سارت بجموح تقترب منهما وكانت المفاجأة أن تراهما يلعبان بالشطرنج ويتسامران!
-بابا !
أردفت بها بنبرة هادئة قدر الإمكان، فنظر لها والدها بإبتسامة وهو يقول :
-إيه دة عرفتي مكاني إزاي ؟!
تنهدت بإرتياح فقد شعرت أنه لم يتغير، وذاك الصهيب لم يريه شيء، لكنها لا تزال غاضبة منه، لذلك أجابته بضيق :
-بابا إنت طلعت إزاي، إنت إمبارح بس طلعت من المستشفى !
عبس بوجهه وهو يردف :
-آه بس أنا خفيت الحمد لله وزهقت من قاعدة البيت دي ..
نظرت لصهيب الجالس أمامه، وعلى وجهه إبتسامة غريبة، يتابع بها كلامها وحركاتها وما تقوم به ...
نظر عبد القدوس لصهيب وهو يقول بهدوء :
-دي بنتي جويرية،
ثم نظر لها الوالد قائلًا :
-ودة صهيب يا جوري
نظرا لبعضهما فأحسنا النظر، وكأن كلًا منهما يرى الآخر لأول مرة ...
هل يجب أن أذكر إنبهاره بها ككل مرة وكأنها الأولى ؟!
-تشرفت بيكي يا آنسة جويرية
إبتسمت له بغموض وهي تومئ رأسها
لما شعر أنها تتوعد له !
وأعجبه الأمر فتمادى وهو ينظر لعبد القدوس مردفًا ببرود :
-إيه دة يا عمي مش تقولي إن عندك بنت !
نظر له عبد القدوس باسمًا ثم نظر لجويرية وتابع :
-هتتخرج السنادي إن شاء الله من كلية الآداب ..
هل ذكرت قبلًا أنه من الممتع إثارة حنق من أمامك بسلاحه هو !
هاك قال في نفسه ..
أومأ رأسه ناظرًا لها، قائلًا :
-ربنا يوفقك
إبتسامتها تزداد إتساعًا، لم يرى في حياته من تحتد عيناه مبتسمًا ! ، لكنه رآى هذا الآن ..
تابع هو بنفس البرود :
-عمي هي متدايقة مني ولا حاجة ؟!
نظر له عبد القدوس مرة، ثم نظر لصهيب الأخرى، وقد إستشف حنقها الزائد منه، لكنه أردف مجاملًا :
-لأ طبعًا، دي طبيعة بنتي مش بتتكلم مع الرجالة
أومأ رأسه ناظرًا إليها بإبتسامة مستفزة وفاجأها بقوله :
-بس ربنا يخليهالك، تربية محترمة، البنات في السن دة ماشيين على حل شعرهم و ..
قاطعه عبد القدوس ناظرًا لإبنته التي تكاد تنفجر فيهما، فقد لاحظ تبدل لون عينيها، وتجهم وجهها، وبالطبع هو يعلم كم تكره أن يتحدث أحدٌ عنها بتلك الطريقة، وكأنها طفلة تستمع :
-ربنا يهديهم يارب

تعلم جويرية الآن ما يحاول ذاك المختل فعله، لكن السيطرة على نفسها باتت صعبة، ولكن للحق حين رأته يبتسم لها تلك الإبتسامة السمجة مرارًا قررت إما أن تتحكم في نفسها، أو تذهب من هنا ..
ألا يكفي أنها جُرت للفخ الذي نصبه هذا الكاذب !
لكن فجأة، رفعت حاجباها لأعلى مستعجبة ناظرة إلى الشطرنج أمامها، فقرر أن يحرق صهيب صبرها أكثر وهو يتابع عن والدها :
-كنا عمالين بنلعب شطرنج، بتحبي اللعبة دي ؟!
عقدت يداها ببرود وهي تنظر له، ولم تجبه حين إستدارت قائلة بصوت خفيض :
-كملوا لعب، معطلكوش
نظر لها الإثنان بدهشة، ثم قام عبد القدوس يتجه إليها متسائلًا :
-يابت إستني، كنتي عاوزة إيه ؟!
ما إن سمعت نبراته تقترب حتى استدارت قائلة وهي تقترب منه :
-بابا خلي بالك، أنا ...
إقتربت منه وأسندته وهي تعيده للمقعد مرة أخرى، بمجرد أن أجلسته عليه أردفت بعتاب :
-المفروض متمشيش كتير، بس لأ، إزاي تسمع الكلام ؟!

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقWhere stories live. Discover now