الفصل 74(عودة آسر)

20 3 9
                                    

بين الحب والكره، والخوف والأمان، والحياة والموت، والإرهاق والاسترخاء، توجد ثانية. في لحظات بسيطة، أو ثوانٍ معدودة، ينقلب الحال. هذا ما كان يشعر به كلاهما في السيارة؛ فالخوف، الرعب، الكره، الإرهاق، كان حالهم. يتمنون أن ينقلب للأفضل، ولكن ما هي إلا ثوانٍ، وسوف يصل لوجهته، حيث تكون جدته. يجاوره زين الذي يقود السيارة، شارد الذهن، قلبه ينبض بوجع بين حبه لها وكرهه لضعفه في ابتعادها؛ كان كطائر جريح، كان يحلق يومًا في السماء الواسعة، وفي لحظة سقط على الأرض، يمشي بجانب الحوائط خوفًا من إيذاء الناس. فكان هذا حال قلبه الجريح. يُطالعه آسر كل حين وآخر، ويرجع ينظر للخارج عبر نافذة السيارة. يتذكر دموع الحاجة فاطمة عندما رأته ينزل مع زين يودعها، وحزن الجناوي وهنية، يطالعهم بعيونه الدامعة متمنيًا العودة مرة أخرى، لكنه اتخذ قرارًا بعدم الخوف. يعلم أنه أمر صعب، لكن عندما تأكد أن أصدقاء والدته موجودون، سوف يحاول الوصول إليها، ليسألها: لماذا تخلت عنه؟ لماذا صدقت كلام جدته؟ يخبرها بما فعلته جدته بأمه. ولكن في سوهاج لم يخرج، ولم يُتح له الفرصة، لم يضيعها مرة أخرى وسوف يبحث عنهم.

بعد وقت طويل أُرهق فيه الاثنان من التفكير، والمسافة التي باتت أضعافًا. يصل أخيرًا ويصعد للشقة ويدق زين الباب. فكانت عايدة حبيسة غرفتها، لم تشفَ من التهيؤات التي سوف تؤدي بحياتها إلى الهلاك، ترتعب عند سماع صوت الباب، ظنًا منها أنه فخ كما يحدث كل يوم. سمعت رنين هاتفها الذي ابتعدت عنه. فكلما أمسكته وقرأت، يسري الرعب في جسدها. لم تعرف أن زين هو الذي يهاتفها، ظنت أنه المجهول، وما كان غير شرم التي كانت كابوسها في كل ليلة.
تتجه نحو الباب عند سماع صوت زين، تقترب وتسأله من خلف الباب لتتأكد.


"مين؟"

يرد عليها بقلق من تأخرها:

"أنا زين يا أمي."

تفتح له وعلامات الذعر تحتل كيانها، يطالعها باستغراب وحيرة وهو يهم بسؤالها:

"في إيه يا أمي، مالك؟ أنتِ كويسة؟"

عايدة:
"أيوه كويسة، اتفضل."

أردفت بها وهي تشير له حتى يتقدم، فظهر من وراءه آسر، الذي ارتعبت عند رؤيته. كان يطالعها بغضب، فكانت مفاجأة كبيرة عليها، وأعصابها لم تتحمل.

يدخل بعد زين ويجلس جواره. وهي ما زالت عند الباب تغلقه، وتتقدم ببطء، وهي تتكئ على أثاث المنزل. لم تحملها قدمها من الخوف.
يقترب زين منها ويسندها وهو يواسيها. ظن أن حالتها عندما عرفت بخيانة عيسى وإعدامه، لا يعرف أنها تخاف على نفسها، فهلاكها حان ولم يبقَ إلا القليل.

 أنياب الورد🌹الروايه الاولى  من سلسلة روايات (ورد الياسمين)/بقلم  Gasmin khaterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن