الفصل 83(اعتراف، وحقيقه)

34 2 4
                                    

كانت السماء مزينة بالنجوم البراقة، والقمر يتلألأ في عنفوانه، مُضيءًا الأرض بنوره الفضي. الهواء الليلي كان يحمل نسمات باردة وعليلة، تُراقص أوراق الأشجار بلطف، مُعلنة عن نهاية يوم وبداية حياة جديدة لسوجو كعروس. ومع وصولها إلى الفيلا، كانت الأضواء الخافتة تتلألأ في الحديقة، مُضفية جوًا من السحر والغموض، بينما الصمت يُحيط بالمكان، مُعززًا إحساس السكينة والهدوء.

بعد أن أوصلوا سوجو لفيلتها، دخلت سمسم مع أخواتها الفيلا ليستريحوا قليلاً ويستعدوا للغد. في هذا المساء الهادئ، حيث يلف السكون المكان، استلقت على فراشها، تتأمل النافذة المفتوحة حيث تزين السماء بالنجوم اللامعة كألماس متناثر في بحر الظلام اللانهائي. قامت واتجهت نحوها، تتنفس الهواء الليلي بعمق، تائهة في دوامة من الأحاسيس المتضاربة. كانت الفيلا تقبع في صمت، مثل قصر مهجور، لم تعرف ما الذي أصابها، لماذا يخفق قلبها بشدة، كأنه لم يعد يخصها. كانت الغرفة تغمرها ظلال الليل، زالت الابتسامة عن شفتيها، وحل محلها الحزن العميق وهي تسترجع ذكريات حمزة والأيام التي جمعت بينهما بحب عميق. كانت النجوم تراقبها بصمت، أغمضت عينيها، تعود بذاكرتها إلى أجمل أيامها معه، لكن الغريب أنها رأت محمود في خيالها، لا حمزة. فجأة، كان القمر يختبئ خلف سحابة، فتحت عينيها بذعر، وهي تضرب إطار النافذة بيدها. أحست ببرودة الزجاج تلامس أطراف أصابعها، دخلت الغرفة وأغلقت النافذة وأنزلت الستائر، تحاول النوم لكن صورة محمود تسيطر على تفكيرها. كانت الستائر ترفرف بخفة مع نسيم الليل الأخير، طار النوم من عينيها، وهي تفتح الشرفة الصغيرة بغرفتها وتجلس بها، تطالع السماء وهي تستند على ذراعيها المعقودتين على سور الشرفة. كان الفجر يتسلل ببطء، لم تعرف متى غلبها النوم، فقد غفت في مكانها حتى جاء الصباح وأشرقت الشمس في عينيها. أيقظتها أشعة الشمس الدافئة، دخلت إلى الحمام وأدت روتينها اليومي من الصلاة والاستحمام وتغيير الملابس. كانت الفيلا تستيقظ تدريجياً مع أصوات الطيور، وبعد الانتهاء، نزلت إلى الأسفل لتعد الطعام للإفطار مع الشيف في الفيلا. كانت رائحة الخبز الطازج تملأ المكان، وبعد أن انتهت، صعدت لتوقظ أخواتها، تنادي عليهم بصوتها الدافئ كنسمة صباحية تحمل معها بشائر يوم جديد.

كان سليم يقف خلف نافذة غرفته، محتجبًا في ظلال الغرفة الخافتة، يراقبها وهي تقف في شرفة فيلتها، تلك الشرفة التي كانت تبدو كجزيرة من السكينة في بحر الحياة الصاخب. كانت الأضواء الخافتة تنعكس على وجهه، مُظهرةً تقاسيمه المتأملة. أبعد نظره عنها للحظة مع دخول أخته إلى الغرفة، التي وقفت بجانبه ورأت سوسو في الفيلا المجاورة، حيث الضوء الخافت يلفهما كهالة من السرية، تجلس مع أخيها مراد في الحديقة. كانت الأشجار تحيط بهما كحراس صامتين. أخبرته بالتجهيز بسرعة ليلحقوا بالركب، وهبط بجوارها مع أخوته علي ورؤوف. كانت تنظر إلى أخواتها بفخر، فهم ثلاثة رجال جذابون وأنقياء، كأنهم فرسان من زمن الشرف والبطولات.

 أنياب الورد🌹الروايه الاولى  من سلسلة روايات (ورد الياسمين)/بقلم  Gasmin khaterWhere stories live. Discover now