نوران

32 11 0
                                    

نوران صديقة رؤى منذ أن كانت في الابتدائية وتركت القرية وذهبت مع عائلتها ليعيشوا في القاهرة وتقابلت رؤى معها صدفة مرة ثانية عندما كانت مع أصدقائها، ومن بعدها لم يتقابلا ثانية، ولم يكن هناك فرصة ليأخذا أرقام هواتف بعضهما البعض.

في الثانوية العامة لم يكن لديّ حلم معين يشغل بالي، وكان كل ما أريده هو مجموع عالي أُسعد به أبي وأمي فقط لا غير، وسعيت لأجله وتعبت؛ لكن كما يقولون الثانوية غدارة وفعلًا غدرت بي؛ لكن هذا قضاء الله وأمره وشاء الله أن أدخل كليه الآداب التي كنت دائمًا لا أستلطف من يدخلوها لكن في النهاية دخلتها لكن لم تكن كما أسمع عنها؛ لكن كان الكلام بعضه حقيقه للأمانة حتى لا أظلمها؛ لكنني لم أكن أحبها في البداية، وكرهتها أكثر عندما عرفت بالقسم الذي تم اختياري له حسب مجموعي؛ لكن مع مرور الوقت بدأت أتأقلم مع الوضع، وكونت أصدقاء من القسم ومن أقسام أخرى، وقابلت أصدقائي ممن كانوا معي في الإعدادية والثانوية، وأعجبت بالتخصص فكنت أكره القسم لأنني لا أريد أن أدخل مجال التدريس ثم بعد ذلك عرفت أن هناك أكثر من مجال آخر لخريج آداب لغة عربية؛ فبدأت أستلطف القسم، وكان من أجمل ما حدث معي في هذه الكلية أنني قابلت صديقة عمري وطفولتي رؤى فاكتشفت بالمصادفة أنها معي في نفس القسم رأيتها في أول يوم وكنت لا أصدق ما رأته عيني عندما لمحتُها؛ فذهبت مسرعة وعانقتها والدموع في عيني من فرحه اللقاء بعد سنين طويلة من الفراق وقلت لها:

_ رؤى أهلًا كيف حالك؟ أفتقدك كثيرًا يا حبيبتي

_ ما هذه الصدفة الجميلة يا نوران سعدت برؤيتك أنا بخير الحمد لله وماذا عنك؟

_وانا أيضًا لم أصدق أنني رأيتك ثانيه أدام الله عليك يا حبيبتي

_وإياكِ يا سُكر هل أنتِ في كليه الآداب أيضا؟

_ أجل وأنتِ أيضًا؟ ما هذه الصدف الجميلة في هذا اليوم الجميل!

_ أسعد وأجمل يوم في حياتي لأنني رأيتك ما هو قسمك

_ اللغة العربية وأنتِ؟

_اللغة العربية أيضًا هذا كثير جدًا علي عقلي! كيف أستوعب كل هذه الصدف الجميلة؟

_سوف يكون هناك كثير من المغامرات، ونعيد أيام الزمن الجميل

_معك حق في هذا وبالإضافة لذلك معنا أيضًا قدر؛ لكنها في قسم اللغه الإنجليزية

_مَن هذه قدر؟ هل هي صديقة جديدة؟

_لا تعرفت عليها منذ ثلاث سنوات، وفي البداية كنا نكرهها هي وصديقتها ثم أصبحنا أصدقاء مقربين فهي شخصية جميلة وطيبة

_وقفت أسمع مدحها لما تُدعي بقدر وكلي غيظ وغيره ثم قلت لها:
اه وماذا أيضا يا رؤي؟ هل ستُنهي كلامك؟ أم أوريك ماذا أفعل؟

_ سأصمت؛ لكن ألن يُصبح عقلك أكبر ؟ستظلين طفوليه كما كنتِ

_لا وسأنظر ماذا ستفعلين؟

وفي عضم حديثنا الذي أصبح ساخنًا جاءت هذه قدر، وحيّت رؤى ثم عانقتها وأنا أنظر بغيظ وربما تكون لاحظت هذا؛ لكنني لا يهمني أي شيء فرؤى لي بمفردي، وصديقتي وحدي، ولن تكون لأحد غيري؛ فجلست معنا تلك المدعوة قدر؛ فعرفتها رؤى بي؛ فمدت يدها لتسلم عليّ؛ فلم أمد لها يدي، وجلست بجانب رؤى، وبدأنا في الهزار ومع كل ما يحدث رؤى تريد قتلي على ما أفعله فقد أحرجت الفتاة كثيرًا فتشاجرنا أنا ورؤى وفي النهاية اعتذرت من الفتاة على ما فعلته، وطلبت منها أن لا تقترب من رؤى ثانيه، وأنها صديقتي بمفردي لا أحد يشاركني فيها.

