♥️الواحد والعشرون♥️

Start from the beginning
                                    

دفع الباب بقوة هادرًا بغضب أعمى (سكينة)
انتفضت سكينة في زعر مرتجفة من نبرته وصوته العالي الذي ينبيء بعاصفة قوية على وشك الهبوب، طالعتهما بنظرة مزعورة وهي تلملم جسدها بذراعيها تحتمي بالا شيء، اما عاليا فانكمشت في حرج بالغ من مجيء والدها وصراخه.. وحدها ورد كانت ثابتة كالطود، هادئة بصبر مستهينة من فعلته، أقترب عاليا وضمت سكينة تهدئ من روعها (متخافيش)
وقفت ورد بكل هدوء مستغفرة ربها بل أن تتجه ناحية صندوق قريب، مالت وفتحته أخرجت منه سلاح زوجها وشددت على الفتاتين بحدة (متطلعوش)
هزت عاليا رأسها وقد أصابتها عدوى زعر سكينة بعدما رأت ما تنوي ورد فعله، متخيلة ما قد يحدث.
خرجت ورد تتعجز على سلاح زوجها قائلة بقسوة وبأس(خير يا أبو سعد جاي كِده)
صرخ رفعت وهو يتقدم تجاهها في غضب (فين بت المحروج سكينة)
سألته ورد بصبر وحزم (عايز منها إيه.؟)
قال وهو يرمقها بفجر وسواد (رجعت الأرض واد المركوب هشام.؟)
تنفست ورد قائلة بصبر (حجها واتنازلت عنه وحجهم ورجعلهم)
صرخ فيها وهو يحاول التقدم أكثر (مفيش حجوج، كلب زي دِه مكانش لازم ياخد حاجه ولا ولدك راجل كان أدبه مش يرجعله أرضه)
رفعت ورد السلاح وأشهرته بوجهه قائلة بصلابة (ولدي راجل غصب عنك، وخطوة واحدة متتجدمهاش يا أبو سعد)
مال فمه بسخرية بغيضة وهو يهتف يسخر من فعلتها رغم ارتجاف داخله والرهبة التي زرعتها فيه (نزلي يا أم حمزة لتتعوري)
أطلقت ورد عيارًا ناريًا جانبه وهي ترفع حاجبها قائلة بتحدي (جولت مكانك ولا خطوة زيادة)
اهتز ثباته حين وضعت تهديدها حيذ التنفيذ وصوبت بجانبه، قال بغضب (عايز سكينة)
اطلقت واحدًا آخر تحت أقدامه قائلة (امشي من هِنا  عشان التالته هتبجا فجلبك ونخلص عشان إنت لو راجل زين متجيش فغياب راجل البيت زي الحرامية)
خرجت عاليا من الحجرة بعدما وصلتها كلمات ورد، خافت من أن تتازم الأمور فقالت بإرتجاف متوسلة (خلاص يابوي الله يخليك خلينا نمشي)
صرخ بها مستنكرًا (إيه جابك هنا يا واكلة أمك)
منحت عاليا ورد اعتذرًا بنظراتها واندفعت تمسك بذراع والدها تسحبه في قلق ورجاء (يلا يا بوي.. جيت أطمن على بت عمتي)
هزت ورد رأسها قائلة (غور من هِنا ميستحجش ولدي يتأذي بسبب كلب زيك)
تأملها رفعت بنظرة وقحة وهو يقول (طب جولي للشملول ولدك إني مش هفوتله حاجه)
غادر رفعت بعدما توسلته عاليا خجلةً من أفعاله، سحبته باكية فخرج وهمت ورد بإغلاق الباب خلفه جيدًا مستغفرة تلتقط أنفاسها بصعوبة داعيةً (منك لله يا رفعت)
خرجت سكينة من حجرتها راكضة ناحية ورد التي فتحت لها ذراعيها وطمأنتها بحنو (متخافيش لو كان جربلك كنت هجتله)
بكت سكينة بأحضانها معتذرة لها:(حجكم عليا..)
سحبتها ورد لتجلسا بعدما رمت سلاحها جانبًا قالت لها بتنهيدة تعب (وافجي يابتي خلينا نخلصوا من شر عمك، ولدي مش هيرضى يمشي ويسيبك ولا عمك هيسكت)
ضمتها سكينة بقوة، لتربت ورد فوق ظهرها وهي تطلب منها برفق (متجوليش لحمزة الي حصل أنا مش ناجصة)
همست سكينة وهي تتشبث بها في قوة (مش هجول)
نهضت ورد قائلة وقد شعرت ببعض التعب (تعالي بجا جوه علشان ضغطي شكله اترفع وربنا يستر)
غادرتا للحجرة تمددت ورد فوق الفِراش بإنهاك تجاورها سكينة جالسةً تراقب حالتها بخوف، مالت وطبعت قبلة امتنان فوق رأس ورد وبعدها عادت نهضت وعادت لشرودها أمام النافذة.
**'********
قبل العشاء
جاءت مودة مثقلة بهمومها، تتعثر في المحن، تبدلت لأخرى غلبها الهم وكلل نظراتها الحزن، طرقت الباب مستأذنة الدخول فوقف يرحب بها بإبتسامة رقيقة وصدر رحب (إزيك يا مودة تعالي)
شكرت له وقوفه بجانبهم وشعورها بأنها محمية الظهر، يمكنها أن تعتمد عليه وتُثقل عليه كيفما شاءت، قالت بعد السلام (أمي تعبانة يادكتور تعالى شوفها)
سحب هاتفه قائلًا بقلق (مالها ألف سلامة كانت كويسة.؟) أوضحت مودة بتنهيدة يأس (سخنة وتعبانة الدور شد عليها)
مازالت الأخرى منكمشة فوق الفراش، يصلها صوت حمزة وأختها فتتجاهل وتعزل نفسها خلف جدران اللامبالاة، وأحيانَا تتوتر وتقضم أظافرها بإرتعاش متضايقة، تتابعها ورد بنظراتها في إشفاقٍ وحنو مدركةً أن الصغيرة  تغار بشدة على ولدها لكنها تغالب كل ذلك رافضةً هذا الشعور ، تنفست بقوة تُعبّق رئتيها بالهواء علها تستعيد ثباتها وجزءًا من هدوئها الذي يتبعثر كلما استمعت له بنبرته التي تغدغها وحُلمه الذي يسحرها.. زاد توترها فهتفت ورد تنقذها مما هي فيه (جومي ياسكينة اتوضي واجهزي لصلاة العشا يا حبيبتي)
رمقتها بنظرة مترددة، لكنها وجدت في طلب ورد عذرًا للقيام والخروج ورؤية مايحدث بالخارج، نهضت مستقيمة نفضت الدثار وخرجت، حينما فتحت البابة توقف حمزة مكانه رافضًا التحرك في أعقاب مودة كما وعدها، ووقفت مودة حائرة تنقل نظراتها بينهما في قلق، لا تفهم سر وقوفه المفاجيء صرفها حمزة قائلًا بعذر (هجيب جهاز الضغط بتاع أمي وأحصلك يا مودة)
غادرت مودة بطاعة، لم يدر في خلدها أنه أراد رؤية الأخرى التي تمنع نفسها عنه وتنزوي بالحجرة رافضةً مقابلته واللقاء به حالتها تزداد سوءًا، استدار على الفور يأخذ حصته منها يتزود من عينيها ويرتشف ترياق حبها ليشفى قلبه العليل وينهض متابعًا من عثرات إفتقاده لها.. إلتهم المسافة بينهما ومازالت هي حائرة لا تبرح عتبة الباب متوترة للغاية ومرتعشة بوهن وضعف، إرتدى سترته الخفيفة فوق التيشرت وأغلقها هامسًا بإبتسامة انحنى لها جمودها(أخيرًا طلعتي وحنيتي على صاحبك بشوفتك الي ترد الروح دي) رفعت نظراتها مبهورة بما تسمع متعجبة من قوله الرقيق الساحر، في كلماته تعويذة ساحرة تتلى على قلبها فيتبعه وترفع نظراتها إليه مُسيرةً،سألها (محتاجة حاجه.؟ نفسك فحاجة.؟ عايزه أكل.؟)
همست بخجل وهي تطأطأ رأسها: (لا شكرًا، كنت رايحه أتوضا)
ضمها بنظراته الحنون هامسًا :(طيب كويس، هشوف عمتي مالها وأرجع عايز اتكلم معاكي، بجالك يومين مش راضيه تجابليني وأنا مش عايز أضغط عليكي)
قطبت مستفهمة بحدة غلبتها(عايز إيه.؟)
ابتسم برفق ولين، متقبلًا مزاجيتها السوداء بصبر (لما أرجع بجا) غادر وتركها واقفة مكانها تشيّع ذهابه بقلب يدوي بقوة، رحل قلبها معه مفارقًا روحها وبقيت هي تنتظر أن يأتي لتعرف ماذا يريد.
