الفصل التاسع عشر

ابدأ من البداية
                                    

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سند نجم ظهره علي الباب يستمع إلي صوت صياح فهد من الأسفل ليضغط علي دفه شفتيه يكبت ضحكاته بصعوبة بالغة ..... كم يعشق آثاره غضب أخيه .... و لكن ما استوقفه صوت شهقات مكبوته اتيه في آخر زوايه في الجناح ليقطب جبينه قلقلًا و لا يعلم لما اثارت تلك الشهقات قلقه يشعر أن الصوت ليس بغريب عليه و لكن ... لما تبكي والدته ليتقدم إلي الداخل بخطوات مثقولة و كلما أقترب أزداد حده الصوت و قوته ليبتلع لعابه بتمهل يستمع إلي دعاء والدته وهي ساجدة أرضـًا في صالتها تتمتم بصوت مناجي لربها:-
- يا رب إرحمني من الوجع اللي في قلبي ده
... أنا مش قادرة أتحمل كل اللي عملته فيهم .... أنا خسرت كثير أوي في حياتي أنا ولادي الأربعة راحوا مني .... أنا ضيعتهم من أيدي ... كبروا و أنا مش معاهم و سندهم دوقت اللي دوقته لـ يــم من حرمان بس أنت عارف إني مش بقصدي مش بأيدي .... عمره ما هيسامحني ... حتي فهد كبر و أنا اللي كنت فاكرة نفسي معاه اتريني معرفش أي حاجة عنه .... يا رب إرحمني بقي

أغمض أعينه محاولًا تمالك وتيرة أنفاسه التي ارتفعت كم يرغب في البكاء الآن .... هل أخيرًا رأت ما هم عليه .... لم تعوض أحدهم بأي شيء بسبب ذلك الذي يدعي يـامن تدمرت احلامهم واحد تلو الآخر شتت العائلة لسنوات بفراق فهد و سفر يـم و بقائه وحيدًا بفترة ليست وجيزة الآن تراه أنه هو لم و لن يكون مسخ لشبيه شكلًا ... و لكن لم يستطع أن يراها بتلك الحالة ... ليقترب منها يجثو علي ركبتيه أرضـًا يضع يديه علي ظهرها ... بينما هي و عندما احست بوجود أحد معها كبتت شهقاتها تسارع بختم الصلاة
ليراقب نجم ما تفعل بأعين دامعه من فرط حزنه عليها و لا يعلم ما بها ... ليجدها تختم الصلاة بقول « السلام عليكم و رحمة ﷲ » ... تلتفت إليه بوجه متصبغ بالاحمر من أثر بكائها ... و ارتسمت ابتسامه نقيه فوق شفتيها فور رؤيته تضع يديها علي وجهه تتلمسه بهدوء لترتشع شفتيها تحاول كبت بكائها ليردف بصوت مهتز:-
- مالك

ادمعت أعينها تحرك رأسها رافضة وهي تطلق همهه تحاول بلع تلك الغصه لتجده يمسك يديها يضغط عليهما بخفه يردف بصوت دافئ استشعرته في نبرة صوته:-
- أنا عارفك ... عمرك ما كنتِ بالمنظر ده حتي في عز تعبك ... إيه اللي مخليكي حاسه بالذنب أوي كده إيه الحمل اللي نفسك ترتاحي منه و بتدعي ليه بالمنظر ده
أنا سندك أنا عكازك اللي تستندي عليه أنا إللي اتخلقت عشان ابقي تحت رجلك و أمرك .... و مهما تعملي عمري ما احاسبك عليه عشان مينفعش أنتِ أمي بنتي الأولي اللي كان يـم دائمـًا يقولي عليها

و عند ذكر اسم " يــم " و اااه من يــم انفجرت باكية مثل الطفلة الصغيرة تتعلق في رقبه نجم تشتد عن عناقه تردف بقهر:-
- أنا تعبانه أوي يا نجم تعبانه أوي .... مفهتمش معني الكلمة اللي كان بيقولها يـم غير دلوقتي أنا قلبي واجعني أووي عالج قلبي .... روحي بتصرخ من القهر أنا معلمتش حاجة عشان استهالكم في حياتي بس خسرتكم خسرتكم من قبل حتي ما امتع عيني منكم .... أنا نفسي أوي أشوف يـم و امتع عيني منه أقوله سامحني علي كل اللي عملته فيك أقوله فوقت بس متأخر
أقوله لو ادفع عمري كله عشان اخدك في حضني برضاك قبل ما أموت .... أقوله أني عمري ما حبيت حد أكتر منه
أقوله إن اللي مخلفش اولاد زيه يبقي عمره ما هيلاقي سند ... أقوله ياريتك ما كبرت يا أبن مني عشان ساعتها مكنتش هسيب وقت غير لما اقضيه معاك

جُ1 بحر النسيان   جُ2 قَيصر قَصرها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن