رؤى2

26 9 0
                                    

في أول يوم بالجامعة بالطبع لم أكن أعرف أحد سوى قدر؛ لأنها كانت معي في نفس المدرسة الثانوية؛ لكنني التقيت أيضًا بصديقتي الصدوقة، وحبيبة القلب نوران فكنت جالسه شارده على سلالم الكلية لأنني لا أعرف أحد، ورؤى في المحاضرة، ولم أنتبه إلا على صوت يناديني رؤى رؤى، ويضرب علي كتفي نظرتُ خلفي وجدتها نوران تلك الصديقة التي بعّدت بيننا المسافات ففي البداية سافرت هي وانتقلت من القرية، ولم نلتق سوى مرة واحدة عندما كنت مع غدير وليل منذ ثلاث سنوات عندما جاءوا لحفل ذكرى ميلادي كانت من أجمل الصدف؛ فقمت مسرعة عندما رأيتها،  وعانقتها عناق طويل، ولم أكن أصدق، وازدادت ضربات قلبي من الفرحة، ولم أكن استطيع أن أنطق بكلمة واحده من سعادتي؛ لكن حدث ما لا يُستحب أن يحدث في مثل هذه المواقف جاءت قدر وألقت السلام؛ فرديت التحية وعانقتني وطلبت أن نذهب لكي نشرب أو نتناول أي شيء معًا فنظرت لي نوران نظرة لا أزال أتذكرها منذ أيام الطفولة، ولم توافق أن نذهب، وظلت قدر معنا؛ لكن نوران لا زالت النيران بداخلها وكثير من هذه المواقف؛ لكن بعد ذلك أصبحا أصدقاء وزادت مجموعتنا.

وفي أحد الأيام اتفقتُ مع الباقون أن أعرفهم على نوران؛ فقررنا الاجتماع في منزلي في عطلة الاسبوع لأن هذا أنسب يوم لأننا نكون جميعًا مشغولين في عملنا فكانت جنة أول الحاضرين لأن منزلها بجانب منزلي، وعندما دق الباب؛ ففتحت الباب، وقلت لها:

_أهلًا بكِ يا جنة اشتقت لكِ كثيرًا كيف حالك؟

_ بخير يا حبيبتي سعيدة لرؤيتك هل سنتحدث علي الباب

_اسفه لم ألاحظ أننا ما زلنا على الباب لست معتادة على هذا الاحترام منك

_ماذا تقولين؟ لست محترمه سأوريك الآن الاحترام على أساسه

_لا تتهوري ماما بالداخل، ولحظه ويأتي الباقون

_سأهدأ؛ لكن لا بأس من هذا القلم على وجهك الجميل

_اااااه ماذا فعلتي يا مجنونه يؤلمني كثيرًا

ضربتني قلماً كان قويًا للغاية، وسمعته أمي بالداخل وهي تُحضر الحلويات والتسلية والفوشار فنادتني وجاءت إلى غرفه الصالون وقالت :

_ما هذا يا رؤي؟ ماذا حدث معكِ؟

_لا لا لم يحدث شيء الأمر أنه كان هناك صرصور قبيح وغبي وكنت اضربه
فتصادمت قدمي بالكرسي فصرخت

_كيف هي قدمك الآن اريني إياها

_هي بخير يا أمي لا تقلقي لم يحدث بها شيء مؤذي

وهي في طريقها للعودة إلى المطبخ لاحظت وجود جنة فقالت لها:

_أهلًا بك يا بنتي آسفه لم ألاحظ وجودك

_لا تقولي هذا؛ لكن هناك من يريد أن يتعلم الاحترام

_اه أعرف من هي صدقتي في كلامك يا بنتي

_اوقفتني على الباب، ولم ترد ادخالي

_أعتذر لك بالنيابة عنها

_لا تعتذري هي من تعتذر هي من أخطأت في حقي

قالت رؤي بغيظ :
_آسفه ارتحتِ هكذا يا آنسه جنة

اعتذرت منها، وبعد رجوع والدتي للمطبخ تشاجرنا ففي الحقيقة كبرنا وأصبحنا في الجامعة؛ لكن ما زلنا أطفال نتشاجر على أقل الأسباب، ونقوم بعمل المقالب في بعضنا لأننا نحب الفرح وفي أثناء شجارنا جاءت قدر ولمار، وقررنا أن نلعب إلى أن يأتي الباقون فهكذا يتبقى أروى وليل ونوران؛ لكن ليل اخبرتنا أنها ستكون بجانب منزل أروى لأنها تشتري بعض الملابس من محل قد أخبرتها عنه أروى، وسيأتون معًا بعد الانتهاء من التسوق، وشراء الملابس هكذا يتبقى نوران ستأتي بمفردها؛ لكنني نسيت أن أعطيها العنوان كيف ستأتي؟ ربما تكون تنتظر أن أرسله لها؛  لكن ليس معي انترنت الآن، ولا مكالمات كيف أرسله؛ في أثناء شرودي تذكرت أن قدر معها إنترنت ومكالمات؛ فطلبت منها وكان أول ما قالته:

