الجزء الثاني ....الفصل الحادي والثلاثون :

Start from the beginning
                                    

....................

تسير في إتجاه الجنوب بزاوية مئة وثمانين درجة إستقامة، سكنت تعابير وجهها حديثًا، وبدأت عيناها تتخذ الرمادي لونًا ..
خطواتها محسوبة المدى، لا تسبق قدم الأخرى،
شرودها أودى بها إلى عالم آخر ..، حين خرجت وجدت الليل قد حل، فماذا حل بهم الآن ؟ سواءً كان والدها أم أخيها، ثم إنصرف تفكيرخا إلى أمور أخرى ..
كثيرًا ما كانت تتساءل كيف تثق بأنه لن يضرها، لم يكن جوابها أبدًا أنه لا يريد إلحاق الضرر بمقتنياته، أو على الأقل كما يعتقد هو !
لكن جوابها كان عينيه، بلى فلا تكذب العينين أبدًا، مرآة هي تعكس ما بالداخل، والمحافظة على جمودها لفترة طويلة لا يعني أبدًا إخفاء كل المشاعر عنها !
حين هددها بأنه سيؤذي أحد أفراد عائلتها، كانت عينيه تقول لن أفعل، الأمر لا يحتاج الكثير لتفهم أن هذا محظ تهديد أخرق !
ولن يفيده أبدًا ..
لكن هناك أمر أرادت معرفة جوابه بالفعل، لما لم تكرهه بعد ؟!
لم تشعر للحظة أنه يستحق الكره، ولم تشعر بأي شعور نحوه سوى الحنق لما يثيره من إضطراب في سيطرتها على نفسها، وخلاف ذلك تشعر بأنها تريد أن تكون أمامه كما الجليد، فقط لترد عليه الحنق الذي يسببه لها !

رفعت رأسها للأعلى قليلاً، ثم بحثت عن هاتفها في حقيبتها التي وللعجب ما تزال معلقة بين كتفاها ..
أخرجت الهاتف لكنها وجدته مغلقًا، حاولت فتحه بلا فائدة، لكنها خطر لها شيء فجأة، حينها فتحت غطاء الهاتف من الخلف لتجده منزوع البطارية كما ظنت، بحثت في الحقيبة مرة أخرى فوجدتها مهملة وحدها ...
إذًا فهو قد إحتمل إمكانية العثور عليها من خلاله ..

بعد أن ركبت أجزاء الهاتف ووضعته على أذنها لتتحدث، لم يمض أكثر من ثلاث ثوان حتى جاءها الرد بـ :
-جويرية، إنتي فين، وكنتي فين من الصبح عمال أدور عليكي و ..
قاطعته هي بهدوء :
-إهدى يا براء، أنا كويسة الحمد لله، وجاية البيت أهو، المهم بابا عامل إيه ؟!
أجابها هو بغضب :
-بقولك كنتي فين، أنا قلبت الدنيا عليكي !
تنهدت بهدوء وأردفت :
-هحكيلك كل حاجة، بس لما أرجع البيت و..
-إنتي فين الوقت وأجيلك !
نظرت حولها بضياع، هي لا تدري بالفعل أين هي، بالرغم من أنها تستطيع العودة للمنزل !
طالت فترة الصمت فقال هو بنبرة أقل غضبًا :
-طيب أوصفيلي المكان، وأنا هاجي أجيبك
ظلت تسير بلا توقف وهي تجيبه ببساطة :
-أنا مش هطول عشان أوصل، بس المهم طمني على بابا
ظهر صوته متقطعًا قليلاً وهو يردف بقلق :
-آآ عمي، طيب تعالي الأول وهقرلك
بدأت نبرتها تتغير، ثم وقت جامدة في مكانها وهي تسأله :
-بابا ماله ؟!!
تنهد هو على الجانب الآخر ورد عليها بحزن :
-أنا كنت متفق معاكي نروح سوا ولما ملقتكيش روحتلك البيت، وحاولت مبينش لعمي حاجة، وبعدها فضلت أدور ملقتكيش برضوه، ورحتلك البيت تاني، لما روحت لقيت عمي مغمى عليه على الأرض، نقلته على السرير وجبتله دكتور، قالي إن وضعه مش مستقر، وإن يبقى أحسن لو نقلناه على المستشفى، هو الوقت نايم ..
صمت ... صمت ... صمت ...
بعد أن فجر تلك القنبلة، شعر بالقلق، بالخوف، وشعر بالغباء لأنه مان من المفترض أن ينتظر عودتها أقل ما في الأمر أن يتأكد على سلامتها و..
-طيب ثواني وأبقى عندكم
قاطعت هي الصمت المهيب بجملتها الهادئة، ثم سمع صوت إنهاء المكالمة بعدها ...
نظر خلفه لوالدها النائم، ثم نظر للباب، شعر بالحيرة هل يستقبلها بالأسفل أم هنا ليراعي والدها إن إحتاج شيء ..!
حسنًا هو نائم على أية حال، ولكنه من الممكن أن يصحوا في أي وقت !
تنهد بإنهاك من كثرة ما إجتاحه اليوم من ألم وإضطراب في المشاعر ..
ثم إتخذ أول أريكة أمامه مقعدًا يرتاح عليه، وأرجع رأسه للخلف، ليوقف عقله للحظة عن التفكير، فيكفيه ما مر به اليوم !
ناهيه عن التفكير فيها الذيزخطر له فجأة، فما ردة فعلها الغريبة هذه، بالفعل دائمًا ما تجعله يحتار ...
بدى وكأنه تذكر أمرًا فجأة، فأمسك بالهاتف، ووضعه على أذنه بعد أن طلب أحدهم، ثم قال بعد فترة صمت :
-أيوة يا أبان، آه الحمد لله هي بخير، بلغ معتصم بقى
سكت قليلاً ليستمع إليه قبل أن يتابع بهدوء :
-مش عارف والله كانت فين، أول ما أعرف هقولكم
إبتسم بمودة ليردف بعدها :
-ما لو مرزلتش عليكم هرزل على مين يعني ؟!
....

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقWhere stories live. Discover now