كان يقود السيارة بسرعة متجهة إلى طريق غير التي تعيده إلى المنزل ، طوال الطريق لم يقل أي كلمة على الرغم من أن عقله سينفجر من التفكير ، الا انه يحاول ان يبقى هاديء و الا يشعر من بجانبه انه قلق جدا من الايام القادمة .
نظر له ايثان يحاول فهم ما يدور في رأسه فلقد تجاوز طريق العودة الآن و ابتعدا قليلا عن خارج المدينة ، ظل يقود إلى نصف ساعة تقريبا ليتوقف أمام بوابات إحدى المقابر و يهم جيمس بالنزول يتبعه ايثان و الذي علم الآن بماذا كان يفكر صديقه ، تركه يتقدم و يدخل إلى البوابة .
أتجه هو ليجلس على إحدى الصخور ، و يتنهد و هو ينظر بحزن على حال صديقه و الذي اختفى من أمام ناظريه ، رؤية جيمس بهذا العجز تحزنه جدا ألا يكفي ما حدث له بالماضي ، هذا الفتى المسكين أم يذق طعم السعادة حتى الآن .
مضت أكثر من ساعة على ذهابه و لم يرد الذهاب لإزعاجه ابدا ، حرك قدميه قليلا ليشعر بأن مفاصله قد تيبست من الجلوس ليقف و هو يمطط جسده و يرفع يديه عاليا يقوم ببعض تمرينات اليوقا ، ما ان رفع بصره وجد جيمس قادما باتجاهه ، أتجه إلى باب السيارة ليصعد دون أن يقول كلمة واحدة ، و ينطلقا عائدين إلى المنزل ، طوال طريق العودة لم يقل شيء كان يعلم ان صديقه يلوم نفسه على ما حدث لها و سيحدث الان لرفيقته الشيء نفسه و هو عاجز تمام عن فعل اي شيء ، قد خسر في الماضي حبيبة قلبه امام عينيه و خلال ايام سيفقد الاخرى للمرة الثانية ، لم يرد ايثان أن يسأله الآن اية سؤال حتى يهدأ أو يخبره بنفسه .
ركن السيارة أمام المنزل لينزلا و ينظر له ايثان و هو يقلب عينيه بعدم صبرا ، ليجدا قفل الباب قد نزع ،
ألا يمل ابدا قالها ايثان و هو يغلق باب السيارة متجه ناحية المنزل.
و ما أن دفع جيمس الباب ليدخل و خلفه ايثان الذي قال بلهجة ايطالية aiuto (و تعني النجدة ) و قام بوضع تعابير مفاجأة على وجه و خائفة ، لينظر إلى صديقه التي لم يبدو عليها أي انزعاج مما يحدث الآن .
توجه إيثان للذي يجلس قرب المدفاة و هو يحمل كأس نبيذ في يده ، ذهب ليجلس بجواره و يلقى نفسه على الأريكة و يرخي عضلات جسده عليها فلقد أتعب جسده اليوم كثيرا ، سكب لنفسه كأس ليشارك مايكل الشراب فمن المؤسف انه يفعل ذلك وحده ، لابد انه حقا يشعر بالوحدة فلا رفيقة لديه أو حبيبة حتى .
رفع بصره الى مايكل و هو يبتسم بسخرية ليقول : Come stai ( كيف حالك ؟ ) ، ليكمل : إلا تعلم أن اختراق منازل الآخرين جريمة يعاقب عليها القانون ؟ قال ذلك و هو يرفع كأسه له ليرتشف منه رشفة كبيرة و هو يصدر صوتا يدل على تلذذه بما يتناول ، نظر إليه بعد ذلك و رفع قدميه على الطاولة أمامه .
وقف الاخر بعد ان تجرع ما في كاسه مرة واحد ليضع الكاس على الطاولة و يقوم باعطاء ابتسامة ساخرة لايثان و يتجه إلى الذي يتجاهله منذ الصباح
توقف امامه مانع اياه من اكمال خطاه في اتجاه الدرج ، كان يرتدي قميصا بلون السماء الهادي مع جينز باللون الاسود ، و قد رفع أكمام قميصه إلى الأعلى قليلا ، وقف أمامه ليضع يده على جبته ليبدو انه كمن يفكر أو يتذكر شيئا ما ، ليقهقه بسخرية و يقول : صحيح أين كنا ؟
ليرفع بصره الى جيمس و هو يضع كلتا يده على خصره و هو ينظر له بجدية تامة عكس ما كان عليه منذ ثوان فقط ، و لكن كتلة البرود الذي أمامه لم تكترث لي أي من تصرفاته المستفرة ابدا ، كان يحاول السيطرة على غضبه كي لا يفوز جيمس عليه في هذه الحرب الباردة ، و لكن تبا للأمر كل ما يريده هو كسر عظام هذا المتغطرس الذي أمامه .
صر على أسنانه يسيطر على غضب ذئبه الذي يزمجر في دماغه ، ليهدأ قليلا ثم يعيد تمثيل دور الغبي و هو يلمس بإصبعه شفته السفلى و يقول بابتسامة ساخرة : أووو أجل تذكرت !!!!
رفع بصره إليه ينظر إليه ليقوم بوضع يده على كتفه و هو يقول : اذا أين سنجلس للحديث هنا أو في الأعلى فكما تعلم منزلك كبير جدا و به العديد من الغرف الجميلة .
لم يلحظ اية علامات على وجه جيمس ابدا و الذي يبدو إلى الآن هاديء دون ردة فعل ، و لكن أحدهم كان يشاهد الفيلم المشوق الذي أمامه و هو يسكب لنفسه كوبا آخر ، يتمتم بسخرية و هو يقول : يزداد الفيلم إثارة ، و هذا يحتاج لصحن من الفشار، اللعنة قال ذلك لشعوره بالحزن الآن لعدم وجود الفشار ليعود إلى جلسته و يرضى بكأس النبيذ بدلا من الفشار ليرفع صوته قائلا : أرجوكما تابعا ، و لا تهتم لامري مطلقا .
لتتجه أنظار مايكل إليه ليزمجر بغضب في وجه و يقول : أليس لديك مكان آخر تذهب إليه ؟
نظر له ايثان ليقهقه بسخرية و يجيب بمكر : هل ستوفر لي واحد أن أجبت بلا ؟ ثم أليس انت من تركض خلفنا طوال اليوم و انت تقول : جيمس أريد الحديث معك !!!! أي جزء من جملة انه لا يريد محادثتك لم تفهمه عزيزي الالفا .
زمجر بغضب و قد بدأت عيناه حقا بالتغير إلى اللون الأحمر و أشار بيديه إليه مهدد اياه ، ليقوم له : انت أخرس.
عاد بأنظاره إلى جيمس و الذي قد وجده لا يقوم بأي ردة فعل ضد هذه المهزلة التي تحدث الآن ، ليغمض عينيه محاولا الهدوء هو أيضا ، فهذا المهرج الذي يجلس هنا يحاول فقط جعله يفقد صبره لا أكثر ، ليسمعه يتحدث و هو يقول :
Chiedo scusa perche' non passo rispondere alla tua rec rechiesta Mio Car alfa
و تعني آسف لا يمكنني تلبية طلبك عزيزي الالفا .
هنا حقا قد طفح الكيل إلا يكفي أسلوبه في الكلام ليتحدث بهذه اللغة الإيطالية اللعينة ، كان يقف أمامه بسرعة البرق و يمسكه من ياقة سترته ، و يهدده قائلا في غضب : ستصمت ، ام ستجبرني على فعل ذلك لوحدي ، نظر له الاخر ببلاهة ، ليرفع عينه عاليا و يتظاهر بالتفكر ثم قال : دعني افكر قليلا !!! ثم ابتسم ابتساعة عريضة و اكمل قائلا : Non desidero ( لا ارغب بصمت ) .
كان قد فقد كل ذرة صبرا اتجاه هذا المهرج الارعن ليرفعه و يلقي به بكل قوته أرضا إلا أنه لعن عندما وجد مكانه فارغا رفع نظره إلى أعلى ليجده ينظر إليه من أعلى الدرج و هو يتكأ عليه و يضع يده تحت فكه و يقول : ? sta bene ليعبس قليلا ثم يكمل : يا إلهي لقد نسيت انت لا تحب الإيطالية صحيح ، لا بأس و لأنني اهتم بأمرك كثيرا سأستمر بهذا .
كان ينظر للأسفل لمايكل و الذي بدأت طاقته تزداد شيئا فشيئا و يبدو أنه حقا أغضبه كثيرا هذه المرة ، ابتسم بخبث ليقول : هل نقول أهلا بإكسيفر؟ أم ماذا ؟
تغيرت ملامح مايكل و الذي كان يصارع بقوة لعدم جعل ذئبه يتولى السيطرة و يمزق ذلك المهرج الذي أمامه إلا أن الصوت الذي قاطع كل منهما و أوقف ما يفعلانه جعل كل منهما ينظران إليه و هو يقول : توقفا الآن !
عندما سمع رد صديقه تنهد بملل فقد بدأ يستمتع حقا ، ليضع يديه خلف رأسه و هو يقول : لم أفعل شيء انه ذلك الذئب المسعور.
لينظر جيمس إلى مايكل الذي حقا جل فكره الآن أن يري ذلك المهرج ماذا تفعل الذئاب المسعورة و لكن ما قاله جيمس بعد ذلك جعله يهدأ قليلا ، نظر إليه و لازال الغضب في ملامحه ليسمعه يقول : لا بأس في الغد سنتحدث ، سأكون في الغابة صباحا نلتقي هناك .
هدا قليلا بعد أن تحقق مراده و كأن يهم بسؤاله عن تلك الفتاة و لكن دخول هذان الاثنين منعه من التحدث ليقول : لقاءنا غدا اذا ، قال ذلك و أتجه إلى الكرسي يأخذ سترته الجلدية و يحمل ما تبقى من زجاجة النبيذ ليخرج و هو يقول : نبيذ جيد سأخذها.
خرج لينظر الاثنين أمام الباب لبعضهما بتساؤل و يتجه انظارهما إلى جيمس الذي صعد إلى غرفته تارك كل شيء خلفه .
وقف كلهما للآخر و نظرات القلق بادية عليهما ، تقدما قليلا بعد أن أغلقت الباب ، ليفزع من الذي خرج من العدم و هو يقول : buon compleanno ( عيد ميلاد سعيد ) .
لتنظر له هي بغضب و تقول : أيثان هوتفيل كم مرة أخبرتك إلا تخرج أمامي هكذا !!!!!
لينظر إليها و يشعر بالخوف فنيكول مخيفة جدا بالنسبة له ، و لكن قهقهة الذي بجانبه و هو يتسأل : عيد ميلاد من اليوم ؟ و أين الاحتفال ؟
ليفرك إيثان خصلات شعره من الخلاف ، و هو يضع تعابير ساخرة و يقول : لا أعلم ، قلت ذلك بدون سبب ، و لكن لابد أن يكون عيد ميلاد أحدهم صحيح .
ضربته نيكول على رأسه لتتجه جالسة تاركة إياه يمسك رأسه و هو يتأوه من الألم و هو يقول : نيكول ما بك يا فتاة ! عليك ضرب إيثان لا أنا .
تقدم يسير خلفها و يتبعه إيثان الذي يقهقه بسخرية عليهما ، و هو يرى هذا الصغير قد أصبح شاب منذ آخر مرة رأه فيها ، جلسا على الأريكة مقابلا لبعضهما البعض ، و يظل إيثان واقفا ليعقد يديه أمام صدره و يسأل بنبرة قد تحولت إلى جدية تامة : ما سبب قدومكما المفاجأ الآن !
كان ينظر لهما بتمعن فوجود نيكول و أن كان ليس بصورة دائمة هو أمر طبيعي و لكن قدومها مع لوك و في هذا الوقت فلابد من وجود سبب ما أو بالأحرى مصيبة ما .
لاحظ النظرات التي يتبادلنها بينهما ، ليوجه نظره إلى لوك و الذي رفع يديه بمعنى لا أعلم ، أشار بعينه للنيكول، التي كانت قد توترت قليلا لترفع بصرها و تجد إيثان محدق بها ينتظر إجابة لسؤاله، إلا أنها كانت تحاول التهرب من سؤاله لتقف و هي تقول : سأذهب لرؤية جيمس ، و لكنها توقفت بسبب إيثان الذي اعترض طريقها و هو ينحني قليلا ليقول : أريد معرفة سبب الزيارة ؟ و أيضا لا أنصحك بالصعود إلى الوحش الذي يقبع في الأعلى الآن ؟
زفرت بضيق لتعود للجلوس و هي تفكر عن سبب غضب جيمس الآن ، جلس ايثان بجانبها ، ليبتسم ثم يقول : من يريد أن يبدأ ؟
نظرت نيكول إلى لوك ، تشير إليه أن يبدأ إلا أنه سبقها قائلا : السيدات أولا ، شتمته و هي ترميه بالوسادة التي بجانبها ، ليتأوه بكذب و هو يقول : يبدأ انك تفرطين في ممارسة الرياضة يا فتاة أن ضربتك أسوأ من ضربات مايكل .
قال ذلك لتقف و هي تقترب منه ، أعطت نظرة غاضبة ، تتوعد له بعقاب على كلامه هذا ، هل يسخر من قوتها الآن ، و يشبهها بمايكل ، تحركت خطوات لتحضر كأس من البار و تسكب قليلا من النبيذ الأحمر في الكاس ، تجرعت منه رشفة صغيرة و أخذت كأسها لتعود إلى مكان جلوس الأحمقين هذان .
كانا ينظران اليها يترقبان ما ستتفوه به ، حركت الكاس قليلا في يدها ، و بينما تلعب بالكأس و هي تنظر اليها قالت : لقد دعانا إلى المنزل ! نحن الأربعة .