الفصل السابع والثلاثون: عَزَاء

Start from the beginning
                                    

"خير يا دكتور؟ طمنا من فضلك." استفسر والد أفنان فور رؤيته للطبيب يُغادر الحجرة حيث وُضع أنس، أقترب رحيم من الطبيب كذلك والذي أردف بإيجاز:

"المريض ضغطه كان عالي جدًا اتخطى ال ٢٠٠ وده اللي سببله الإغماء، أحنا علقناله محاليل والمفروض أن ضغطه هينزل وأنا برضوا هكتبله على أدوية للضغط ياريت يلتزم بيها وطبعًا لازم يتابع مع دكتور."

"تمام شكرًا لحضرتك." تمتم رحيم وهو يُعيد خصلات شعره نحو الخلف بقوة بينما يزفر بضيق، هناك شيئًا خاطئ يحدث مع صديقه الوحيد وهو لم ينتبه لإنشغاله بالإحتفال مع أفنان، ياله من شخصًا أناني وأحمق! سب رحيم نفسه قبل أن يستأذن الطبيب في رؤية أنس.

دلف رحيم إلى داخل الحجرة ليرى صديقه النائم على الفراش بينما اتصل بذراعه محاليل طبية، سحب رحيم الكرسي الذي وضع في الحجرة وقربه من السرير.. انتبه أنس لوجود رحيم فقام بفتح عيناه وحاول الجلوس لكن رحيم ربت على كتفه وهو يُردف:

"خليك زي ما أنت متتعبش نفسك."

"أنا بقيت كويس."

"أيه اللي حصل يا أنس؟ أنت فيك حاجة مش مضبوطة." سأله رحيم بهدوء على عكس مشاعره القلقة المضطربة، قلب أنس عيناه بتملل وهو يُجيبه ساخرًا:

"لا لماح أوي اسم الله عليك."

"يا ابني هو أنت مبتعرفش تتكلم زي الناس المحترمة؟ قولي في أيه؟"

"مفيش، فريد مات." نبس أنس بهدوء شديد قبل أن يبدأ في نوبة من الضحك الهستيري.. طالعه رحيم بنظرات هادئة وهو ينتظر أن يفرغ أنس من نوبة الضحك خاصته كي يُخبره أن ذلك النوع من المزاح غير مقبول، بعد مرور دقيقة تقريبًا توقف أنس عن الضحك وهو يفرك عيناه التي امتلأت بالدموع من فرط الضحك.

"بتبصلي كده ليه؟" سأل أنس وهو يُطالع رحيم الذي تجمد الدم في عروقه، نظر رحيم نحو أنس لبرهة قبل أن يسأل بتقطع وبنبرة مُرتعشة:

"أنس.. هو أنت.. بتتكلم جد؟ أنس؟"

"هي الحاجات دي فيها هزار؟ جاله جلطة ومات من تلات ساعات كده.. جاله جلطة بعد ما عرف أني حبسته ورفعت عليه قواضي.. أنت ساكت ليه؟" كان أنس يتحدث بثبات شديد وهو ينظر إلى داخل أعين رحيم، لم يُعلق رحيم على حديث أنس بل استقام من مقعده وجذب أنس في عناقًا قوي وفي تلك اللحظة انفجر أنس في البكاء وهو يُردف بصوت مبحوح:

"أنا بكرهه يا رحيم.. بكرهه.. أنا.. أنا مبسوط أنه مات! لا.. أنا مش مبسوط." كانت الشهقات تتخلل حديث أنس المُبعثر، شدد رحيم على العناق أكثر وهو يلعن نفسه أسفل أنفاسه، كيف لم يلاحظ اضطراب أنس من بعد اجراءه لتلك المكالمة، كيف كان أناني للدرجة التي جعلته لم ينتبه قط لصديقه.

 في حي الزمالكWhere stories live. Discover now