رؤى

66 15 0
                                    

في أحد القري الريفية في بيت بسيط ملئ بالفرحة كنت أعيش مع عائلتي وأدرس في الصف الأول الثانوي في مدرسة تبعد عن منزلنا بحوالي ميل أو أكثر كنت استغرق قرابة ثلاثين دقيقة حتى أصل لكن كنت سعيدة بهذا لأن هناك أصدقائي سأقابلهم وهناك أيضًا معلمين أحبهم ويحبونني كنت متفوقة في دراستي وكنت دائمًا أحصل على المركز الأول على مدرستي وكنت محبوبة من التلاميذ والمدرسين وحصلت على لقب الطالبة المثالية ودرع التفوق في الصف الثالث الإعدادي وها أنا ذا قد أتممت شهادتي الإعدادية وسأبدأ مرحله جديده من حياتي الدراسية وما زال حلمي الذي أتمناه عالق بذهني ومصممه على تحقيقه وهذا الحلم هو أن أشارك في مسابقة ثقافية كبيرة وكان الجميع يعرف بهذا ويعلمون أنني أحب الثقافة وجمع المعلومات وكانوا يشجعونني على هذا وبعدما انتهيت من المرحلة الإعدادية وتم تكريمي على مستوى محافظتي وكان هذا أجمل يوم في حياتي كان يوم السادس عشر من شهر أكتوبر في تمام الثانية ظهرًا فتحت الموقع الرسمي لنتيجة الشهادة الإعدادية وظهرت النتيجة وحصلت على مئتين وثمانين درجة وكانت هذه الدرجة النهائية كانت عائلتي وقتها فخورة بي للغاية وحضّرنا لحفل كبير حضر فيه زملائي ومعلمينِ وعائلتي وبعد ثلاثة أيام أتى اتصال هاتفي لوالدي من مدير المدرسة التي كنت بها في المرحلة الإعدادية بأنه سيتم تكريمي في حفل على مستوى المحافظة كان أبي سعيد بهذا الخبر وأخبرنا به فقامت والدتي بعمل جاتو احتفالًا بي وبنجاحي لكن المؤسف أنه بعد ثلاث أيام تم ترقية والدي وهذا ليس الخبر المحزن لكن المحزن أن عائلتي قررت أن ننتقل من قريتنا ونذهب للعيش في القاهرة لأن طبيعة عمل والدي كضابط شرطه عليه الانتقال من قريتنا لترقيته
 
برغم من أن هذا سيسهل عليّ تحقيق حلمي لأن المسابقات الثقافية لا تعقد في قريتنا ألا إنه صعب لأنني سأترك قريتي وأصدقائي وكانت عائلتي تعلم بمدي صعوبة التأقلم مع هذه الحياة الجديدة لكن بحكم عملهم كان عليهم أن يعيشوا هناك وها قد أتى آخر يوم لي في المدرسة بدأت بتوديع أصحابي ومدرسينِ ومدرساتي وكان الحزن يبدو على وجهي لأنني سأترك أصحابي الذين عشت معهم طوال عمري لكن هذا الواقع سأترك قريتي التي قضيت بها طفولتي وأجمل أيام حياتي وسأترك ذكرياتي التي توجد بكل مكان بها لكن حان الآن الوقت الذي سأذهب فيه وأترك قريتي بدأت في تحضير حقيبتي وأغراضي التي سآخذها معي وبعد أن انتهيت نادي عليّ والدي حتي أذهب إلى السيارة دلفت إليه وركبت السيارة وبدأنا رحلتنا إلى عالمنا الجديد كانت المسافة طويله بين قريتنا والقاهرة فقد أستغرقنا حوالي ساعتين
 
ها أنا ذا قد وصلت إلى القاهرة التي سأكمل بها حياتي وعندما وصلنا طلب منّا والدي أن نذهب إلى غرفنا لكي نستريح من تعب الطريق كانت غرفتي في الطابق الثاني بجوار غرفه زهير وكانت جميلة فقمت بوضع ألعابي التي كانت معي منذ طفولتي والكمبيوتر الذي اشتراه لي أبي لقد قمت بإحضارهم وبعد أن انتهيت أخلدت إلى نوم عميق لم أعلم كم من الساعات استغرقتها في النوم وبعد أن استيقظت قمت بالاتصال بأصحابي
 
وها هو أول يوم لي في مدرستي الجديدة التي لا أعرف بها أحد نادى عليّ والدي لكي يستعجلني حتى لا أتأخر على المدرسة ذهبت إلى المدرسة وكانت الأعجوبة أنها لا تشبه مدرستي السابقة إطلاقًا فكانت لا تتعدي طابقين كل طابق به ما يقارب أربعة فصول وملعب لكرة السلة والقدم فكانت هذه المدرسة تتعدي خمسة طوابق وملعب كبير وساحة كنا نجتمع بها أنا وزميلاتي وفي أول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة ذهبت إلى مديرة المدرسة حتي أستكمل ورق نقلي للمدرسة وحينما دقيت باب المكتب انزعجت كثيرًا وبدأت تنادي على شخص استنبط من كلامها أنه يمكن أن يكون سكرتيرها الخاص لكن لم يُجب عليها فطلبت مني أن أدخل عندما دخلت قلت لها :
أنا رؤى فتاة جديدة بالمدرسة وجأت لأستكمل ورق نقلي إلي المدرسة
لكن لم أكن أتوقع ردت فعلها هذه فهي لم تتعصب ولا أي شئ عكس ما كنت أتوقع بكثير لكن قالت:
 
اهلًا بكِ في مدرستنا انتظري قليلًا وسأكمله لك
انتظرت قليلًا حتى استكملت ورقي واخبرتني كذلك برقم فصلي وعندما خرجت من مكتبها رأيت إحدى الطالبات كان يبدو عليها التواضع وأنها من عائلة ثريه فسألتها عن مكان فصلي الذي سأدرس فيه فقالت:
في الطابق الثاني في آخر الممر أعتقد أنك جديدة بالمدرسة من أين أنتِ؟
 
فقلت:
نعم هذا أول يوم لي هنا بالمدرسة أنا من قريه تُدعي "خان يوسف"
 
فقالت:
أنتِ ريفية إذًا
 
وعندما بدأت في التحدث قاطعتني طالبة أخرى فقالت للفتاة التي كانت تزعجني :
توقفي يا أروى عن إزعاج الفتاة ألا تملي من إزعاج الناس هيا اذهبِ إلى فصلك وإلا سأذهب إلى مديرة المدرسة وأخبرها بما حدث
 
فقالت لها تلك الفتاه المتعجرفة :
سأذهب لكن ليس لخوفي من تهديك لكن لأن صديقتي تنتظرني ولا أريد تضييع الوقت في الشجار مع فتاة مثلك
انزعجت الفتاه التي كانت تتشاجر من أجلي مع أروى هذا كان اسمها فسمعته من الطالبة التي كانت تتشاجر من أجلي فهي نادتها به ثم طلبت منها أن تذهب مره أخرى وبعدها ذهبت هذه الفتاه المزعجة وظلت الفتاه التي لم أكن أعرف اسمها وطلبت مني ألا أنزعج من كلام أروى وذهبنا إلى فصولنا لاستكمال دروسنا
وبعد أن انتهينا من الدروس جاءت مديره المدرسة وتحدثت عن مسابقه ثقافيه ستعقد في مدرستنا وهي بمثابة تصفيات لمسابقه ستكون علي مستوي الجمهورية ومن يفوز يحصل على منحه للدراسة في لندن وهذا ما جذب انتباهي وبعدها ذهب كلا من إلى منزله وقتما خرجت من المدرسة لم يكن يشغل بالي سوى المسابقة فكم تمنيت أن أكون من المشاركين في مثل هذه المسابقة لكن لم يحالفني الحظ لأنه تم اختيار المشاركين وهم في انتظار التصفيات لكن لا بأس سأشارك فيها في المرات القادمة شردت في تفكيري ولم أنتبه إلا ووالدي ينادي عليّ لكي أذهب إليه فهذا أول يوم لي في المدرسة ولا أعرف الطريق لهذا أتى لكي يأخذني إلى المنزل وفي أثناء سيرنا سألني عن يومي الأول وكيف كان
 
فقلت له:
إنه كان يوم جميل وتعرفت على تلاميذ جدد من صفي وأصبحنا أصدقاء لكن لم أخبره عما حدث بيني وبين تلك الفتاة المزعجة التي تشاجرت معي حتى لا يقلق لكن أخبرته كثيرًا عن لمار تلك الفتاة الطيبة وقضينا طريقنا للمنزل في الحديث عن المدرسة حتى وصلنا إلى المنزل كانت والدتي تعد لنا الطعام وأخي زهير يلعب بجوارها بعد أن عاد من المدرسة فمدرسته الابتدائية قريبة من منزلنا فذهبت لتبديل ملابسي حتى أقوم بمساعدة والدتي في إعداد الطعام بعد أن انتهيت ذهبت إلى المطبخ وقمت بتقطيع الخضار لكي أقوم بعمل سلطة الخضروات فأنا لست أجيد الطبخ وكان أبي قد ذهب إلى غرفته ليريح جسده وبعد أن انتهينا ناديت عليه وبعد أن نزل إلينا بدأنا في تناول الطعام وكان حديثنا وقتها عن المدرسة وما دار بها.
 
بعد الغداء ذهبت إلى غرفتي وقمت بحل جميع واجباتي على عكس أخي لم يكن يحب المذاكرة وكان يعطني دفاتره كي أقوم بحل الواجبات بدلاً منه لكن العجيب أنه أيضًا مثلي يحصل علي مراكز متقدمة على مستوى المدرسة لم أكن أعرف كيف يحدث هذا لكن تذكرت كلمات والدي عندما أخبرني "بأن العقول ليست متشابهة حتي لو كنا شقيقان فكلا من لديه طريقة تفكير مختلفة وقوة ذاكرة مختلفة فمنّا من يجيد الحفظ ومنّا من يجيد الفهم "فأظن بأن أخي يجيد الفهم أكثر فأنا لم أره يحفظ ولو لمرة واحدة ويمسك الكتب لفترات كثيره وأنا أيضا هكذا لكن أجيد الحفظ أيضًا فليست كل المواد كبعضها فهناك مواد علمية تفهم ومواد أدبية تحفظ وهكذا.
 
انتهيت من مذاكرتي ثم ذهبت إلى الصالون فوجدت أبي وأمي يشاهدان فلمًا جميلًا كان اسمه "الدادة دودي" وهو من أجمل الأفلام التر أحبها ولا أمل أبدًا عند سماعه وأشاهده وأتفاعل مع الأحداث كأني لم أشاهده من قبل وكأنها المرة الأولي التي أشاهده فيها لكن أخي كان مشغول بألعاب البلاي ستيشن الذي اشتراه أبي قبل رحيلنا عن القرية كانت هذه الكلمة كالصاعقة تذكرت معها أيامي هناك وطفولتي وأصدقائي لم أتوقع أن انساهم لكن غفلت عنهم لأيام فتركت أبي وأمي وذهبت إلى غرفتي وقمت بالاتصال بصديقاتي "غدير وليل"
كانوا من الأصدقاء المقربين لي كنا معنا من الروضة إلى الإعدادية لكن فرقنا ذهابي إلى القاهرة.
 
تحدثنا معًا عن أشياء كثيرة عن طفولتنا ولعبنا سويًا وعن أيامنا في الفصل وعن شغبنا ولا سيما عن رسمنا الذي كان يشبه الرسوم المتحركة وعن المسرحيات التي كنا نمثلها وعن أشياء كثيرة وكثيرة كنت سعيدة جدًا بهذه المكالمة وكنت بحاجه لها في هذا التوقيت بالأخص لأنني ما زلت بدون أصدقاء في المدرسة الجديدة صحيح أنني تعرفت على لمار لكن وحدها لا تكفي ولا زالت علاقتنا سطحية فلم أتحدث معها كثير.
 
في اليوم التالي استيقظت لأقوم بأعداد الفطور حتى لا ازعج والدتي فقد كبرت وعليّ الاعتماد على نفسي لكن لن أسبق والدتي مطلقًا فعندما استيقظت كانت قد أعدت الطعام ووضعته على السفرة ووضعت طعامي أنا وأخي في حقائبنا فأخذت حقيبتي وذهبت إلى المدرسة لكن بسبب المواصلات تأخر أبي في توصيلي فوصلت متأخرة علي موعد طابور المدرسة فلم يسمح أمن المدرسة لي بالدخول بدأت بالبكاء لم يحدث هذا معي يومًا منذ أن دخلت المدرسة كان شعور مختلف وغريب بالنسبة لي لكن طلبت منه أن أذهب للمديرة وأحكي لها ما حدث لكن لم يوافق لكن أثناء حديثنا رأتنا لمار فاقتربت مني وسألتني ماذا حدث فحكيت لها أنني تأخرت بسبب المواصلات وأنه لا يسمح لي بالحديث مع المديرة فذهبت للمديرة وحكت لها كل ما أخبرتها بها وكنت أنتظر في ساحة المدرسة حتي اتصلت المديرة على الأمن وطلبت منه أن يتركني أذهب إليها وعندما ذهبت إليها كانت عيوني مليئة بالدموع ومن كثرة الدموع لا يفهم الكلام الذي أنطق به وكانت لمار تضحك على حالتي وأنا أنظر لها بغيظ وهي لا تمل من الضحك لكن المديرة طلبت منّي أن أهدأ وأعطتني ماء هدأت قليلا ثم قلت لها :
 
أنا لم أتعمد التأخر على المدرسة لكن أبي تأخر بسبب المواصلات ولن يتكرر هذا مرة ثانية هذه أول وأخر مرة يحدث هذا أرجوكِ أسمحي لي بدخول الفصل وتكمله دروسي فأنا لا أريد أن يضيع منّي درس اليوم
 
فقالت:
اهدأي لم يحدث شيء لكن لا تكرريها مرة أخرى أذهبي الآن إلى فصلك ولمار لماذا أنتِ بالخارج من المفترض أن يكون لديك حصة كيمياء الآن؟
 
فقالت لمار بتوتر:
كنت ذاهبه لشراء طعام من البوفيه قبل أن يدخل المستر إلى الفصل لأنني جائعة للغاية
 
فقالت المديرة :
ما هذا يا لمار شراء الطعام في البريك ليس في وقت الحصص هيا اذهبا أنتما الاثنتين إلى فصلكما
 
عندما خرجنا انفتحتُ في الضحك كنت سأموت من الضحك على حالة لمار وهي تتحدث فقد كانت مصفرة الوجه خافضه رأسها في الأرض وكانت لمار تضربني على كتفي وكانت متضايقة جدًا لكنني كنت أضحك على حالتها بدلًا من أن أواسيها وحينما خرجنا من مكتب المديرة بدأت لمار بالركض ورائي لكن لم تلحق بي فقد كنت أسرع منها وعندما وصلنا إلى الفصل كأن شئ لم يكن وتوقفت عن الضحك والركض وتوقفت لمار عن ملاحقتي لكن في وسط الحصة كانت لمار تنظر لي نظرة أنا وحدي أفهمها وتتوعد لي وأنا أكتم الضحك وألفت وجهي بعيدًا عنها حتي لا أضحك.
 
وعندما جاء وقت البريك أسرعتُ في الخروج حتى لا تلحق لمار بي لكن المزعجة أتت الكل يعرفها هي أروى التي لا تتركني في حالي منذ دخولي المدرسة بدأت بالحديث مع صديقتها التي لا أعرف اسمها إلى الآن وكانت تقول:
قلت لك أن هناك طلاب هذا ليس مكانهم وهذه المدرسة ليست من مستواهم يحضرون متأخرين على الحصص ولا يبالون بها ولا يهتمون بدروسهم لا بد من تنظيف المدرسة من أمثالهم
لم أهتم في البداية لكلامهم فلم أعتد على الاهتمام بكلام الناس وخاصة إن كانت صاحبة هذا الكلام هذه المتعجرفة لكن عندما تمادي هاتان الاثنتان في حديثهم عني لم أستطع التحمل فقمت بالتشاجر معها وأعطيتها رد علي كلامها صحيح لستُ بارعة في فنون الشِجار لكن حاولت فقلت لها:
أروى لقد تماديتِ كثيرًا هذه المرة ولن أسمح لكِ بالتمادي معي ثانية وسأذهب إلى المديرة لكي تخبر والدك بما تفعلينه في المدرسة.
 