توضأت وعادت لتجاور ورد، تلك المرة تمددت واضعة رأسها فوق فخذي ورد التي ابتسمت لها واحتوت شتاتها وضعفها مُرحبةً، تتركها تفعل ما تشاء وقتما تشاء، ملست ورد فوق جبهتها تاليةً الأذكار والآيات التي لم تشفع للأخرى أو تحاجج غيرتها التي تزداد على عزيز قلبها الآن، تحادث نفسها، لابد أنه يجلس مع مودة ووالدتها يبتسم كعاته ابتسامته الرائعة،يحادث مودة بلطف زائد وتقدير، يسألها عن دراستها ويثرثر معها فيما لاتعرفه هي، تليق مودة بحمزة كثيرًا وتشبهه. شعرت بالإنهيار والضياع التام، صارت عبدة للهواجس والأفكار،كأنها مقيدة في جذع شجرة تهاجمها الأفكار كوحوش ضارية، لا تعرف تحارب مَن وتهزم مَن.؟ إنها تضيع في كل مرة حاولت ترتيب الأفكار والوقوف على المشكلات لحلها فتجد نفسها غارقةً في بحر شتاتها. تلك الهجمات الشرسة من الظنون كسهام حادة تنغرس بقلبها المتعب، ابتسمت ورد وهمست لها (ريحي راسك شوية من التفكير)
أغمضت عينيها تحاول لكن لا فائدة نهضت مفزوعة تهتف (هروح البيت أجيب حاجه)
هزت ورد رأسها متفهمة تركتها على راحتها فغادرت
هناك كان حمزة بجوار عمته يشاكسها (ألف سلامة يا راضية)
أجابت بوهن شديد (الله يسلمك ياحبيبي)
جلس بالقرب منها قائلًا وهو يعصر قطعة القماش ويضعها فوق جبهتها المشتعلة (أجر وعافية هتاخدي الدوا وتبجي بخير)
هزت رأسها وأغمضت عينيها مستسلمة لعلتها التي أطاحت بجسدها الواهن، هتف حمزة بالواقفة وراءه (خدي حاجتك يا مودة وروحي ذاكري فالبيت عند ورد، ومتجلجيش هبات مع عمتي ركزي إنتِ بس)
قالت رافضة ممتنة لإحساسه بها ومراعاته ظروفها: (لا مفيش داعي يادكتور)
نهض قائلًا بأمر: (مفيش لااه روحي زي ما بجولك متشغليش بالك ولا تشيلي هم)
شكرته بإمتنان حقيقي لما يفعله من أجلهم ومراعاته دون طلب: (متشكرة يا دكتور ربنا يخليك)
ابتسم لها قائلًا وهو يصرفها ويعود لعمته: (يلا ربنا معاكي)
غادرت مودة لدقائق ثم عادت ببعض الأغطية ووسادة مريحة منحتها له قائلة (اتفضل هتحتاجهم)
أخذهم منها شاكرًا صنيعها:(شكرًا يا أستاذة) غادرت بعدما أخذت كتبها التي وضعتهم جانبًا غافلة عن التي جاءت ووقفت تستمع وتراقب ما يحدث بصمت، حينما رحلت مودة اقتربت هي من باب الحجرة تتبين الحديث الدائر بين والدتها وحمزة.
(سكينة ياحمزة)همستها بتوسل كأنما توصيه
ناولها حمزة بعض الدواء قائلًا بحنو بالغ (ريحي نفسك وسبيلي كل حاجه )
تنهدت راضية بتعب هامسةً(اكتب عليها وأمشي بيها من هِنا معدش ليها جعاد هنا يا ولدي خلاص)
الجميع يتوسله ليفعل، لينقذهم ويسقط حِملها من على كاهلهم دون مراعاته هو ولا الاهتمام برغبته ومايريد، نشبت النار في صدرها وتأججت
فاقتربت من باب الحجرة وأظهرت لهما نفسها، فرفعا نظراتهما إليها:(مترددة شاردة دامعة العينين بلمعة إنكسار، تفرك أناملها الرشيقة ببعضهما كأنها تنازع أمرًا  ما داخلها، جبينها يتجعد كأنما تعاني صراعًا حادًا يغلبها فتحبسه بداخل عقلها ..قالت بما جادت به نفسها العطبة بعد عثراتها(بتشيليه حِمل مش حِمله ليه يا راضية.؟)
ثبت نظراته عليها منتظرًا بصبر ما تكتمه داخلها وتخشى البوح به، صمت ليفهم ويمنحها حرية الكلام.. أن تدع وجعها يتسرب ككلمات من بين شفتيها فما البوح إلا بداية الشفاء..وهو يريدها أن تبوح وتُظهر ما تخفيه عنه وعن والدته، تلك الكلمات التي تبني بينهما سدًا منيعًا وتحجبها عنه يريدها أن تنهدم وتخرج من جوفها لتتحرر ويفهم هو كل هذا الشقاء بعينيها والنزاع الدائر في نفسها المكلومة فيما يخص أمر زواجهما.
أخفضت راضية نظراتها لشعورها أن ما تفوهت به تلك المكسورة جزء من حقيقة في نفسها، شهقت سكينة ثم سيطرت على بكائها قائلة (حمزة ميستهلش منك كِده ولا تيجي عليه جوي، إيه ذنبه يتحمل،سبيني هعيش هنا مش هأذيكي تاني ولا هعمل مشاكل، اجفلي عليا وسبيني)
همست والدتها بحشرجة (بحميكي يابتي من أيادي الشر، حمزة هيصونك) خشيت أن تجرحها لو أخبرته بندائها المتكررله وأحلامها التي عنه التي كانت تنساها لذلك احتفظت بكل شيء داخلها وصمتت.
هي لا تفهم أن دواء علتها فيه هو، وفردوسها المفقود في أحضانه وأنه يريدها لذاتها لا لشيء ولولا ماحدث لنطق بما حفظه داخله..حمزة لا يُجبر بل يريدها بكامل إرادته.
أشاح يطلق عدة أنفاس ساخنة، لا يحب رؤيتها بتلك الحالة التي تورثه الحزن، لذلك اكتفى بالسماع والفِهم واحتفظ بحق الرد لوقت معلوم، وقد لا يكفيه رد، ولا تسعفه كلمات ليوضح لها.