_ماذا ستفعلين به؟ لأنني ليس معي رصيد كافي، والباقة ستنتهي

_كفاكِ بُخل يا لئيمة فلا تفني من الرصيد أبدًا في حياتك

_احسديني يا رؤى لن أعطيك

_ليس وقت استظراف فنوران كان من المفترض أن تكون في طريقها إلى المنزل؛ لكنها لا تعرف العنوان سأتصل بها فقط لن أستخدم كثير

_قولتي نوران خذي وكلميها من هاتفي

أخذت الهاتف واتصلت بها في البداية لم تُجب على مكالمتي لأن الرقم ليس معها؛ لكن مع تكرار اتصالاتي ردت على المكالمة؛ فقلت لها أن هذا رقم قدر وأنا رؤى فبدأت بتهزأتِ، وأنني كيف اتصل من هاتفها، وحكاية لا تنتهي فلا يوجد أمل أن يصبحا أصدقاء المهم أنني أخبرتها بالعنوان، وذهبت لأكمل جلوسي مع الأصدقاء الذين اشتقت لهم

ووقتما كنا نتحدث دق الباب فكانت نوران وفي الأثناء جاءت ليل وأروي أيضا وكأنهم متفقين علي المجيء معا رغم اختلاف أماكن منازلهم فعرفتهم بنوران وعرفتها أيضا بهم ودخلنا المنزل وعرفتها علي جنه ولمار وكنت سأقول قدر فقالت مسرعة وبسخرية :

_هذه غدر صحيح أليس كذلك؟

_لستُ غدر بل قدر يا نور

_وأنا لستُ نور بل نوران يا غدر

_قلتُ لكِ قدر قدر اغنيها لكِ أم ماذا؟

_آسفه كان لدي صديقة بهذا الاسم كنت أكرهها كثيرًا

_اه تكرهينها

في هذا الوقت من الشجار تدخلت، وطلبت منهم أن يهدأو هما الأثنين، وأعطيتهم العصير الذي أحضرته والدتي والفوشار الذي احضرته أنا، وأغلقنا الأنوار، وفتحتُ التلفاز على مسرحية مسرح مصر فجميعنا نحب سماعها، وضحكنا وقضينا وقت مسلي حتى نوران كانت تنسى وتتحدث مع قدر في بعض الأحيان، ولاحظت أنها همست لها واعتذرت منها، وأعتقد أن علاقتهم قد تحسنت؛ لكن لستُ متأكدة من هذا فنوران متقلبة المزاج، والآراء

وفي اليوم التالي من هذه السهرة الجميلة، وأنا في الجامعة كان هناك بنتين ينظران لي، وكأنهم يعرفانني، أو أنهم يشبهون على ملامحي، وكأنني أشبه أحد أصدقائهم؛ فراودني الفضول، وقررت أن أذهب أنا إليهم،  وأسالهم عن سبب تركيزهم معي فأنا لا أعرفهم؛ لكن ملامحهم ليست غريبة عليّ وبعد أن تمعنت في ملامحهم، وقفت لبرهه من صدمتي قد تذكرت الآن هذان ليل وغدير صديقتاي  سألعب معهم الآن

عندما لاحظوا أنني ركزت معهم، ولاحظت مراقبتهم لي، ونظراتهم هموا بالذهاب؛ لكن أسرعت إليهم وأوقفتهم

_ مهلًا يا رفاق لا تذهبوا أنا فقط أردت أن أسألكم سؤال واحد فقط هل تسمحا لي ببعض الوقت فقط بعض من الدقائق لا أكثر؟

_تفضلي ونحن نعرف ما هو السؤال وآسفين على ما فعلناه

_لا تتأسفا فقط لاحظت أنكم تنظرون لي وكأنكم تشبهون على ملامحي هل أشبه أحد أصدقائكم مثلا أو رأيتموني من قبل في أي مكان؟ لأنني أظن أنكم تعرفونني

_نعم فصديقتنا رؤى تشبهك فنحن لم نقابلها منذ أربع سنوات أو أكثر

_تشبهون لكن لستما متأكدين من هذا أليس صحيح؟

_اه هكذا الأمر نحن نعتذر مرة ثانية

_على ماذا تعتذران! أنا غاضبه كثيرًا منكم ألم تتأكدا من أنني أنا رؤى نفسها صديقه طفولتكم، وصديقه العمر! هكذا يا غدور لم تعرفيني أنتِ وليل

نظرا لي بشوق ممزوج بالمفاجأة وعدم التصديق لما أقوله، وثبتا في مكانهما ولم ينبسا بكلمة واحدة؛ فتدخلت وأزلت هذا الصمت، وعانقتهم عناق الشوق، والمحبة، والحنين لذكريات الطفولة، والوقت الجميل الذي قضيناه سويًا في القرية، وتبادلنا نفس المشاعر ثم قالت غدير أو ما أقول لها" غدور " :

