ، يلا قوووم ..
أخذ نفساً عميقاً .. بـل عميقاً جـــداً ، قبل ان يقرر انه سوف ..
-انا لازم اخرج وأشوف ايه الى بيحصل دا !!
قالها بنبرة متحشرجة ، وهو ينزع الغطاء عنه بتمهل ..
كانت شفتاه ترتجفان وهو يحاول النزول من على الفراش ، وما إن وطِـأت قدميه الأرض ، حتى أرسلت له برودة الأرض رجفة سرت فى انحاء جسده ، قاوم صهيب حالة الذعــر المسيطرة عليه بصلابة ، حتى ترك الفراش تماماً ، وأخذ يتسلل بهدوء شديد حتى وصل إلى الباب وصار الصوت واضحاً أكثــر ..

فتح الباب بخفوت شديد ونظر من خلال شِقِ الباب و ...
-سيبونى اروح لجوزى سيبووونى ..
هتفت بها نوران بنبرة عالية ، وهى تحاول مقاومة الحراس الممسكين بها ...

وما إن رأى صهيب ذلك المشهد ، حتى إرتجفت أواصله ، ولم تعد قدماه تقويان على حمله ، فجلس وهو ينظر إلى الخارج بأعين فزِعــــة ..

نظر معتز لنوران نظرات ذات مغزى ، وهو يوجه مسدساً نحو زوجهـا ، وهدر بها بنبرة غاضبة :
-مش ده جوزك حبيبك برضوه !؟ أنا هعلمك إزاي تسيبينى وتروحيله ...
أعطاه إحدى رجاله سكين كبير ، وحاد ..
وأخذ ما يقرب من خمسة حراس ، يكبلون حركته من جميع الجهات ..
أحدهم كان ممسكاً بيديده الإثنتين ، والآخر قدمه ، وكلٌ لـه دور .. وحين أسقطوه أرضاً للقضاء على أي مقاومة لديه ..

جلال وهو ينظر له بكل ما تعنيه الكلمة من كُــره :
-طيب إقتلنى انا بس يا معتز ، و سيب نوران وصهيب ارجوك
إرتسمت ابتسامة متشفية على وجه معتز وهو يستمتع بذلك الإذلال العلنيّ الذى وضعه بـــه ثم ..
قهقه معتز وأردف بنبره تهكمية بـ :
-هــه ارجوك !! متتصورش كان نفسى تقولهالى قد ايه ، كان نفسى أشوفك مذلول قدامى ، بس لو مراتك رضيت تتجوزنى من بعدك مش هقتلها
لم يمهله أن ينطق كلمه أخرى ، حتى إنحنى بجذعه إلى جواره ، وقرب ذاك السكين الحاد من رقبته حتى إستقر السكين فيها وبات يذبحه كما الخراف ...

صرخت نوران وهى ترى زوجها يذبح أمامها ودمه قد بات يجرى على الارض كما يجرى الماء فى النهر :
-جلاااااااااااااااال

اغلق صهيب عينيه بشدة ، ووضع يده على فمه لكتم أنينه الذى بدأ يعلو ، وهو يرى دماء والده قد تناثرت فى أرجاء الغرفة ...
وإزداد شحوب وجهه ، وشعر بالإختناق ..
وفى ثوانٍ معدودة ، ظل شَريط الذكريات يعيد نفس المشهد أمامه ، ويعيد .. ويعيد .. ويعد ، وبعد كل مرة يرى بها ذلك المشهد ..
يطالعه إبتسامة والده ، ومزاحه معه وهو يركض خلفه كل صباحٍ فى الحديقة الواسعة ..
يطالعه وهو يميل عليه بقبلة حانية ..
يطالعه وهو يطعمه بيده ..

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum