الفجر التاسع

6K 195 40
                                    

ماذا يفعل هنا ؟

لا يعرف !..

 

حتى أن نظراته المتسعة ترتفع للمبنى الضخم أمامه ذهولا من نفسه ومن تلك الخطوة التي اتخذها في لحظة لا يتذكر أبعادها بشكل تام أو حتى كيف قررها ..

 

لكنه أتى بملء إرادته رغم كل شيء

أتى للشركة بعد أن أخبره نادر المنصوري بنفسه أن يتقابلا هناك بعد انتهاء الدوام ورحيل الموظفين .. وقد لبى .. ها هو لبى ووصل مترجلا من سيارة الأجرة قبل قليل يبتلع ريقه بصعوبة والتردد ينتابه مجددا بعد أن نجح في قتله بعد مصارعة معه لساعات طالت .. ساعات أنهكته .. لا يذكر يوما أنه أرهق نفسه في الصراع مع فكرة مثلما فعل اليوم .. لتفز صورة المرآة ببشاعتها أخيرا مخرسة أي صور عداها ..

 

أغمض فجر عينيه يضم قبضتيه ..

قراره خطأ ؟ .. نعم هو خطأ وجارح له بل قاتل .. لكن على الأقل هو يقدم شيئا ليأخذ المقابل .. ليست صدقة من أحد وإنما صفقة .. مجرد صفقة بشعة منفرة لكنها تظل صفقة ..

 

وعند الخاطرة الأخيرة صرع تردده الذي يحول بينه وبين صعوده من جديد بشيطانه .. فاتخذ أولى الخطوات داخلا الشركة يصعد حيث مكتب المنصوري .. امتدت يده للأخرى المضمدة يتحسسها متذكرا بشكل ضبابي كيف كان جالسا على الأرض ينظر للدماء النازفة من يده المجروحة بضربة المرآة فيمد الأخرى السليمة بشكل آلي بعدم تفكير لهاتفه يطلب نفس الرقم الذي طلبه بالأمس .. ليأتي صوت نادر غامضا " كنت في انتظارك "

وكأنه متأكد من موافقته بديهيا !

وقد وافق فجر وهو يخبره بصوت مبحوح به كسرة نفسه " أين أقابلك ؟ "

 

وها هو هنا .. أمام مكتبه يطرق الباب وقد رحلت السكرتيرة أيضا كما الأمس ..

 

كان نادر واقفا أمام الشرفة الزجاجية العريضة مراقبا الشوارع بالأسفل .. يوجه ظهره لفجر فزم الأخير شفتيه وهو يدرك بفطنة أن نادر يعطي له صورة أنه المسيطر هنا صاحب الكلمة .. فابتسم ساخرا بداخله .. غبي إن اعتقد أنه سيعطيه شعورا بكون فجر محتاجا .. بل هي صفقة لا يعلوه شأنا فيها أحد !

أليس تلك أحد أسباب قبوله ببيع نفسه .. ألا يخضع لأحد !

 

فجري أنت ، بقلم آلاء منيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن