الفصل الحادي والخمسون:

23.7K 578 4
                                    




-ندخل في الجد بقى..
هذا ما أردف به هو بجدية وهو يرمقهم جميعًا بهدوء
ابتسم له الأخير وقال بحرص:
-أكيد، اتفضل يا أستاذ معتصم
رد عليه معتصم مبادلاً إياه الإبتسامة:
-بلاش ألقاب يا سهيل إحنا زي الاخوات!
ثم نظر لها ولم تختفِ الإبتسامة وهو يتابع بروية:
-أنا الصراحة جاي أطلب إيد أختك، فيروز!
سعلت فيروز من إثر الصدمة، وضيقت الصغيرة الجالسة بجانبها عينيها، بينما لم يبدُ على أخيها الدهشة.
نظر لها معتصم لثوانٍ، ثم عاد لينظر لأخيها قائلاً:
-فيروز بنت محترمة جدًا مختلفة عن بنات اليومين دول، وكمان هي بـ...
-بس إنت عارف اللي حصلي!
قاطعته فيروز بها باختناق، ثم وقفت وقد تجمعت الدموع في مآقيها وتابعت بألم:
-أنا مـ..
قاطعها معتصم بنبرة حادة وهو يقف:
-أيوة بس أنا ميهمنيش اللي حصلك! ميهمنيش حاجة إنتي ملكيش دخل فيها!
وقف سهيل حينها، ودنا من شقيقته، ثم وضع يده على كتفها قائلاً بهدوء:
-فيروز، لا إنتي ولا شرفك اتبهدلوا.. أنا أختي فوق أي حد ومحدش يقدر يشوه سمعتها ولا يحسسها إنها أقل من حد في يوم!
نكست رأسها وبدأت عبراتها تنهمر، فنظر لها معتصم بحزنٍ ومع ذلك تحدث بهدوءٍ شديد:
-قبل أي حاجة أحب أقولك إني شايفك بنت كاملة تمامًا، ولو معتبراني عشان عندي بنت وجاي أتقدملك بقلل من شأنك يبقى أنا..
رفعت رأسها إليه ودموعها لم تتوقف عن الإنهمار، لكنها قاطعته باختناق:
-لأ يا معتصم، أنا مقصدش كدة أبدًا..
ثم جثت على ركبتها أما الصغيرة التي تنظر لها بحزنٍ مع أنها لا تفهم شيئًا، ووضعت يدها على وجنتها وهي تردف بحنو:
-تالا عمرها ما هتقلل من شأني يا معتصم، أنا بحبها زي ما يكون بنتي.
ثم وقفت، وبدأت تجفف دموعها، وأكملت وهي تدعي الصلابة:
-إنت مفيش حاجة تجبرك على بنت آآآ
-والله دي حاجة ترجع ليا، وأنا شايفك كاملة من غير نواقص ولا عيوب، بل على العكس، أنا اتجوزت قبل كدة وإنتي لأ.. من غير شرح كتير يا فيروز أنا شاريكي وقدام أخوكي أهو، ومش هطلب منك جواب الوقت، عاوزك تهدي كدة وتفكري براحتك في الموضوع
ثم نظر لابنته لثوانٍ وتابع:
-على فكرة إنتي متعرفيش قيمة نفسك.
إلتفت بعدها وأكمل بثبات:
-هسيب تالا عندك النهاردة وهاجي أخدها بكرة بعد الضهر عشان مش هكون في البيت الفترة دي، وبدل ما اسيبها عند الجيران.. إنتي أولى.
ولم ينبس بكلمة أخرى بعدها، بل تركهم وانصرف..
لم تكن فيروز قادرة على الفهم والإدراك، فهي لم تصدق أنه طلب يدها في خضم تلك الظروف والأزمات التي مرت بها.. بالأخص أنهرأكثر من يعلم ما حلَّ بها! سقطت دموعها من جديد وأخذت تنظر لنفسها في حزن، هي لا تعتبر أنها كاملة بل ترى أنها تنجست وتدنست، فمن ذا الذي يلتفت! أما هو، وابنته، لا هي لا تستحقهما، هي ومهما حدث فقد أُعيبت، هكذا ينظر لها الناس، بالطبع حتى ولو لم يظهر هو ذلك سينظر لها دومًا على هذا النحو. الفتاة المعيوبة!
وقفت تالا على الأريكة لتعادلها طولاً، ثم بدأت تمسح لها دموعها وهي تقول بحزن:
-مش إنتي قولتيلي مرة مش تعيطي، بتعيطي ليه؟!
نظرت لها برفق، ومسحت باقي دموعها وهي تجيب:
-أنا مش بعيط أهو
هزت تالا رأسها معترضة، وهتفت بغضب:
-بابا زعلك؟
-لا يا حبيبتي مزعلنيش..

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن