إنها أقدار الله كتبها على القلوب .. فتتآلف ولو بنظرة !
التجمد الذي أصاب سلطان للحظات أمامها جعل ابتسامتها تفتر تحت نقاب وجهها حتى اختفت وهي تلاحظ ملامح الصدمة الواضحة على وجهه لسبب مبهم ..
صامتة تطالعه بتعجب ظهر في عينيها المسلطتين عليه فتنحنح عندئذٍ يطرق بنظراته متمالكا نفسه في اللحظة التالية .. ثم عاد يرفع خضراويه إليها معرفا بصوت رخيم بطيء بعض الشيء وهي يدخل المكتب الصغير " سلطان الجوهري .. والد الطفلة سلمى "
استطاع تمييز عودة ابتسامتها المتزنة من عينيها وهي تومأ له بإدراك قائلة " نعم أهلا بك " ثم بخطوات غير مسموعة الوقع وكأنها بالكاد تلامس الأرض غادرت وراء المكتب بقامتها المتوسطة الطول والتي يبتلعها فستانها الرقيق الواسع متوجهة لأحد الكراسي عليه حقيبة تعرف عليها بأنها لابنته وهي تشرح " لقد أتت السيدة دنيا صباحا وتركت حقيبتها وأخبرتنا بقدوم حضرتك لاصطحابها هذه المرة " حملت الحقيبة وانتقلت حيث مكانه تضعها أمامه على المكتب البني الخشبي مردفة بصوت رغم نعومته الأنثوية الطبيعية لكنه ثابت قوي النبرات " من الجيد أن تأتي لاصطحابها كأب من فترة لأخرى سيد سلطان "
ضيق عينيه وهو يركز بمبالغة لم يقصدها على عينيها الظاهرتين لكنه لم يربكها بينما يسأل عفويا " لماذا ؟ "
" لأنك أبوها " أجابته ببساطة فرد مقتضبا " أنا منشغل معظم أوقاتي وطفلتي تعيش مع أمها "
هزت كتفيها وهي تجاوبه ببساطة أكبر " لا زلت أباها .. هي مجرد نصيحة حاول أن تظهر أكثر في محيط ابنتك .. فهي في الروضة منذ أشهر طويلة ولم نرك إلا الآن " أنهت كلماتها وتحركت تكمل " تفضل معي سأصطحبك إليها "
اتسعت عينا سلطان ذاهلا من توجيهاتها التي حملت شيئا من .. التوبيخ !!!
فحمل الحقيبة ببعض الغيظ وتحرك ورائها متمسكا بهدوئه فقطعا لن يدخل بثرثرة نساء متفذلكات !!
أخذته انتصار حيث إحدى الغرف التي تحوي الكثير من الأطفال يجلسون متراصين يشاهدون بتمعن أحد الأفلام الكارتونية ضاحكين بين حين وآخر .. تنبهت سلمى لقدوم والدها فنهضت بحماس صارخة " بابااااااااا "
ابتهج قلب سلطان برؤياها وانحنى يحملها بين ذراعيه ليخرج بها من الغرفة .. يشمها ويقبلها باشتياق لم يخف على عينيّ انتصار المتابعتين لما يحدث ببعض العطف .. فهي تعلم بحكم عملها بأنه وزوجته منفصلان والطفلة تعيش مع أمها .. وهذه الفئة من الأطفال يجلبون العطف لقلبها .. فلا أصعب من أن يُجبر طفل على فراق أحد والديه
أنت تقرأ
فجري أنت ، بقلم آلاء منير
Romanceماذا يحدث عندما تتلاقى سمو المبادئ مع دنيا الرغبات ! عندما تضعك الحياة بين اختيارين أحلاهما علقم .. عندما تُخير بين فقد من تحب أو .. فقد نفسك ! أقدم لكم عملي الثاني والأكبر .. رواية تجمع بين الشيء ونقيضه .. تحمل نكهة بيوتنا البسيطة .. وفيها من القصص...