وفي أحد المرات كنا في طريق عودتنا بعد يوم جامعي طويل ومرهق مليء بالمحاضرات الامتحانات ومن المعروف أن مقعد السيارة يأخذ ثلاث أفراد فقط جلست رؤى بجانب النافذة، وكادت قدر تجلس بجانبها؛ فمسكت يدها ومنعتها، وقلت لها: سأجلس أنا هُنا فتركت الكرسي وذهبت وجلست على واحد آخر، وبعد مرور بضعة دقائق طلبتْ من رؤى أن تصورها لأن المنظر بالخارج رائع فقلت لها: صوريني أنا وبعد ذلك قومي بتصويرها

ومرة أخرى كانت رؤى تتصور معها دخلت في الصورة وأفسدتها، وأخذتها وتصورنا معًا وكثير من المواقف التي لا تنتهي، ونظراتِ لها عندما تبدأ بالهزاز معها كثير من المتعة فعندما تطلب منها أن تصورها أقول لها: هيا خذي لي بعض الصور للأمانة الفتاة طيبة كما قالت رؤى وأنا الشريرة فعلًا كما تخبرني رؤى دائمًا فعندما كنا ننتهي من المحاضرات وتتصل برؤى أرد عليها أنا وآخذ الهاتف وأخبرها أننا سنبقي هنا وإن كانت تريد مقابلتها تأتي هي إلينا.

ولا سيما مغامراتي مع رؤى في المحاضرات كانت تكتب وراء الدكتور وأنا أتصنع أنني أكتب وأفتح الهاتف وأحيانًا اهرب من المحاضرات وأيام الميد والفاينل ومراجعتنا في المواصلات وصوتنا المرتفع الذي يزعج الراكبون وضحكتنا التي يصل صوتها إلي آخر الشارع وذهابنا معًا إلي الجامعة وتأخرها الذي يزعجني واتصالاتي التي تزيد عن أربعين اتصال وردها ببرود بعد كل هذه الاتصالات الكثيرة

وحدث معنا موقف ونحن نشتري الكوكتيل كان يهلك من الضحك وتأكدت أنني متخلفة كما تقول لي رؤي دائما ذهبتُ لأشتري الكوكتيل وهي مسكت حقيبتي وأنا أفتح الرف كنت متعبه للغاية  وغير واعية لما أفعله ففتحته من الناحية الخطأ وصاحب المحل ينادي وأنا لست هنا تمامًا فقد كان عقلي مليئ بما يكفي بسبب درجات الامتحان

فقالت لي بضحك و تريقه :
_ ماذا تفعلين؟ هذه الجهة الخاطئة

_ماذا تقولين؟ لا يفتح أنا لست معكي يا نوران، وهذا ليس وقتك

_يا فتاة يفتح من الجهة الأخرى أحرجتني أمام البائع

_ولما لم تخبريني قبل أن أذهب؟ حسابك معي

_ وكيف أعرف أنكِ لا تعرفين كيف يفتح؟ هل أنتي طفله؟

_لا لست طفلة لكني هبله ههههه

_اصمتي الآن واذهبي وادفعي حساب المشروب

ذهبت لأدفع وقعت مني النقود على الأرض؛ لأنني كنت أمسك الأوراق، والحقيبة بها كثير من الأشياء؛ فضحك صاحب المحل؛ فذهبت في خجل، وأنا أكاد أموت من الضحك على كل ما حدث معي منذ بداية اليوم، وفي أثناء جلوسنا في السيارة ونحن في طريق العودة فتحت جروب الدفعة،  ورأيت اجابات الامتحان، واكتشفت أن عندي سؤال واحد فقط خطأ بعد أن كنت أقول أن عندي سؤال واحد هو الصحيح؛ فصرخت من الفرحة، ونظر إليّ جميع من بالسيارة بنظرة تعجب وعدم فهم لي ولما أفعله ربما قالوا في أنفسهم أنني متخلفة عقليًا؛ فصمت ونظرت في الأرض من خجلي؛ لكن في الحقيقة أكون سعيدة بهذه المواقف التي تجمعنا معنا فهي نعمة من الله لي في هذه الحياة.