سألتها سكينة مستنكرة (عايزه تخلصي مني برضو وتمشيني وترتاحي من همي، جولتي حمزة هيوافج ويرضى ومش هيتكلم فجيتي عليه بزيادة وهتلبسيه فوحدة مريضة فضحاكي اهي عاشت إنتِ خلصتي منها، ماتت خير وبركة)
هتف بغضب شديد لم تؤذه كلماتها بقدر أنه تأذى من ذكرها موتها (بس بس)
ارتعشت في رهبة وقد بات الصوت العالي يربكها ويُخيفها أكثر، إقترب فابتعدت مرتجفة نظراتها تتنقل بين ذراعيه منتظرة أن يفعل مثلهم... رمشت قائلة بهذر (بتجبل ليه.؟ هما كانوا وجفوا معاك فأيه علشان علشان..)
زاغت نظراتها وغامت بضباب، لم تعد تتبين ملامحه، صوته يبتعد يهيأ لها أنه يأتيها من مكان بعيد مترددًا كالصدى متشابك، بعدها وقعت فاقدةً للوعي.
فاقت بعد مدة لتجد نفسها فوق الفِراش بجانبها ورد، تطالعها بحنو كما تعودت لاتجد في نظراتها لومًا ولا تأنيب فقط حنان تغرقها به وتفهّم تحيط به أفعالها، تهدهدها كطفلة مشاغبة.. وتبتسم لها تطمأنها أن لا بأس.. تذكرت ماقالته وكلمات راضية، فتنهدت حقًا تعبت من كثرة البكاء، حنجرتها لم تعد تُعينها ولا مآقيها التي نضبت وجفت لكن الوجع مازال راسخًا يتجدد لم تستطع هزيمته يُتعبها ولا يتعب.
عاد هو ليبيت جوار عمته في مرضها، يواسي قلبها المكلوم بكلماته ولطفه ورأفته التي كانت تنزل بردًا وسلامًا، منتظرًا بصبر مرور الأيام، لينال حقه في سكنه.
************
أسبوع مر قرر فيه أن لا يقترب منها، يكتفي بالسؤال والسلام والإطمئنان عليها ثم يختفي وهي أيضًا كان انزوائها يزيد وابتعادها يكثر، تحبس نفسها داخل الحجرة كلما داهمتها النوبة وكلما سمع هو صوت صراخها خرج من المنزل لا لأ يتعذب بما يسمع، يقف بالخارج مغمضًا عينيه في وجع منتظرًا أن تهدأ حتى يعود، لكن
  قرر أن اليوم نهاية كل عذابه معها وابتعاده الذي تحمّله رغمًا عنه، فكيف يقترب وما عادت تكفيه النظرة منها ولا ترويه الهمسة.
يريد احتوائها بين ذراعيه والبقاء جوارها مابقيّ من عمره، هي معركته القادمة التي لن يخرج منها إلا منتصرًا.
هاتف جده وعمار وأمرهما بالاستعداد ليتم عقد القران بالمسجد أمام أهل القرية، هذا كان طلب جده له فوافق على الفور.
كعادتها اليوم فوق الفِراش شاردة في عالمها، متقبلة تذوب مع ألامها وتختلط بمآسيها، تغوص داخلها ولا تنسلخ عنها، تعيشها بتفاني لتعذب روحها أكثر وتشقيها، يختفي ولا تراه فلا تبحث عنه لتفعل هي، يبتعد فلا تلومه بل تلتمس له العذر، قلبها يرغبه فتسخر من رفاهيته وهو بتلك الحالة. هي تقف الآن بمنتصف كل شيء تراقب ولا تتدخل تسمع ولا ترد وورد تتركها كما طلب منها ولدها
استمعت لأصوات كثيرة متداخلة، فرفعت نظراتها متسألة (في إيه.؟)
ابتسمت ورد وهي تنهض من جوارها، قالت بعينان تلمعان بفخر وظفر (دا حمزة ياستي  حلف ماتفوجي المرة دي إلا وإنتِ مراته وعلى ذمته)
اتسعت عيناها لاتصدق، ظنتها مزحة حتى دخل هو،عزيز قلبها الغائب الحاضر وصديقها المخلص رغم خيانتها المتكررة له.
خرجت والدته، ووقف أمامها لدقائق يطالعها بنظرة غريبة،تبادلا النظرات هي تركض داخل واحة الأمان خاصتها بعينيه المفتوحة لاستقبالها دائمًا مهما تفرقت السبل ، راقب توترها واهتزازها بأسف ووجع فاضت به نظراته التي تضمها كل حين، لكن مهلا ماهي إلا دقائق معدودة وتصبح له ويحق لها أن يبثها شوقه لها.
اقترب من النافذة تنفس بقوة يعبق رئتيه بهواء بارد ينعش خلاياه، بعدها عاد إليها و جلس بجانبها يهمس ونظراتها تراقبه (جتلك مرة علشان أديكي ليه، وجتلك انهردا علشان تكوني ليا، جالولي متدخلش إنت وجولت أنا بس الي أدخل، جالولي استنى نعرف الناس ونعمل فرح جولتلهم إنها تبجا بخير هو الفرح الحجيجي بالنسبالي، تفيدني بأيه الناس وأنا مش عارف أخدها فحضني لما تتعب وتتوجع، ولا جادر أشوفها، جالولي نرفع راسنا بين الناس جولتلهم راسي مرفوعة دايما بيها ومش الناس الي تحددلي أعمل إيه وتحددلي حياتي، بت عمتي مفيش أطهر وأنضف منها  ..)
برقت مندهشة من كلماته الأحلى من العسل، أربكتها لمعة عينيه الآخاذة، طافت فوق ملامحه بتشتت ليمسك بكفيها ويضمهما بحنو محتويًا لها يصبر نفسه (جالولي مش موافجة ومش هترضى تطلع تمضي، جولتلهم صاحبتي جدعة ومش هتجل من حمزاوي جدام الناس أبدًا)
مال قليلًا يهمس بمرح (جاي أجولك اعملي كمان خير فحمزاوي المرة دي وارميه البحر زي كل مرة)
سحبت كفيها تغطي وجهها منه، من نظراته التي تحب وحنانه الذي تعشق، كيف يمكنها الرفض وهو يقول كل هذا ويعدها ويمنيها بكل هذا الأحتواء والنبل، كيف ترفض أن تبقىّ جواره محميةً بوجوده، متنعمة بقربه.
أجهشت في بكاء عنيف، ليال تنازع مابين رغبتها هي فيه والعوائق الكثيرة، مودة وإحساسها هي بالنقص وإجباره على الزواج منها كل ذلك حتى استسلمت لأوجاعها وتركتها تنهشهشا وتقضي عليها وابتعدت عنه، صمتت وانعزلت غير راغبةٍ في الحياة.
اقترب أكثر وأبعد كفيها عن وجهها هامسًا أمام عينيها الهالكتان  (متبكيش تاني.؟ مش عايز أشوف دموعك الغالية دي مهما حصل، مش جاي على نفسي ولا حاجه زي ما إنتِ فاهمة، بس عايز أطمن عليكي ووجودك معايا وجنبي هيطمني )
عضت شفتيها متأوهة بلوعة، تنازع بين رغبتين، فأكمل (مش عايز أضغط عليكي بس الي بنعمله دِه لمصلحتك علشان أملك حج تصليح كل حاجه )
انسابت دموعها من جديد فرفع أنامله يزيحهم عنها محذرًا (أنا نبهتك، كفاية حزن وبكا كل حاجه هتبجا تمام أوعدك بدهِ، وفيوم هترجعي هنا تاني رافعة رأسك يا سكينة وتكون كل حاجه أحسن ما اتمنيتي)
تاهت نظراتها وتخبطت، فهمس بالقرب من وجهها المشتعل بحرارة الخجل( أقولك سر ومتجوليش لحد..) رفعت نظراتها هازة رأسها بالموافقة منتظرة ما يجود به، فاقترب أكثر وهمس بالقرب من أذنها بعاطفة وحرارة أذابت مقاومتها  (ووالله عايز أخدك فحضني من يوم ما رجعت ومش عارف فريحيني واجبلي عمو حمزة الي أكبر منك بحبة دِه علشان يعرف)
همست بنبرة دغدغت مشاعره،والحقت به الهزيمة(حمزاوي)
لم يملك إلا أن يقترب ويضمها لصدره، يحيطها بذراعيه يحتويها غير قادر على تركها وإهمال توسلها المختبيء، تشبثت به، منحنته عناقًا دافئًا كان كل أمانيه، همس مبتسمًا برضا وهو يغمض عينيه متنهدًا يدمغ تلك اللحظة بعقله(وحشتني حمزاوي منك ياحلوة فوج ما تتخيلي)
بكت وهي تهمس بلوعة تشتكي له ماهي فيه (حمزة أنا مش فاهمة أي حاجة وتايهة )
منح مقدمة رأسها قبلة طويلة رقيقة ناعمة تشبهه، وهو يهمس دون تخلي (مش مهم بكره تفهمي كل حاجه جلبك هيفهمك)
ذراعاه كانتا حصنًا قويًا، وحده فعلها ولملم شتاتها ومنحها الأمان الذي تحتاجه، وأفرغ  على قلبها صبرًا.. أبعدها عنه هامسًا (هتطلعي معايا رافعة راسك، أوعي تشكي فنفسك لحظة ياسكينة ولا تتداري)
قطبت متذكرة، تعتذر له (آسفة إن الأرض راحت عشاني ياحمزة وآسفة على كل حاجه )
ضم وجهها بكفيه يهمس أمام نظراتها (مكنتش عايزها، كانت ليكِ وفداكي، تهون كل حاجه ولاتهوني.. فدا ضفر بترميه يا حلوة والله)
حرر إبهامه يمر فوق كدمات وجهها هامسًا (لو تعرفي صاحبك هتعرفي إنه مبياكلش غير من عرجه وشجاه، بس ملحوجة بكره تعرفيه كويس)
كفه عرجت لجرح جانب شفتيها فتألمت بخفوت، فبادر هو بأسف(سلامتك يا سكينة، إن شاء الله كل الي يأذيكي)
قال بحراره وهو يعاود غمسها بأحضانه (والله لو طلب كل ما أملك علشان يسيبك ليا بخير مكنتش اترددت، الدنيا كلها تحت رجلك. عندي كم صاحبة أنا علشان أضحي بيها، هي واحدة مجنناني صُح ومطلعه عيني بس مجدرش أشوفها بتتأذي واسكت) 
ترجمت مشاعرها وما غزله داخلها من عشق لعناق طويل مليء بالدفء والعاطفة التي عجزت عن إخباره بها فجائه تشبثها به كوجبة دسمة لجائع، همست وكفها تمسك بأنامله  (من غيرك كنت هعمل إيه يا حمزة.؟)
قال بشقاوة وهو يضمها أكثر مستمتعًا بقربها منه  (هيجتلوكي طبعا ونخلص، بس بأمانة لسانك محتاج قطع يا سكن)
ابتسمت وهي تبتعد عنه، همست بنظرة عادت لها حيويتها وتألقها (كنك دوا يا حمزة، خدته وارتحت)
همس يبارز عواطفها بعاطفة أكبر وأعمق، وهو يطبع قبلته الأولى فوق جبهتها(كنك نجمة اتمنيتها وسقطت بين إيديا يابت عمتي)
تطلعت إليه كالتائهة كلماته جميلة تخبرها بالكثير الذي لا تصدقه ولا تستوعبه ولمسته عجبًا لها كأن قمرًا منيرًا اختصها بنوره دون غيرها .
سمعت صوت خالها يزعق مستعجلًا خروجه فانتفضت واهتز جسدها، ثبتها قائلًا بقوة (ولا تتهزلك شعرة منه، ولو عايزه...
رفع السبابة والوسطى ووجههم لصدغه مطلقًا بفمه صووت الطلق الناري قائلًا (ميساويش رصاصتين)
قالت بخوف ولهفة ( مستاهلش تخسر حياتك علشاني وعشانه)
قال بفخر يبثها الطمأنية ويمنحها الثقة(إنتِ تستاهلي الدنيا كلها، خليه بس يمسك بكلمة)
توسلته بزعر :(لا ياحمزة ابعد عنه)
همس لها وهو يضمها مجددًا :(متخافيش) وبعدها أبعدها، خرج بها في كبرياء، متحديًا لهم جميعًا تعلقت النظرات بهما في صمت وهدوء ملعون.. بثها الشجاعة هامسًا (يلا امضي)
اقتربت من الدفتر وانحنت تكتب اسمها جوار اسمه، وقفت نظراتها دقائق فوق الاسمين المتجاورين لا تصدق ولا تستوعب أنها بين عشية وضحاها أصبحت له زوجة.
لاحظ حمزة شرودها فاقترب ليقرأ اسمها، نال أخيرًا أمنيته وتلك النجمة المضيئة، ابتسم وهو يمسك بأناملها ويسحبها لتعتدل وتقف جواره في كبرياء.
أتم المأذون عمله وغادر، فوجّه حمزة كلماته للجمع قائلًا بقوة امتزجت بتحذيره الصارم بينما هي تختبيء خلفه في حماية (سكينة مرتي خلاص والي يمسها يمسني)
أجهشت راضية في بكاء امتزج بعواطف الامتنان والحزن، رمقه الجد بفخر ودعاء..أما رفعت فأصدر تأفف عالي منزعج، استطرد حمزة بقوة وكلما اختبأت سكينة خلفه جذبها لتقف بجانبه في تحدي وشجاعة (مرتي محدش يأذي جلبها ما أخدها من هِنا ولا حد يسمعها كلمة مش تمام، مش هستخسر فحد طلجتين بكام جنيه وجتها)
لوى رفعت فمه بتهكم وغيظ، أما مودة ابتسمت تغالب دموع فرحها لنجدة أختها.. وقوة حمزة ودفاعه عنها.
قال عمار بضيق (تمم جوازك بيها ياحمزة)
اسكته حمزة بإشارة من كفه وهو يهتف بغضب (خلصت متدخلش، ولا تجولي أعمل إيه.؟متهمنيش الناس ولا يفرجولي، يومين وهاخدها وأمشي مش عايز أثبت حاجه لحد تولع الناس )
قال رفعت بغضب (دِه عُرف ومطلوب، علشان نقدروا نرفعوا راسنا ونجولوا بتنا سليمة )
هدر حمزة محذرًا رفعت (عمي مرتي أنضف وأطهر من أي حد و بنات عمتي متربيين أحسن تربية) 
انكمشت سكينة وتشنجت أناملها الممسكة به تهاب الموقف، تحركت نظرات حمزة تجاهها طمأنها وبثها الأمان فاسترخت، لايهمه في الدنيا سواها ولن يضحي بها مهما حدث، لن يؤذي قلبها أكثر من ذلك
قال حمزة وهو يرمقه بإحتقار (ميخصنيش فداهية أي حاجه ودِه آخر كلام )ضرب رفعت كفًا بكف في ضجر وغيظ من هذا القرار، بينما غمغم عمار بإستياء..
أما الجد فصمت لا يهمه سوى أن تنجو تلك الفتاة، وهاهو اطمئن عليها وعلى ابن ابنه
قالت راضية لمودة (جهزي حاجة أختك يا مودة وشوارها وشنط الهدوم)
رمق حمزة عمته بتقدير لكنه إعترض قائلًا وهو يعاود النظر لسكينة بتلك النظرة الظافرة (عايزها بالي عليها دِه، أزيد منه لاااه.. بتك تلزمني هي بلبسها الي لبساه وبس)
أدمعت عينا راضية بفرحة من كلمات حمزة لكنها رفضت قراره (لااه حاجتها موجوده عيب يا ولدي دي عروسه برضك)
قال بلين محتويًا الأمر مصممًا على قراره (مبارك لمودة لما يجيها نصيبها، إنما مرتي أنا هجبلها كل حاجه والي تتمناه وتطلبه معنديش أنا أغلى منها وكل ما أملك تحت رجلها)
غادر رفعت ساخرًا من كلمات حمزة وعبثه، وتبعه عماره مؤيدًا فيما يشعر.. بقيّ الجد وراضية ومودة، اتجه حمزة ناحية ورد وضمها بقوة فهمست له بخفوت (جولتلك هتنولها وهفكرك)
ابتسم حامدًا الله قبل أن يبتعد ويطبع قبلة فوق رأسها ممتنًا، ظلت هي واقفةً مكانها حيث تركها، متخبطة اقتربت منها مودة وضمتها مباركةً لها بفرحة لا يعكرها حقد وسعادة لا تشوبها غيرة، همست سكينة معتذرة لها (أنا آسفة مجدرتش والله)
ضمتها مودة وطمأنتها قائلة(انسي ياسكينة خلاص وافرحي)
أغمضت سكينة عينيها تضمها بقوة إليها تكرر اعتذارها كثيرًا فابتعدت عنها مودة ومسحت لها دموعها معاتبةً(خلاص ياسكينة ركزي بس مع الأخ حمزاوي دِه حبايبه كتير)
طالعتها سكينة بنظرة امتزج فيها الخجل مع الامتنان لتبتسم مودة وتنسحب بعدها قائلة (عن إذنكم معايا مذاكرة)
أوقفها حمزة (استني اتعشي يامودة)
ابتسمت شاكرة (أنا اتعشيت بدري تصبحوا على خير)
وقفت راضية مترددة، تقترب من سكينة تريد ضمها ومباركتها، تلك التي ما إن رأتها تقترب حتى تراجعت ترشق والدتها بنظرات محذرة
تابعت راضية بتوسل وهي تفتح ذراعيها (تعالي يا سكينة)
هزت سكينة رأسها بقوة رافضة الإقتراب، تراجعت خطوتين تحت نظرات الجميع المترقبة لكنها اصطدمت بجسد حمزة الذي اعتدل واستقبلها بين ذراعيه ضامًا لها في حنو هامسًا برجاء (أمك يا سكينة)
تركته وغادرت للحجرة القريبة، دخلتها وأغلقت خلفها في رفضٍ قاطع.. بعد ماذا أتت راضية.؟ كيف تقبلها بكل تلك السهولة بعد تخليها عنها وشكها فيها.؟
بعد أن تركتها لأيادي عمار وركلاته وغضب خالها وحقده، بأي حق تطلب ضمها.؟
اقترب حمزة من عمته وضمها مواسيًا (معلش ياعمتي حجك عليا أنا)
ربتت راضية فوق ذراعه متفهمة قبل أن تبتعد وتمسح دموعها...
خرجت وجلست أمام المنزل تكفكف دموعها فلحقت بها ورد وجاورتها وكذلك فعل الجد، جلسوا أرضًا متحلقين فوق حصير فرشته ورد
وجلسوا يتسامرون يسرقون الضحكات من فم الدنيا خلسة، يتذكران ما مضى بشغف وحنين.
ملأ طبقًا من الحلويات التي أحضرها اليوم ووضعه فوق صينية صغيرة وكوبًا من العصير، حملهما وغادر حيث تبقى هي.. طرق الباب فأذنت له بالدخول، إعتدلت ما إن رأته فابتسم ودخل مغلقًا خلفه، قال بمشاكسة (أظن عادي خلاص أجفل الباب)
أشاحت في صمت مرتبكة وقد تبدلت الأوضاع
تضم أظافرها بتوتر خشية القادم.
