الفصل 88(الجامعه، والتعارف)

33 3 2
                                    

في تلك الساعة الحالكة قبل الفجر، حيث يترقب العالم بصمت أولى خيوط النور، كانت القاهرة تغفو تحت غطاء الليل. في منطقة ورد الياسمين، حيث الهدوء يعانق الفيلات الشامخة، والكمبوندات الفخمة،كانت سوجو تجلس وحيدة. حجابها الأسود المنسدل كظلال الليل على كتفيها، وعيناها الغارقتان بدموع الأسى تعكسان صراع الروح والقلب. كانت ترتدي قميصًا أبيض يشبه لون البراءة التي فقدتها، وكانت تنهار تحت وطأة الغموض والخوف.الدموع تنساب من عينيها بصمت، وقلبها يعتصر ألمًا وحيرة. لم تكن تشعر بأحد حولها، فقط يدها على قلبها تنبض بالأسئلة: "أين هن؟ من منهن رحلت؟"صرختها تملأ الهواء: "أين هناك؟ أين أصدقائي؟ من منهم قُتلت؟" كانت تسأل نفسها، والألم يلتف حولها كالضباب الكثيف.

زين، بقامته الطويلة وعينيه الحادتين، كان يقف كالصخرة في وجه العاصفة. كان يرتدي معطفًا داكنًا يحميه من برودة الفجر القارسة، ولكن لا شيء كان يحمي قلبه من الألم. كان ينظر إلى سوجو بعينين تحملان بحرًا من الحزن، وكأنه يودع حبًا عظيمًا.

 حزين على زوجته ياسو، وقف مكتوف الأيدي. كانت المكالمة من عاصم قد أشعلت في قلوبهم نار القلق. كانوا جميعًا ،عاصم، الذي كان يتحدث معهم عبر الهاتف، أخبرهم بتجهيز المقابر في ورد الياسمين. كانوا في طريق العودة إلى مصر، وأمامهم ساعات طويلة قبل أن يصلوا. كل شخص في الطائرة كان يحمل قلبًا مثقلًا بالحزن والشك. من سيكون الذي سيُدفن؟ والطائرة تحملهم فوق السحاب، ولكن الأرواح كانت تحلق في مكان آخر، تبحث عن الأجوبة.

الجميع جلس على الأرض، ينادون الله بصوت واحد، يطلبون عودة أحبائهم. الخوف والحيرة تملأ العيون، والقلوب تتساءل: "من منهم سيُدفن؟"

الشباب والأهل كانوا يتجمعون كالأشباح، وجوههم شاحبة وأعينهم تائهة في متاهة القلق. التعب يرسم خطوطًا على محياهم. كل واحد منهم كان يحمل في قلبه دعاءً صامتًا، يرجو السماء أن تعيد إليهم من يحبون.

 زين، الذي كان يعلم في قرارة نفسه أن ياسو قد فارقته، كان يحاول أن يكذب على قلبه. دموعه كانت شاهدة على الحب الذي فقده. احتضن أسر، الذي كان ينادي باسم دقهليةبصوت مكسور، ولم يعرف كيف يخبره أنها بخير. فهو لم يكن يعلم شيئًا، 

وفي تلك اللحظة،حيث يتلاشى الظلام ليفسح المجال للنور، كانت سوجو تنهار وتسلم نفسها للغمامة السوداء التي غلفت قلبها. زين، بخطوات متثاقلة، حملها إلى الغرفة حيث الأمل ينتظر بصبر. رؤوف، بصوته الهادئ ونظراته الواثقة، أخبر الجميع بأن سوجو ستستفيق قريبًا، وأن الحياة ستعود لتنبض في عروقها مرة أخرى.

وفي عالم الخيال الذي لجأت إليه سوجو، كانت الذكريات تعود بها إلى ذلك اليوم المشمس في الجامعة، حيث كانت الضحكات تملأ الأجواء، والأصدقاء يتعانقون في وداعة القلوب.

 أنياب الورد🌹الروايه الاولى  من سلسلة روايات (ورد الياسمين)/بقلم  Gasmin khaterWhere stories live. Discover now