_يا رؤى نحن نعرف أنك أنتِ؛ لكن كنا نريد أن نتأكد فقط لأنك كنتِ تعطينا ظهرك، ويظهر نصف وجهك فقط وتأكدنا عندما لاحظتِ مراقبتا لك أنك أنني نفسها رؤى صديقتنا؛ لكن أردنا أن نختبرك، ونعرف إن كنتِ ستتذكريننا أم أن أصدقائك الجُدد انسوكِ إيانا

_ما هذا الذي تقولينه يا غدير لن يستطيع أحد أن يأخذ مكانكم، و لن أنساكم أبدًا مهما بعدنا فأنا أيضًا كنت ألعب معكما

فأجابا معا:
هكذا يا رؤى فأنتِ لم تتغيري عن السابق

ثم قالت غدير:
_ونحن أيضًا يا رورو لم ننساك أبدًا، وحاولنا الاتصال بكِ كثيرًا؛ لكن لم نستطع التواصل معك حتى صفحتك الشخصية على الفيس بوك لم تعد متوفرة

_ هاتفي الأول قد سُرق مني من حوالي سنتين كنت أيامها في الصف الثاني الثانوي وأنا عائده من الدرس، ولم أكن أحتفظ بنسخة أخرى من الأرقام، ولا حتى كلمة مرور الصفحة؛ فأنشأت حساب آخر؛ لكن لم أستطع الوصول للصفحة الخاصة بكم

فقالت ليل وهي تضحك :
_ثانية واحدة يا رؤى فعلى ما أتذكر قد سرق منكِ التاب مره عندما كنا نلعب أمام المدرسة المواقف تتكرر؛ لكن في وقت مختلف، ومع أشخاص مختلفين

_هذا ما حدث واشتريت واحد آخر؛ لكن كما اخبرتكم لم يكن معي أرقامكم نسيت أن أخبركم أنني تقابلت مع نوران  في الجامعة منذ اسبوع، وبالأمس تقابلنا بالمنزل عندي أنا، وهي، وأصدقائي الذين تعرفت عليهم هنا

قالت غدير:
_أهذا صحيح! هل هي موجودة اليوم بالجامعة؟

_بالطبع فهي معي في نفس الكلية، ونفس القسم نسيت أن أسألكم في أي كليه أنتما الاثنين هل في نفس الكلية معًا؟

_أنا في كليه الهندسة، وليل في كليه تربيه نوعيه قسم تكنولوجيا وأنتي بماذا التحقتِ؟ هل آداب لأنك كنتِ تجلسين هناك أم كنتِ تنتظرين أحد؟

_لم أكن أنتظر أحد أنا في آداب لغة عربية

_بالتوفيق لكِ كنا نود أن نقضي وقت أكثر معًا، ونلتقي بنوران أيضًا؛ لكن لدينا محاضرات وإن تأخرنا على المحاضرة سنحضر سيكشن الساعة الخامسة، ولن نلحق القطار لكي نعود للقرية فلم نسكن بعد

_عندي اقتراح أعطني رقم والدكما، وسأطلب من والدي أن يتصل به ويخبره أنكما معي وستتأخران سيكون مطمئن أكثر عندما يعرف أنكما بمنزلنا

_سنذهب وإن تأخرنا نتصل به وإذ لم نتأخر سنقضي بعض الوقت معًا؛ لكن في الجامعة حتى لا يفوتنا القطار كما أخبرتك

هكذا أنتهي لقائنا على أمل أن نلتقي بعد محاضرتهم

ومع الأيام وبالرغم من أن القسم لم يكن ميولي، ولم أفكر مجرد تفكير به ألا إنني أحببته كثيرًا، وبدأت في التأقلم مع الأمر، ومرت الأربع سنوات سريعًا وفي هذه السنوات مررت بكثير من المواقف، وتعرفت علي أشخاص أصبحوا جزءًا من حياتي نتشاجر ونضحك، وكنت أتمنى أن لا تنتهي سنين الجامعة حتى لا نفترق؛ لكن هذا هو الواقع المؤلم وبعد التخرج واجهتني صعوبات كثيرة أثناء البحث عن عمل فلم أكن أريد أن أدرّس فطموحي أكبر من ذلك فأنا أود أن أكون محررة صحفية في أكبر الجرائد والمجلات المصرية، ففي بداية تخرجي عملت في أحد الجرائد الصغيرة كمتدربه وليس صحفية وبجدارتي وتفوقي بعد أشهر كتبت أول مقال باسمي في الجريدة،  وتتابعت المقالات إلى أن حصلت على الكارنية الخاص بمزاوله المهنة، وأصبحت محررة صحفية رسميًا، وكانت أمامي أكثر من جريدة ألا أنني استمريت في الجريدة التي كانت بداية نجاحي بها، والتي كانت السبب فيه.

د

متم بخير ❤😚
دعمكم لطفًا❤😚
بقلمي/خلود مصطفى

للحلم بقية؛ Where stories live. Discover now