لم يكُ هو أقل منها شدهًا وبالأخص أنه لم يظن أنه قد يراها مجددًا وقبل أن يتكلم قالت هي بتهكم بـ :
-هـه صح ما كلكم شبه بعض
ثم تبعت الكلمة بنظرة ساخطة لم تستطع إخفاءها فتعجب هو فلم تكن تلك نفس ردة فعلها في المرة السابقة ... لكنه قال أخيرًا بعدها ببرود :
-عاوزة إيه ؟
أجابته بنفس البرود وهي تحرك يدها اليمنى على مقدمة حقيبتها الصغيرة بـ :
-فيه موضوع مهم جاية أكلمك فيه...
كاد أن يسألها عما تريد إلا أنها تابعت سريعًا بـ :
-بصفتك مدير مش أكتر
صمت حين وجدها قد وأدت السؤال بداخله، ثم تقدم خطوتين وفتح باب مكتبه، وما إن دلف حتى قال بنبرة هادئة :
-إدخلي

أمسكت هاتفها قبل أن تدخل وعبثت ببعض أزاره ثم ..
ولجت داخل غرفة مكتبه، وتابعها هو وهي تدلف بعد أن إستقر على مقعده، فنظر لها وقال بإتزان :
-ها إتكلمي !
إختارت أحد المقاعد المتواجدة على الجانب الآخر من المكتب وجلست عليه، قبل أن تنظر له وتقول بهدوء :
-الوقتي امبارح موظف حقير هنا إعتدى على فيروز بنت خالتي، و..
صمتت هي قليلًا تبتلع غصة مريرة في حلقها، فقد شعرت بالألم يجتاحها حين قررت أن تقص عليه ما حدث...
لكنها اضطرت أن تتابع بنبرة أقل هدوءًا وأكثر إضطرابًا بـ :
-و إعتدى عليها بأفظع آآ...
قاطعها وهو جاحظ العين مصدومًا بـ :
-إغتصبها ؟
لم تنظر له، بل أشاحت وجهها عنه، وبأسف أردفت بـ :
-آه، و.. وأنا جيت عشان هي قالتلي من كام يوم إنك طلبت منها تحط كاميرات مراقبة في كل الدور لإنك مش واثق في نفس الموظف ده ... وأكيد اللي هو عمله متسجل فيه
هدأت قليلًا قبل أن تتابع :
-بما إن الشركة كلها كاميرات حتى مكتبه أكيد فيه فيديو يثبت الجريمة دي
عقد حاجباه بضيق وهو يردف بإهتمام :
-اممم على كدة هي بتقولك على كل حاجة، مع إن دي معلومات شغل المفروض متقولهاش !
زفرت جويرية بغضب وسلطت أنظارها المحتقنة نحوه وقالت :
-أنا مش محتاجة أبررلك لا موقفي ولا موقفها، أنا بس عاوزة الفيديو

ضحك الأخير بتهكم ..
نعم لم يضحك منذ .... لا يدري ماذا، لكنه شعر برغبة شديدة في الضحك، فلم يمنع نفسه أبدًا، وضحك ...

أرجع رأسه للخلف قبل أن يتشدق بـ :
-وأنا إيه اللي يخليني أدهولك، دا أولًا هيضر بإسم الشركة وبعدين دي حتى راحت ولا جات مجرد سكرتيرة.

كانت هي واثقة أنه يرد لها نفس الصفعة وبنفس الطريقة، لكنها لم تترك أحدًا يتلاعب بها قبلًا، ليس ما ستفعله في الآخرين تناله هي،
لذلك أخذت نفسًا هادئ حاولت من خلاله تهدأة نفسها تمامًا ووزنها.

ثم حين شعرت أنها قد بدأت بالتحكم في نفسها قالت بثبات :
-شكلك أصيل أوي، هو يخونك ويغدر بيك وإنت تدافع عنه !
إشتعل الأخير غضبًا إثر كلمتها تلك، لكنه كان مضطرًا لإحتمال ذاك الغضب فقد أصبحت الآن حربًا مشادية بين طرفين، كلًا منهم يأبى الإستسلام...
والجائزة هي إخراج الآخر عن طوره !

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقWhere stories live. Discover now