وتخرجت من قسم لغة عربيه وقدمت على دبلومة تربوية فلم يكن ميولي أن أعمل في جريدة صحفيه أو ما شابه ذلك؛ فالتعليم ليس في بالي استمريت فيه فقط لأجل أهلي؛ لأنني تحطمت بعد الثانوية بالرغم من أنني من أهملت، وأدت بنفسي لما أنا فيه الآن؛ لكنني بالرغم من كل هذا شعرت بوجع الفقدان ولم يكن لدي أي حلم فكيف حال هؤلاء الذين ظلوا طوال عمرهم يحلمون بأحلام وكانوا يشعرون بالفرحة بمجرد ذكرها أمامهم؟ فلا تحطموا آمالهم وساعدوهم على أن يتخطوا كل هذه الصعاب فمثل هذه المواقف ليس من السهل نسيانها فذكراها تظل بداخلك ما دمت حيًا.

عملت بمهنة التدريس بالرغم من كرهي الشديد لها بسبب المدرسين الذين كانوا يحبطونني في أيام الثانوية؛ لكن مع الوقت أحببتها وبدأت أشعر بالفرح وأنا أدرس الطلاب وبالأخص الأطفال في مرحلة الروضة ضحكاتهم وكلامهم الغير مفهوم بعض الشيء وكثير وكثير من الأشياء التي أحببتني في هذه المهنة مع إنني كنت أكرهها بطريقة مبالغ فيها؛ لكن لا يوجد محبه إلا من بعد أن يكون هناك عداوة في البداية

مرت الأيام وأصبحت ثانوية عامة وكان حلمي مازال أن التحق بكليه الآداب فقد كنت في القسم الأدبي وليس العلمي، وأنا أحب اللغات والترجمة؛ فاخترت كليه الآداب قسم تركي بناءً على ميولي تجاهها وكانت والدتي مترجمة؛ لذلك شجعتني على هذا فأردت أن أنافسها لذلك كنت أتمنى أن أدخل قسم اللغة التركية مثلها، وكان من أصعب المواد هي مادة التاريخ فكلها تواريخ، وحفظ وشخصيات لا تنتهي وبالأخص محمد علي وأولاده جعلوني أكره التاريخ فكل مرة أحاول أن أفهمه أيأس، وأترك المذاكرة؛ فقد كان مثل الأرنبة فأولاده لا حصر لهم أما الجغرافيا فكانت المشكلة الأكبر فكنت لا أجيد حل الخريطة إلى أن قررت أن أحاول كان هذا في هذه السنة فقط ففي السنين الأخرى كانت الخرائط بسيطة وسهل التعرف علي الدول، وكنت أجيدها؛ لكن في هذه السنة كانت معقده وهذا متوقع؛ لكن بعد عناء وجهد جبار أتقنت الخريطة، ولم تعد تسبب لي أي مشاكل؛ لكن طوال هذه السنه كانت الايام تمر ببطء على عكس السنين الأخرى فقد كانت تجرى كالبرق، حتى أصبت بالملل من طول المدة؛ لكن مع أقترب الامتحانات أصبح الوقت يجري وأتمنى أن يبطء

وفي أول يوم امتحانات بالرغم من كوني متوترة ألا إنني كنت ساكنه القلب مطمئنه وهادئة ومرت جميع الامتحانات على هذا الحال، وبعد أسبوع لا أكثر كان موعد إعلان النتيجة ألا انها ظهرت مبكرًا قبل الموعد المعلن عنه ولم يُحالفني الحظ ولم أدخل قسم اللغة التركية؛ فدخلت قسم اللغة العربية

دمتم بخير❤😚
دعمكم لطفًا❤😚
بقلمي/خلود مصطفى

للحلم بقية؛ Where stories live. Discover now