الفصل الثاني🌹(الوداع الأخير)

221 26 0
                                    

تقدم زين نحو الغرفة الذي كان يرقد فيها أحمد للمرة الأخيرة. كانت خطواته ثقيلة، محملة بالوجع والحزن.

دخل الغرفة ببطء، واقترب من جثمان صديقه الذي كان يرتدي زيه العسكري الملطخ بالدماء. مدّ يده المرتعشة نحو جيب أحمد، وأخرج منه الورقة التي تركها له.
قبل رأس أحمد للمرة الأخيرة، وودعه بدموع حارقة لم تتوقف عن الانهمار.
شعر بثقل الفراق في كل جزء من كيانه، وكأن الروح تغادر جسده مع رحيل أحمد.

أمسك بالورقة بيده المرتعشة، كانت مبللة بالدماء، وخرج من الغرفة بخطوات مثقلة نحو القطاع.

لم يكن قادراً على فتح الورقة في البداية، كان خائفاً مما سيجده بين السطور.
لكن في النهاية، استجمع قوته وفتحها ببطء.
بدأت عينيه بالقراءة، بينما كان قلبه يخفق بقوة مع كل كلمة.
في البداية، قرأ الآية القرآنية:

"بسم الله الرحمن الرحيم.
(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون ۝) صدق الله العظيم."

شعر زين بوخز في قلبه، وكأن أحمد يخاطبه من مكان بعيد، يطمئنه أنه ما زال موجودًا بطريقة ما. استمر في القراءة، وكل جملة كانت تنحت في روحه، تاركة آثارًا لا تمحى:
"حبيت أبدا كلامي بها علشان ديما تفتكري إني ديما معاكي، ودا مش كلامي دا كلام ربنا سبحانه وتعالى. عاوزك دايما تكوني متأكدة إني هكون معاكي في كل لحظة موجود؛ في قلبك وعقلك، وموجود في ذكرياتنا سوا، موجود في كل مكان في بيتنا. وكمان سيبلك نسخة مني ابننا، مش انتي دايما تقولي إنه نسخة مني؟ خالي بالك من نفسك ومن آسر وكمان أنا بعتذر عن كل حاجة قصرت فيها وعن أمي."

كان زين يشعر بدموعه تتساقط على الورقة وهو يقرأ كلمات أحمد، كل جملة كانت تزيد من ثقل الفراق عليه. أكمل القراءة:
"أنا آسف يا إيماني، أنا عارف إني غلط. أرجوكي سامحيني ما كانش لازم أخيرك بيني وبينهم. بس ما كانش في إيدي حاجة وقتها، الاختيار كان صعب بينهم وبين أمي، وأنا مش هقدر أشوفهم يهينوها وأسكت؛ حتى لو أمي هي اللي غلطانة. هما ما تخلوش عنك زي ما انتي فاهمة، أنا كذبت عليكي وعليهم للأسف. كنت مفكر دا في مصلحتك، لكن لقيت نفسي بضرك وبسلمك لأمي وأختي يؤذوك، وأنا مش عارف حتى أساعدك ولا أجبلك حقك. أيوه عارف إنه الوقت تأخر على الكلام دا وعارف قد إيه هما تعبوا علشانك، بس كمان عارف إنهم أول لما يعرفوا إني موت مش هيتأخروا عندك لحظة ولا على ابننا وهقدروا يعملوا اللي ما قدرتش أعمله. سامحيني وقولهم سامحوني."

شعر زين بالألم يعتصر قلبه أكثر مع كل اعتراف يخرج من سطور أحمد، وعينيه تتسعان بينما يكمل:
"كمان أنا قلت لهم إن ابننا مات، وأنا اللي قلتلك تأجهيضي، وإني مش عاوزه. عارف إني كذبت عليهم، قولهم يسامحوني، وانتي كمان سامحيني. قولهم ابننا عايش، وكمان سميته آسر، زي ما كانوا عاوزين."

 أنياب الورد🌹الروايه الاولى  من سلسلة روايات (ورد الياسمين)/بقلم  Gasmin khaterWhere stories live. Discover now