كان هذا مجرد تهديد وبدأت أروي بالانسحاب تدريجيا لكن جاءت آنسه مشاكل وأشعلت الشجار ثانية
بعد أن انهينا شجارنا مع أروي وكميه الاستفزاز الذي استفزيته ل لمار توعدت لي أن تأخذ حقها مني فذهبنا الي الفصل لنحضر حصة الكيمياء وبعد أن خرجنا استغلت فرصة أنني كنت شارده وقامت بضربي على وجهي وقالت لي بابتسامة مستفزة :
 
ماذا الآن يا آنسه رؤى قد أخذت حقي منك حتي لا تكرريها ثانية فلا تعلمين من أنا إلى الآن
 
بعدها ذهبت وبحثت عن لمار أثناء خروجي لكن لم أجدها بالمدرسة ولم أجدها بالمكتب الذي قالت ليل عنه وانتظرت لكن دون جدوى فذهبت إلى منزلي فتفاجأت بأن المنزل في ظلام دامس ناديت على والدتي وعلى والدي وأخواتي لكن لم يجب أحد منهم ولم يأتني أي رد من أحد منهم ربما قد ذهبوا إلي مكان ما دون علمي كان هذا تفسيري لكن عندما فتحت الأضواء وجدت كعكة عليها صورتي والبيت مزين ببالونات كثيرة بالألوان التي أحبها اللون الأحمر والوردي وعائلاتي من حولي يغنون فتذكرت أن اليوم هو يوم مولدي سعدت كثيرًا بالمفاجأة وكانت المفاجأة الأكبر حضور أصدقائي من القرية التي كنت أسكن بها وهما ليل و غدير أعرفهم منذ دخولي المدرسة الابتدائية وما زلنا مع بعضنا إلى الآن يا لها من فرحه لا توصف هذا أجمل ذكرى ميلاد مرت عليّ في حياتي وبكل تلقائية أسرعت إليهم واحتضنتهم فأنا اشتقت إليهم كثيرًا فلم نري بعضنا منذ فترة طويلة فهذه ردت فعل متوقعة وهم أيضًا بادلوني هذا الشعور وهذه المحبة و بدأت في البكاء
 
وحضنت والدي ووالدتي وشكرتهم على هذه المفاجأة الجميلة فأنا أعلم أنهم تعبا في تحضيرها فقريتنا بعيده ووصول أصدقائي علا الموعد شيء خيالي لم أكن أتوقعه بدأنا في الاحتفال وأطفئنا الشمع وقطعنا الجاتو وفرقعنا البالونات كانت تصرفات طفوليه لكن لم أستطع التوقف وبعد هذا الحفل خرجنا أنا وزميلاتيّ وقضينا أجمل وقت سويًا وتذكرنا أيامنا في القرية حقًا كان هذا يوم لا ينسى ضحكنا من قلوبنا فرحنا كثيرًا وتحدثنا من قلوبنا لا نحتاج لترتيب الكلام فالكلام يأتي تلقائيًا عندما نكون معًا جلسنا كثيرًا فوالد صديقتيّ كان يشتاق أيضًا لوالدي فجلسا معا وذهبت أنا وغدير وليل إلى غرفتي وأخبرتهم عن مدرستي الجديدة وعن أصدقائي الذين تعرفت عليهم في مدرستي وهما كذلك أخبراني عن مدرستي القديمة وعن التطور الذي حدث بها وعن اشتياق أصدقائي لي ووقتما كنا نتحدث سمعت صوت والدي ينادي لي فذهبنا إليه فأخبرنا بأن ليل وغدير سوف يبيتان معنا هذه الليلة رفض والدهما في البداية لكن أقنعه أبي فوافق وقضينا أجمل ليله في حياتنا
 
انتهينا من سهرتنا وفي أثناء عودتنا قابلنا شخص لم يخطر لنا أبدًا ولم نكن نتوقع أن نراه وقد أوشكنا على نسيانه أو بالأصح نسيناه فنحن لم نرها منذ كنا في الابتدائية وكل ما نعرفه عنها أنها سافرت لم نكن نعلم أنها في القاهرة فلم ارها منذ أن جئت إلى هنا لم أصدق ما رأته عيني هي بالفعل نوران زميلتنا في المرحلة الابتدائية ويبدو عليها نفس الشعور أنها لم تتذكرنا فقلت لها بلهفة وشوق:
 
اهلًا نوران لقد اشتقنا لك كثيرًا فكم تمنينا أن نراك أو نعرف مكان سكنك الجديد لنقوم بزيارتك
 
فقالت بدهشة وتعجب و ظهر عليها بعض الخوف:
من أنتم؟ ومن أين تعرفون اسمي؟ هل تعرفتم عليّ من قبل؟ أم أنكم تشبهون عليّ؟ أم أنني أشبه أحد تعرفونه؟
 
فقلت لها:
انتِ نوران محمد كنت تعيشين في قرية خان يوسف أصحيح هذا؟ أنا رؤى و هاتان غدير وليل ألم تتذكرينا بعد؟
 
فقالت:
لا للأسف لا أتذكركم فقد رحلت من هذه القرية منذ سنوات عديدة
 
فقالت لها غدير:
ألا تتذكرين مسلسل الملكة جودا الذي كنّا نمثله والمسرحيات وأغاني الكرتون التي كنّا نكتبها لنحفظها؟ ألم تتذكري كل هذا؟
 
فقالت بشوق وعيناها تدمعان:
تذكرتكم آسفه لقد تغيرت ملامحكم كثيرًا اشتقت لكم كثيرًا لكن هل انتقلتم إلى هنا؟
 
فقلنا أنا وغدير و ليل في صوت واحد:
ونحن ايضًا اشتقنا لكِ
 
وقلت أنا على وجه الخصوص:
لم ننتقل جميعنا بل أنا من انتقلت فقط وهن أتين لزيارتي بمناسبه ذكرى ميلادي
 
فقالت والبسمة مرتسمه على وجهها الذي ما زال جميل كما كان وعيناها الخضراويتان تلمعان:
 
يوم ميلاد سعيد رؤى أتمنى لكِ أيام سعيدة ولكم أيضًا
 
فقلنا لها:
ونحن أيضًا هكذا يا نوران اشتقتنا إلى هذه الأيام كثيرًا فقد قضينا طفولتنا سويًا كانت أيام جميله لا تعوض
 
 
فقالت :
صدقتم في كلامكم وأنا أيضًا كنت أتمنى رؤيتكم من فترة طويلة لكن الظروف حكمت عليّ أن أترك القرية كما حدث معك يا رؤى لكن لا بأس يمكننا أن نتقابل طالما نحن في نفس المدينة لكن يجب أن أذهب لأن أبي ينتظرني
 
فقلت:
حسنا يا نوران في أمان الله ورعايته ساراك قريبا بإذن الله
 
ثم ذهبنا إلى المنزل فوالد صديقتيّ ينتظرهم وفي فجر اليوم التالي كان صديقتيّ قد حضرا حقائبهما حتي يغادرا مع والدهم ويذهبا إلى القرية فالمسافة طويلة أن بدأوا الرحلة الآن سيصلون على السابعة صباحًا وعمي لديه عمل في القسم ولا بد أن يصل في الموعد حتى لا تحدث فوضى وأيضًا غدير و ليل لديهم اختبارات في المدرسة لكل هذه الأسباب سيذهبون.
 
 
استيقظت في الخامسة فجرًا كان الوقت لا يزال حالك الظلام وبدأت في تحضير أشيائي وما كلفت بعمله للمفاجأة التي نعدها لجنه فقمت بعمل أربع أساور لكل منا واحده ووضعت خرزات عليها حروفنا وكونت بالخرز كلمة أصدقاء للأبد وكانت في منتهي الجمال وفي حوالي السابعة أجريت مكالمة هاتفية لجنه وسألتها إن كانت ستأتي إلى المدرسة أم لا فقالت أنها ستأتي فبلغت باقي الجروب المخصص لعمل المفاجأة فبدأ كلا منهم بتنفيذ المهمة المكلف بها فقامت لمار بشراء بعض الورود والأشياء الأخرى اللازمة
لتزيين المسرح والتنسيق مع الفرقة الموسيقية وبالإضافة إلى ذلك صممت ألبوم به جميع ذكرياتنا معًا وليل اشترت لها برفان برائحه الياسمين ونسقت مع مهندس الديكور وكُلفت أيضا برسم خطة للإتيان بها إلى المسرح فأحضرت الأقلام والأوراق وكتبت لافتات بها اتجاهات ووضعتها في الطريق المؤدي إلى المسرح المدرسي كل هذا قد تم بالأمس بدون علمها لكن تبقي فقط الألبوم الذي صممته لمار وأساوري وبرفان ليل ففي طريقنا إلى المدرسة اشترينا كل هذه الأشياء فقد اتفقنا أن نذهب معًا إلى المدرسة لكن بدون جنه هذه المرة وبعد أن اشترينا ذهب كلا منا إلى مكانه المخصص وذهبتُ لإحضار المديرة والمدرسين والمدرسات إلى المسرح وأنا ذاهبه التقيت بوالدتها ووالدها قد أتيا مبكرًا قبلنا وأخبرتني والدتها أنها تركت لها رسالة أنها ذاهبه هي ووالدها لشراء بعض الأغراض من السوق وعليها الذهاب إلى المدرسة ولا تتأخر كعادتها
 
قد دقت الثامنة وقد أتت المَدرسة كنا ننتظرها كعادتنا حتى لا تشك في أي شيء وتحدثنا إليها وبعدها أخترع كلًا منا حجة للذهاب وتركناها بمفردها وقامت جنه بإلقاء أول رسالة لها بأن تذهب إلى الطرقة بجانب المدرجات وبعدها بالتدريج وجدت باقي الرسائل حتى وصلت إلى المسرح كنا جميعًا في انتظارها وعندما دخلت لاحظت وجود أبيها فبدأت بالبكاء وذهبت إليه وقامت باحتضانه فهي لم تتوقع تواجده فهو دائمًا مشغول ثم ظهرت والدتها ثم أنا وليل رغم تعبها و لمار وصعدنا المسرح بعد أنهي والدها حديثه وغنينا معنا اغنيه أجدع صحاب ثم قدمت اغنيه ثانيه لوالدها تشكره بها ثم اغنيه موجهه لجميع من في الحفلة ثم كانت المفاجأة الأكبر هي مفاجأة والدها فقد كان من فتره اشترك لها في برنامج kids voice the دون علمها وقام بمفاجأتها بتقديم بطاقه القبول بالبرنامج لأداء العرض الأول في الحفلة فكانت سعيدة جدًا بهذا الخبر فهذا حلم حياتها وتعبت كثيرا لتصل إلى هنا ثم بعد ذلك ذهبنا إلي كافيه بجانب المدرسة وكنا قد حضرنا جاتو عليه صوره جنه وأسمائنا وقضينا وقت جميل وأعطيناها الهدايا ثم بعد ذلك ذهب كلا منا إلى منزله وصلت المنزل وكنت مرهقه فقررت أن استريح قليلا بعد هذا اليوم المرهق لكن لا شيء يعادل سعادة جنه بالنسبة لي فذهبت إلي غرفتي وبدلت ملابسي المدرسية واخلدت إلى النوم
 
عندما استيقظت كانت حوالي التاسعة أو التاسعة إلا ربع عندما رأيت الساعة لا أعلم ماذا حدث بجسمي وجدتني تلقائيا أركض إلى المكتب وأمسك مذكرات الرياضيات وبدأت في المراجعة لكن لست بارعه فيها كليل فلا يقف أمامها اي سؤل في مادة الرياضيات فجاءتني فكرة أن أتصل بها ونقوم بحل الواجب معًا
 
_الو يا ليل ازيك عامله ايه يا رب تكوني بخير
 
_الله يسلمك بخير الحمد لله أنتِ أخبارك إيه يا رؤى
 
_بخير الحمد لله بقولك ممكن تسعديني في حل واجب الرياضيات بليس
 
_اااه الموضوع كده
 
_ايوه كده المستر هيموتني بكره لو ما حليت يلا بقا
 
_حاضر خلاص ما تعيطي هساعدك أنا كده كده كنت بحل الواجب ده
 
_حببتي يا جنجونه يلا نحل
 
بدأنا الحل وسألتني شيء سهل فلم أعرفه فتعصبت جدا وبدأت في توبيخي وأنا لا أكف عن الضحك وهي ترفع من صوتها لتشرح لي المسائلة وأنا اقول لها ماذا أكلتِ ففتحت الكاميرا ومسكت الحذاء وكانت ستطلقه عليا لكن صرخت وقولت لها سيتلف الهاتف فألقته على الأرض وبدأت في الشرح ثانيه وركزت معها حقا قضينا مكالمه لطيفه ما بين الضحك والهزاز والجد والتوبيخ
 
دمتم بخير ❤😚
دعمكم لطفًا❤😚
بقلمي/خلود مصطفى

للحلم بقية؛ Where stories live. Discover now