23

27.4K 651 11
                                    


الفصل الثالث والعشرون :


متجمهرين حولها، متجهمين الأوجه، وبفاظة الكلمات يردعونها،
من هم ؟
هم من قد جاءت إليهم لتنسى ما آل إليه حالها !
هم من ظنت أنهم سيدعمونها ويساندونها وحتى إذا كانت حزينة يهدوها أحن الكلمات لتنسيها ألمها !
هم أهلها، أحبتها، وأقرباؤها !

نظرت لجدتها والدموع قد إنجرف من مآقيها، ثم نظرت لعمتها غاضبة الوجه، ونكست رأسها، فبماذا تجيب !

وبجانبها وقف سهيل مصدومًا من حديثهم !
-ما تردي يا فيروز، أنتي عارفة إن العار هيلزق في اسمنا دايمًا بسببك !
لم ترفع رأسها وهي تستمع إلى حديث عمتها الذي ينزل عليها كما السياط !
وكانت دموعها وحدها هي ما تتحدث عنها ..

تابعت جدتها الحديث قائلة بإستنكار :
-ليه تسلمي نفسك ليه ؟
نظرت لها فيروز، وتحدثت بصوت متقطع من شدة البكاء :
-والله العظيم أنا ماعملت حاجة، والله أنا ما غلطت هو اللي ...
-الراجل عمره ما بيقرب على ست إلا لما تغريه هي، وإلا عمره ما بيقرب !
قاطعها هو بصوت جهوري، فإستدارت لتواجهه بعينيها الحمراوين، وقالت بألم :
-بس أنا.. أنا معملتش حاجة والله، دا أنا لبست الحجاب عشان ميقربش مني يا عمي !
نظر هو لها غاضبًا وتابع :
-قصدك عشان تلفتي نظره أكتر !
أومأت صفا رأسها بالإيجاب مردفة بإستهحان :
-أيوة معاك حق يا خويا، ما احنا سايبينها ماشية على حل شعرها وتعمل اللي هي عايزاه !
ذهبت جدتها إليها ونظرت لها بإستحقار، ثم وبنبرة قاتمة قالت وهي ترفع يدها لتصفعها :
-ده إبني اللي شوهتي سمعته يا ...
أغمضت هي عيناها، مستسلمة لها، لكنها فتحتها من جديد حين لم تشعر بشيء ..
نظرت ليدي جدتها وإذا بسهيل ممسك بها بقوة ..
نظرت له الجدة بغضب، وأفلتت يدها بعنف وهي تقول :
-آه ما إنت معاها، لو أنت مش عارف تربي أختك إحنا نربيها و..
قاطعها هو بنبرة نارية :
-محدش يلمس أختي، أنتم سامعين ! ، أنتم عارفين هي إتحملت قد إيه ؟
نظرت له الجدة بغضب، بينما تلوت أفواه الحاضرين بين الإمتعاض، الإندهاش، الغضب ..
تابع هو بنبرة أكثر حدة وهو يمسك يد أخته بقوة، ويشير عليهم جميعًا :
-أنتم أصلا تعرفوا يعني إيه واحدة حاولت تتدافع عن شرفها بكل قوتها ومقدرتش !
لأ متعرفوش الا أنكم تلوموها، وتتهموها بأقذر الألفاظ
أنا أختي أشرف من أي حد، أشرف من الشرف ذات نفسه، عارفين أنا ليه واثق، لأني كنت بشوفها بنفسي !
أنا كنت بشوفها وهي بتبعد عن أي راجل، بنت شريفة وعمرها ما فكرت شمال، بس أنتم اللي بتشوفوا على مزاجكم !

كانت صامتة، فقط تستمع وتبكي، ثم تبكي وتبكي،ونسيت أي شيء آخر غير البكاء ...
ولم يكن يدور في عقلها إلا سؤال واحد، ما خطؤها ؟!

-يا سهيل أنت مش فاهم حاجة، عمرك شوفت راجل بيلمس ست وهي مش سمحاله ؟
قاطع تغكيرها صوت خالتها الغاضب، فنظرت لها تستجدي صمتها، فقد تألمت بما فيه الكفاية حقًا !
أجابها سهيل بنبرة أشد غضبًا :
-وأنتي ليه متقوليش أحسن عمرك شوفت راجل بيغلط ؟!!
ليه متقوليش إن تفكيركم متخلف، يعني هي مهما دافعت عن نفسها هتكون غلطانة ؟!!!
نظرت له جدته بضيق شديد، ثم زفرت عدة مرات أثناء حديثة، وبعد إنتهائه أردفت على فورها :
-إحنا عندنا عادات وتقاليد البت تفضل في بيت ابوها وتراعي أهلها، وبعدها تتجوز عشان تخدم على جوزها وعيالها، وغير كده تبقى هي اللي بتخلي الكل يبصلها ويتحرش بيها، وأديك شوفت النتيجة، هي لطخت إسمنا بالتراب، وجابتلنا العار !
نظر لها مشمئزًا من طريقتها في التفكير، وبعد أن صمتت أجابها بهدوء مفاجئ :
-بصي يا تيتة، فيه فرق لما تكون هي بتشتغل عشان تصرف على بيتها وأهلها وفرق لما تكون عاوزة تتعاكس، بس أنتم مش هفهمو الكلام ده، لأنكم ببساطة مقتنعين إن البنت هي اللي غلطانة مهما حصل !

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن