......................

مدت يدها له بالمفتاح قائلة بهدوء وهي تقف قرب منزلها :
-مش عارفة كان لازمته إيه تتعب نفسك وتصر توصلني يا عقاب، الموضوع مكانش مستاهل
إبتسم لها بود وهو يردف بنبرة طبيعية :
-أنا شوفتك تعبتي ومش تقدري تسوقي بنفسك !
إبتسمت تبادله الإبتسامة مجاملة، ثم قالت بنبرتها الرقيقة :
-شكرًا عقاب، أنا بس عشان مش متعودة على الشغل، بس متخافش شوية وهبقى تمام إن شاء الله
اومأ رأسه بنفس الإبتسامة، وسألها وهو ينظر للبيت خلفها ويقول :
-امممم أومال إنتي عايشة في البيت دة لوحدك ؟
عقدت يديها أمام صدرها، ونظرت للبيت خلفها قائلة بشجن :
-آه ما إنت عارف، بس معايا سلمى وباقي الـ servants
وضع يده بين خصيلات شعره وأرجعها للخلف وقد بدى عليه الشرود، لكنه قال فجأة :
-طب ما .. تسبيها وأنا أجيبلك واحدة تانية في أي مكان تختاريه !
الأمر أشبه بمن يعرض عليها ترك وكر الأحزان والآلآم والإنتقال إلى وكر خالٍ من النقاط السوداء، والعجيب انها كانت تفكر في الأمر ذاته البارحة !
لذلك وبنبرة بها بعض اللهفة قالت :
-آه موافقة، أنا أصلًا إمبارح كنت بفكر في كدة !
-خلاص بكرة نخلص شغل بدري، ونشوفلك بيت في مكان تحبيه و..
قاطعته بسرعة :
-طب أنا عاوزاه في مكان بين الناس، أقصد شعبي
عقد حاجباه مستعجبًا مما قالته، ثم سألها :
-شعبي !
-أيوة
-ليه ؟ ، أقصد إشمعنا !
أجابته بهدوء يخفي لمحة من الحزن إلتقطها هو :
-عارفة إني غنية، بس أنا مش عاوزة أكون لوحدي، البيت دة كان محدش بيسمعني منه حتى لو صرخت، عاوزة .. عاوزة ..
-تحسي بالأمان
أكمل لها جملتها فجأة فنظرت له حينها وأومأت رأسها تؤيده
إبتسم لها مطمئنًا إياها، وقال :
-قادرة ناو ولا تعبانة ؟!
هزت رأسها نافية على فورها وقالت :
-لأ معتش تعبانة !
حسنًا، هي تريد أن تنهي كل رابط يجمعها بذاك البيت، ومن الآن، وهو بحكمه صديقًا يريد مساعدتها لتنسى
إتجه نحو سيارته بعد أن قال لها بروية :
-طب أنا عارف شقة كويسة ممكن تعجبك، بينا عليها
ذهبت معه بدون أن تقول أي شيء، وإكتفت بركوبها السيارة معه ردًا ...
وإنطلق بسيارته بعدها مقدرًا حالة الصمت التي وصلت لها ..

هو يتذكر أنها كانت من أشهر الفتيات في الجامعة قديمًا،
يتذكر مرحها وسعادتها، لكنها إختلفت الآن ..
في السابق كان يعاملها جيدًا لكي يضمن أنها ستساعده في الدراسة، والآن هو يعاملها جيدًا ليس فقط ليرد لها الجميل، بل لأنه يريدها أن تعود كما كانت، لا لشيء فقط يريدها مرحة !

بعد القليل من الوقت كانوا قد وصلوا إلى مقصدهم ..
إرتجلوا من السيارة، ودنى منها وهو يحك أنفه قائلًا :
-بصي هي دي العمارة، عارف إنها مش في مكان راقي أوي و ..
-لأ أنا حابة كدة، تعالى نطلع نشوفها
-طيب المفتاح مع البواب، نجيبه ونطلع

بعد دقائق قليلة كانوا في داخل المنزل، جابت هي أركانه فقد أعجبها كثيرًا برغم أنه ليس ضخمًا مثل الآخر ..
وبعد أن نظرته كله أردفت بثقة :
-عجبني
إبتسم عقاب وسألها بجدية :
-يعني هاتخديه ؟
أومأت رأسها مرتين قائلة :
-أيوة عجبني، وهجيب سلمى بس معايا
-خلاص، أنا هخلص الإجراءات ومن بكرة البيت دة بتاعك
نظرت له، ثم نظرت للمنزل، فلقد أحبته كثيرًا ولم تعد تريد الذهاب إلى آخر ..
تابع عقاب نظراتها، ثم سألها بحيرة :
-كاثرن، مالك ؟
هزت رأسها نافية أن لا شيء، وكادت أن تخرج من المنزل إلا أن قال :
-مش عاوزة تمشي ؟
إستدارت لتنظر له، فتابع هو قائلًا بجدية :
-خلاص خليكي هنا النهارة، وبكرة لما تروحي الشغل هخليهم يرتبوه، بس وهتلاقي سرير جوة، وأنا هبعت أجيبلك عشاء
رفعت حاجبها بإندهاش وهي تسأله :
-هو إنت عرفت إزاي أنا إتفرجت لوحدي !
ضحك قائلًا :
-آه ما أنا شوفتها إمبارح عشانك، وكنت واثق إنها هتعجبك ..
كتفت يداها وهي تردف :
-خلاص يبقى اتفقنا، بس عاوزة عشاء جامد
ضحك الآخر وقال :
-على الأقل لسا مفجوعة زي الأول ..

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقWhere stories live. Discover now