وضع الصينية فوق طاولة صغيرة جانبيه وجلس جوارها ملتصقًا بها يسحب منها الدثار البارد ليشاركها إياه،همست بخجل من اقترابه منها لهذا الحد (حمزة)
أجابها بإبتسامة وهو يمسك بهاتفه وينقر فوقه (نعم)
قالت بحياء ونظراتها تتبع أنامله الراكضة فوق الهاتف (جيت جنبي ليه.؟)
أجابها ومازالت نظراته فوق الهاتف (غلاسة)
قطبت في إنزعاج، ليهتف وهو يمنحها سماعات الأذن (هيما عايز يكلمك)
تناولت السماعة ووضعتها داخل أذنها منتظرة، ووضع هو الأخرى.. ظهر هيما على شاشة الهاتف فابتسمت تلقائيًا لرؤيته، رفع حمزة الهاتف ليظهرا هو وهي سويًا بجانب بعضهما، هتف هيما بحماس شديد (أوباا الكتاب اتكتب خلاص فرصتي ضاعت)
أخفضت سكينة نظراتها في خجل، ليهتف حمزة بإبتسامة واسعة (خلاص طارت العصفورة منك)
رقص هيما في الشارع بفرحة فابتسمت سكينة لحركاته العشوائية السخيفة وفرحته الغريبة.. صفر بفمه صارخًا (فداك يا باشا والله لو عايز كمان أجبلك)
هتف حمزة بضحكة مكتومة (بت عمتي بأربعة)
رمقته بحدة متسائلة (قصدك إيه.؟)
رمقها بنصف عين قائلًا وهو يغلق الكاميرا الخاصة بهما يراوغها بشقاوة (إنتِ فهمتي إيه.؟)
تأففت قائلة بضيق وحدة(بسألك اهو دا مدح ولا ذم.؟)
حك حمزة خصلاته بعدما أنهى الاتصال (مدح وذم)
أشاحت برأسها تمط شفتيها بغيظ، كتب حمزة لهيما معتذرًا وبعدها ترك الهاتف وتناول الطبق، غرس الشوكة بقطعة وقربها منها قائلًا (خدي)
مالت بعيدًا عنه رافضة (لااه)
ترك الطبق وتناول كوب العصير قدمه لها بصبر (خدي العصير)
هزت كتفها بلامبالاة وهمية و الرافض يخرج من بين شفتيها المتكورتين (لاااه.. هنام)
أعاده مكانه وقال لها وهو يعدل لها الدثار (نامي)
اعتدلت تحدجه بحدة موضحة (ماشي اطلع بره)
استنكر كلماتها وهو يعدل لها الوسادة من خلفها (نامي يابت وبطلي عبط)
فغرت فمها مندهشة، غاضبة تستعد لإطلاق رصاصاتها لكنه بادر وسحبها لأحضانه ضمها مريحًا رأسها على كتفه (نامي وبطلي دوشة، أمال أنا كتبت كتاب ليه لما هنام بره )
تيبس جسدها وتشنج لدقائق، قبل أن تتثاءب وترضخ متقبلة خاصة بعدما ربت فوق رأسها بحنان وهمس بصوته الدافيء(نامي ياسكن وبلاش غلبة، هنا بجا مكانك خلاص متناميش براه ومتعيطيش براه ) ابتسمت لكلماته قبل أن يجرفها النوم ويأخذها لعالمه.
************
في اليوم التالي
اتسعت ابتسامة ورد وهي تقف أمام قبر زوجها الراحل وبكفها سكن، غمغمت بما لم تسمعه الآخرى ثم قالت بظفر وانتصار (جبت سكن يا غالي، كان نفسي تبجا موجود وحمزة يتحامى فيك بس الحمدلله إنت خلفت راجل سند وضهر لكل الي بتحبهم ياحبيبي)
مسحت سكن دموعها والتفتت لملامح ورد المشرقة متعجبة من عدم بكائها ولا تأثرها بل أنها تتعامل كأنه يجلس بالقرب منهما.
سألتها سكن بدهشة (إزاي كِده يا مرات خالي، إزاي جوية كِده.؟)
تنهدت ورد قائلة وهي تجلس وتجذبها لتجاورها (الحب يا سكن سر كل حاجه حلوة فروحنا، هو النكهة الي بتحلي الأيام غايب الحبيب أو حاضر)
همست سكن بعجز ودموعها تنفلت من ربطة الثبات(نفسي أبجا جوية زيك)
نظرت ورد لها وهي تمسك بأنامل كف سكينة وتضمها (تعرفي إنك شبهي وزيي)
توسعت عيناها بإندهاش (أنا..؟)
أجابتها ورد بإبتسامة متألقة (أيوة وبكرة هتبجي زيي وأكتر، عارفه أنا خالك علمني كل حاجه حتى الي أعرفه علمهوني هو من جديد بطريجته ، حتى الأمان علمهوني.. أنا واجفة جوية بالأمان والثقة الي زرعهم جوايا هما دول الي خلوني كِده، حاسة طول الوجت محمية بسببه وحمزة فأمان بسبب الخير الي سبهوله أبوه فجلوب الناس ومحبتهم، الخير الي عمله حكيم هيفضل يحمي حمزة ويحفظه)
شردت سكينة لتجذبها ورد بهمسها التالي (مش ناجصك غير الحب والأمان وحمزة هيديهملك وهتحسي إنك أجوى واحدة فالدنيا)
همست ورد وهي تشرد (سبيني بجا في حاجات كتير عايزه أجولها لحبيبي)
صمتت سكن مثلها في وقار تحترم وتقدس تلك اللحظة وحديث ورد، شردت في كلماتها، هل حقًا سيعطيها حمزة الحب.؟ حمزة يعطيه للجميع لكنها تريد حبًا آخر هل سيمنحه لها.؟.
همست ورد بعدما تبدلت ملامحها وانقبضت بحزن واستنكار ورفض (جومي ياسكن استجبلي عمك وسلمي عليه)
رددت سكن بذهول وهي تتطلع حولها (عمي.!)
وقعت نظرات سكن على رجل ملثم يقف على عتاب الحوش في تردد، صدره يعلو يهبط بإنفعال واضح،
هتفت ورد لتُسمِعه(كنت عارفه إنك جاي)
كشف عن وجهه لتحملق فيه سكن بقوة، شهقت حينما عرفت هويته مغمغمة (عمي حسااااان)
ابتسم قائلًا دون أن يقترب منهما (الي بلغك بلغني)
لم توليه ورد وجهها وتابعت بنبرة جافة (توبة مجبولة ياواد عمي)
قال بإنفعال (لسه باجيها لما تسامحي وترضي)
#انتهى

ملاذ قلبي سكن Where stories live. Discover now