الفصل السابع

46K 894 15
                                    



في المقر الرئيسي لشركات صهيب قصي للسيارات ....

داخل مكتب صهيب الخاص ...

رنا بيجاد صهيب طويلاً، وهو يعبث ببعض الأوراق التي أمامه غير آبهاً به، قبل أن يدنو منه قليلاً بخطىً هادئة ثم ..
بيجاد بنرة هادئة :
-عجبتك النهاردة صح ؟
لم يرفع صهيب نظره عنه، بل ظل كما لم يسمع شيئاً، وإستمرت يداه بالتحرك بين رزم الأوراق و المستندات أمامه، تارة يوقعها، وتارة يتفحصها ..

زفر بيجاد بضيق جراء تلك المعاملة الجافة التي يتلقفها منه، ثم وبخطوات محسوبة بدأ يقترب منه إلى أن سحب ذلك الكرسي المجابه لمقعده أمام المكتب وجلس عليه بهدوء ثم ...

تنحنح بيجاد بخفوت ليعلن عن وجوده للمرة الألف في ذاك اليوم، ثم وبلا مقدمات أردف بنبرة شبه متّزنة بـ :
-إحم ... صهيب إنت هتفضل كدة كتير !!
صمت قليلاً وهو يتابع حركات يده المتكررة على تلك الأوراق، وَدَّ لو يقتلعها الآن من يده ويمزقها إرباً، لكي ينتبه له ولو قليلاً ..
أضاف قائلاً بنبرة أكثر إتّزاناً :
-صهيب أنا بكلمك على فكرة، ثم إني ملمستهاش ولا كلمتها كلمة من بعد لما إنت كلمتني، وإنت حتى النهاردة مقولتليش رأيك في إللي عملته عشان الصفقة تنجح، و... آآ ..آآآ
-لخص عاوز توصل لإيه ؟
قاطعه صهيب بتلك النبرة الجافة، بعد أن رفع عينيه من على الأوراق، ليرمقه ببشم ..
بيجاد بنبرة متعلثمة :
-آآ مش عاوز أوصل لحاجــة أنا أقصد بس إن، أنا كنت عاوز نرجع زي الأول ...
ظل صهيب يرمقه لدقيقة بنظراته الجامدة، الجليدية، ثم عاود النظر إلى الأوراق، بعد أن أردف قائلاً بنبرة هادئة :
-لسا مش دلوقت، لما أتأكد منك ...
زفر الآخر بضيق وهو يتابع ردوده المستفزة، ثم ألقى نظرة على الأوراق أمامه و ...
بيجاد بنبرة شبه طبيعية، وهو يتظر للأوارق أمام صهيب :
-دي أوراق إيه ؟
-الشركة السعودية
-أهــا ..
صمت لبرهة قبل أن يتابع بنبرة أكثر حذراً بـ :
-إيه رأيك في إللي عملته النهاردة فى الــ meeting ؟
أومأ صهيب رأسه، ولم ينظر له ..
نظر له بيجاد بإحتقان قبل أن يردف لنفسه بنبرة متوعدة :
-ماشي يا صهيب، إما وريتك مبقاش أنا بيجاد ..
-هدّي نفسك شوية مش كدة ...
نطق بها صهيب ساخراً، وهو يرى آثار الإمتعاض جلية على وجهه ...
نظر له بيجاد بضيق، وهو ينتصب واقفاً ويعلن بصوت عالٍ بـ :
-أنا ماشي ..
-إقفل الباب وراك ...
ركل بيجاد الأرض بكل قوته غضباً قبل أن يفتح الباب، ويغادر صافقاً الباب خلفه بقوة ..

نظر صهيب للباب، ثم أعاد النظر للأوراق وهو يقول بنبرة ساخرة :
-غبي ..

.....................

كانت تسير بخطىً هادئة، تنظر بوجوم شديد إلى كل ما حولها، إلى المتجر الذى تمر بجواره، إلى الأطفال الذين يلعبون بالكرة في الشَارَع، إلى الحصى التى ركلتها بقدمها تواً، إلى تلك المرأة المتسولة التى تطلب منها المال، إلى كل شيء..

كل شيء....

هل سبق لها حقاً أن شعرت بأن الحياة قد ذبلت، لا بل لم تذبل بل ماتت تماماً .!!
لقد شعرت بأسوأ ما قد يشعر به بشريّ بعد فقدانها من كانت بمثابة الحياة بالنسبة لها ..

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقWhere stories live. Discover now