ملاذ قلبي سكن

By shmsmh

123K 3.7K 1.2K

قصة رومانسية صعيدية More

❤️❤️❤️❤️
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس❤️
الفصل السادس❤️
الفصل السابع❤️
الفصل الثامن❤️
التاسع ❤️
الفصل العاشر❤️
❤️الفصل الحادي عشر♥️
❤️الثاني عشر❤️
❤️الثالث عشر❤️
❤️الرابع عشر💖
❤️الخامس عشر💓❤️
❤️السادس عشر❤️
❤️السابع عشر♥️
❤️الثامن عشر♥️
❤️التاسع عشر❤️
❤️العشرون❤️
♥️الواحد والعشرون♥️
❤️الثاني والعشرون❤️
♥️الثالث والعشرون♥️
❤️الخامس والعشرون❤️
❤️السادس والعشرون♥️
♥️السابع والعشرون❤️
♥️الثامن والعشرون❤️
♥️التاسع والعشرون❤️
❤️الثلاثون♥️
🌷الواحد والثلاثون🌹
🌹الثالث والثلاثون🌷
🌹الثاني والثلاثون 🌷
🌹الرابع والثلاثون🌷
❤️الخامس والثلاثون♥️
🌹السادس والثلاثون🌺
🌹السابع والثلاثون🌹
꧁الثامن والثلاثون꧂
🌹التاسع والثلاثون🌹
♥️الاربعون❤️
❤️الواحد والأربعون♥️
♥الثاني والأربعون ♥
♕الثالث والأربعون♕
꧂الرابع والأربعون ꧂
🌹الخامس والأربعون🌹
♡السادس والأربعون ♡
♡السابع والأربعون♡
♡الثامن والأربعون ♡
♡التاسع والأربعون♡
♕الخمسون♕
تنوية
♕الواحد والخمسون♕
♡الثاني والخمسون♡

❤️الرابع والعشرون♥️

2K 66 19
By shmsmh

المُكثِرُ من الصّـلاةِ على النَّبيِّ ﷺ
يُغـاثُ قلبـهُ من بعدِ قحطِـهِ وجفَافِـه 🦋"

| قال ﷻ : "إنَّ الله وملائكته يُصلّون على النَّبِيِّ يا أيها الذين آمَنُوا صَلُّوا عليـهِ وَسَلِّمُوا تَسْليمـا" | ﷺ♥️الرابع والعشرون ♥️

استيقظ من نومه الذي قطعه بعدما دام لساعتين، جلس يمسح وجهه ذاكرًا الله قبل أن ينهض مُتجهًا للمرحاض؛ ليتوضأ ويصلي قيام الليل، فما عاد قادرًا على احتمال همه وقلقه عليها لذلك قرر أن يُلقي بهمومه على سجادة الصلاة..
وصله صوت، لأنين مكتوم، ونهنهات بكاء محبوسة بين جدران الخفوت
بحث عنها بنظراته في قلق، فتح باب الحجرة ببطء ولم يجدها مكانها بجانب والدته حيث تركها، أغلق الباب بهدوء وتطلّع حوله مفتشًا
في أنحاء الصالة الواسعة.
لم يجدها، فتتبع الصوت بسمع مرهف حتى وصل للمطبخ فوجدها جالسة القرفصاء أمامها علبة شيكولاتة نوتيلا صغيرة فارغة، وجهها ملطخ وخصلاتها مشعثة، يلتصق منها على وجهها بفعل الدموع الغزيرة التي تنهمر دون توقف، همس بذهول (سكن)
رفعت إليه نظرات خاوية، لا تهتم.. طالعته بإهمال ولا مبالاة قبل أن تعود للعق الشيكولاتة كأنها ما رأته ولا تركت نظراته المُعذبة وهو يراها بتلك الحالة أثرًا في نفسها، هي ترتع في عالمها الخاص وأفكارها المشتعلة تحيط نفسها بسياج الضياع.
اندفع ناحيتها بقلق، جلس على ركبتيه أمامها يسألها: (في إيه ؟)
قالت ببكاء وهي تواصل التهام الشيكولاته: (مفيش باكل)
عاتبها بحنو: (حرام عليكِ الي بتعمليه فنفسك وفيا دِه يا سكن)
تابعت ما تفعل منفصلة عنه وعن الواقع، تاركةً له يهذي بما يروقه بينما هي في جحيمها الخاص تركض على أشواك القهر التي تنغرس في أقدامها وتصل لقلبها فتدميه.
نهض وتركها، ذهب للحجرة وسحب فرشاة شعر، وعاد إليها، جلس جوارها وبآليةٍ مشط خصلاتها ورفعهم للأعلى ثم همس :(سكن جومي معايا)
طالعته بنظراتها الذابلة الضائعة، كأنها تُطالع غريبًا لا تعرفه.. سحبها قائلًا بحدة (تعالي)
غادرت منقادة خلفه، وقف بها أما صنبورالمياه
غسل لها وجهها جيدًا وكفيها.
ثم أغلق المياه المندفعة واستدار يجفف لها وجهها وكفيها كطفلة مشاغبة، سحبها للخارج أجلسها فوق الآريكة وجاورها سائلًا: (بتعملي فنفسك كِده ليه.؟)
قالت هاربة من سؤاله: (عايزه أنام)
تنهد بقلة حيلة كبلته، وصمت يمسح وجهه مستغفرًا فكررت: (عايزه أنام)
أشار لمكان نومه بالصالة (نامي يا سكن)
زمت شفتيها في اعتراض، قبل أن تنهض قائلة (هنام جوا مع مرات خالي)
أمسك رسغها في اعتراض نظراته تتوسلها ألا تهرب منه وتتركه لجحيمه وقلقه عليها ورعبه من أن يحدث لها مكروه، خوفه من بكائها المتواصل، أراد أن يشاركها وجعها مُستقبلًا دموعها فوق صدره.
أشاحت متجاهلة في جفاء تعمدته، تهربت قائلة وهي تفلت رسغها من بين أنامله (تصبح على خير)
تركته ورحلت للحجرة،دخلتها وأغلقت خلفها ثم جاورت ورد متمددة متنهدة بحزن، همست ورد لها (واجعه جلب حمزة ليه سكن ؟)
أجابتها وهي تغطي وجهها في هروب: (عشان حمزة ميستهلش حد زيي يستاهل الأحسن مني)
ابتسمت ورد هامسةً :(حمزة ميستاهلش غير جلب سكنه)
توسلتها سكن ببكاء (حمزة مش ناجص واحدة زيي ببلاويها دي وهمها الي مبيخلصش)
ابتسمت ورد تطمأنها :(هو راضي ومبسوط، وإن سابك هو، إنتِ تجدري تفارجي وتسبيه يا سكن.؟ )
توقفت عن البكاء تحدج ورد بنظرة مصدومة، كأنها ما فتشت ولا سأل قلبها عقلها عن نتيجة ما يريده ولا كيف سيتقبله، حمزة الذي تتعلق به يومًا بعد يوم ويتغلغل داخلها، كلماته التي تحب و التي تزرع داخلها بساتين من ورد، نظراته التي تعشق كيف لها أن تواجه فقدانها له بعدما ما جمعهم القدر، هل حقًا تريد الإبتعاد عنه.؟
لكن ماذا عن مشاكلها التي لا تنتهي ومرضها، هي حقًا حائرة ولا تريد له الشقاء بها، إن تحمل يومًا هل سيتحمل الآخر؟ سيتقبل ذلك ؟
لماذا يدفع ثمن نبله وشهامته معها ؟ بإجباره على تلك الزيجة التي لا طائل منها ؟
قرأت ورد كل ذلك في نظراتها فأشفقت عليها مما هي فيه وهمست لها
(نامي يا سكن وريحي جلبك وعجلك) أفاقت لكنها صمتت دون أن تمنح ورد الإجابة التي تعرفها مسبقًا،أغمضت عينيها مستسلمة للنوم وبقيّ هو بالخارج مستيقظًا يصلي ويدعو الله لها.
****************
🌿في الصباح🌿
فتح حمزة باب الحجرة متطلعًا إليها متأملًا في استيقاظها من نومها الذي طال ويقلقه عليها، همس وهو يراقب جسدها الساكن بلوعة أرهقت فؤاده:
(سلامة جلبك من الحزن والوجع، روحي فداكِ وفدا دموعك يا جلب حمزة وسكنه)

شعرت بفتحه للباب فأغمضت عينيها تتصنع النوم، هاربةً منه تختبيء في زوايا عقلها المظلم متدثرةً بأفكارها السوداوية التي تنتشر داخلها ببطء كالسم، تعيدها لنقطة الصفر والأسئلة الكثيرة التي لا تجد لها إجابة شافية يمكنها بها الصمود والمواجهة وتقبُّل عطاياه الثمينة من حب واهتمام ورعاية، مشوشة حد الهلاك ومقت العالم والإنتقام من نفسها، ورضوخها لجحيم هواجسها والرغبة في الموت والخلاص وتخليص هذا المتشبع بالمرارة يطلب ودها ولأجل ذلك يصارع وحوش ما أقترفت هي وما لم تقترف، ربتت ورد على كتفه مُصبرةً له تغمره بفيض من الاحتواء والمؤازرة التي لا تبخل بها :
(معلش يا ولدي مصدومة من الي عرفته ومش مستوعبة)
قال بحسرة ووجع ونظراته تعانق جسدها ولا تفارقه يتصيد أي رد فعل أو حركة تنبأه بإستيقاظها :
(كتير على جلبها يا أمي)
تأسفت ورد تصبره بكلماتها اللطيفة وهي تشاركه حزنه والتأثر بما يحدث :
(نصيب ومكتوب يا ولدي)
عض شفتيه متوجعًا يهمس ونظراته ترسل لها قولًا أخر ولهفة يمنحها لها قلبه :(متستهلش كل دِه سكينة)
قالت موضحةً ونظراتها ترتكز على ملامحه المخضبة بالحزن : (امتحان صعب بس هيعدي
محتجالك هي يا حمزة، وإنت محتاجلها كل واحد فيكم بيكمل نجص التاني عشان كِده ربنا جمعكم)
قال متأوهًا بلوعة وهو يضرب الحائط بقبضته في حسرة :(تفوج هي بس يا أمي وأنا أخفيها عن الدنيا بحالها وأعمل كل الي تؤمر بيه وعلى خاطرها وكيفها)
أغلقت ورد باب الحجرة وسحبته ليجلس جوارها قائلة بحنو وإشفاق :(بجالك يومين مدجتش الزاد يا حمزة ولا نمت جوم يا حبيبي كُل)
تعلقت نظراته بباب الحجرة قائلًا  :(هي برضو مبتاكلش هاكل أنا كِيف هاكل وتهنالي نومه وهي موجوعة كِده)
احتوت ورد وجعه بتفهم معارضة قوله : (لاااه ياحمزة لازم تصلب طولك عشان تسندها وتطلعها من الي هي فيه)
قال بأسف وحزن ينبض مع دقات قلبه التي تشتاق لها:(هي مش راضيه تكلمني ولا تجعد معايا يا ورد بتبعد جوي وتوه مني)
طمأنته ورد ولا يقل حزنها عنه :(هي مش تايهه منك هي تايهه من نفسها يا ولدي، معصوبة النظر ياحبة عيني بس ترجع وتشوف وتفوج اول واحد إنت هتجري عليك)
ثم أردفت بآسف حقيقي
(سكن بتثق فالناس بسرعة ومفكرة كل الناس زيها فجأة كل حاجه اختلفت واتصدمت مبجاش عندها ثقة، حست إن العيب فيها بس شوية بشوية هتفهم وترجع )
فرك كفيه ببعضهما هامسًا: (العيب فالدنيا يا أمي)
شجعته ورد بحنان محمسةً له : (جوم كُل حاجه واطلع شوف مشوارك وجابل الناس ربنا ينصرك يا ولدي ويشرح صدرك)
نهض في طاعة متجهًا للمطبخ، تناول لقيمات يقمن صلبه وبعدها خرج ليستعد لتلك المقابلة
حاول الاتصال كثيرًا بالرقم الذي راسل سكينة يحذرها وحينما تعب أرسل إليه رسالة يطلب منه المساعدة والإفصاح عن هويته
استعان بصديقه زين لمعرفة صاحب الرقم والذي لم يكن إلا أخ صديقة سكن التالية التي ما إن أخبرها أخيها برسالة حمزة حتى سارعت بمهاتفة سكن وهذا ما كان يخشاه.
فراسله مرة أخرى يطلب منه العون، ليوافق على مقابلته أخيرًا والحديث معه.
*******
جلست أبرار جوار أخيها بقلق تسأله (هتعمل إيه يا سليم؟)
أجابها يطمأنها بنظراته الحانية وهو يرتب  ملابسه: (هعمل الحج يا بت أبوي،طالما الراجل طلب المساعدة وماله والدكتور راجل مُحترم )
فركت أبرار كفيها معتذرة: (معلش ورطتك)
ابتسم قائلًا محتويًا أسفها بتفهمه :(المشكلة مش في الورطة أنا مش زعلان غير علشان شاركتي فأذى واحدة زيك)
سألته منتفضة مفزوعة من اتهامه الصريح: (أنا يا سليم)
أحاط كتفيها موضحًا بإبتسامة حنون (شاركتي بسكوتك وعدم تنبيهك ليها، لولا إني عرفت صدفة وسألتك مكنتيش هتحكيلي)
بكت أبرار معتذرة :(أنا آسفة والله خوفت أعملك مشاكل)
طمأنها سليم وهو يخرج من باب الحجرة محيطًا لها بذراعه في احتواء وتفهم (مفيش مشاكل أخوكي كدها، بس أجله كنا هنمنع أذى عن ناس متستحجش، وكمان مش هو دِه الي ربيتك عليه ياغالية..؟)
قالت مؤكدة وهي تنحني لتقبل كفه بتقدير: (صُح معاك حج مش هتتكرر)
ربت سليم فوق رأسها قائلًا :(لعله خير، المهم فوجتي وبعدتي عنها ربنا ينور بصيرتنا ويسخرلنا ولاد الحلال)
ابتسمت بإشراق لكلماته الرقيقة اللطيفة على نفسها اللوامة وقلبها المثقل بالحزن، لتهمس بتقدير: (ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك)
قبّل سليم رأسها هامسًا :(ولا منك يا غالية يلا على أوضتك)
غادرت في طاعة، ليجلس سليم قرب والدته في صمت يمرر أنامله فوق حبات مسبحته، فابتسمت والدته متسائلة (جلجان ليه ياشيخ سَليم..؟)
أنارت عيناه وتوهجت وهو يطالع والدته في مرح ممازحًا: (كشفاني دايمًا إنت يا أم سليم)
ربتت فوق كفه قائلة بفخر وعزيمة من صخر: (الطريج الي تمشيه لربنا الحصى الي يترمي عليك فيه هتجف عليه وتعلى، ومش هتترد خايب ابدًا هترد مجبور ومنصور بإذن الله)
انحنى سليم يلثم كف والدته المتغضنة في تقدير هامسًا :(ربنا ما يحرمني منك يا ست الحبايب)
ربتت فوق رأسه داعيةً له بتضرع وخشوع، لتنصحه بعدها (جوم ربنا يجعل فوشك الجبول ويحبب فيك خلجه، ويسخرلك الجلوب يا ضنايا)
نهض سليم متسلحًا بالقوة والشجاعة التي منحتها له والدته وقد أثمر دعائها في نفسه خيرًا وحماسًا، خرج متوكلًا على الله مستعينًا به
***
ارتدى ملابسه واستعد للمقابلة مستعينًا بحول الله وقوته هبط درجات السلم، مر من أمام الحجرة ليجد والدته تجلس جوارها تتحدث معها بلطفٍ وصبر وقف أمام الباب يُشّبِع عينيه منها ومن وجهها، ينخلع قلبه كلما شهقت، نظرات الشك داخلها تقتلعه من جذوره وتلقي به في هوة مظلمة من الحزن، محطم هو بضياعها، تراكم كل شيء داخلها حتى ثار عليها وبدأ يفني صلابتها ويهزم ثباته هو.. توسلتها ورد :(اتكلمي طيب جوليلنا فيكِ إيه.؟ إيه واجعك)
انطفأت شعلتها، مسحت دموعها وأسندت رأسها تخبرها بخفوت والزهد لما حولها يتلبسها كمارد (مفيش أنا بخير)
تعرف بوجوده، نظراته تحسها تلمس كل ما فيها، تمرّ عليها ببطء واغتنام، يلملمها كصورة متهشمة و يحتفظ بها داخله، لكنها تجاهلت، ركلت مشاعرها وطحنت مشاعره هو بالنكران الخبيث.
لولا تلك الدقة التي أمسكت بتلابيب قلبها واعتصرته مؤنبة ما رفعت رأسها ومنحته نظراتها،والآن كيف تنتزع نظراتها من أسره، كيف يمكنها الهرب وهو يطالعها كهذا ويحتويها بنظرة ويلملم ضياعها بإبتسامة.
نظراته كانت تثرثر بالكثير الذي يريد اقحامه لعقلها وأفكارها عنوة ونظراتها هي صامتة بائسة وذابلة كورقة شجر تجاهد لتتمسك بالغصن رغم جفافها ورياح المحن.
أخفضت نظراتها أخيرًا، هربت منه ومن نفسها وشتاتها، لكنه أبى تركها، ركضت مشاعره خلفها فاقتحم الحجرة بثبات، نهضت والدته وتركتهما وحدهما.
همس بنبرة رجاء وحزن وهو يقف أمامها (سكن)
نبرته كانت دلوًا من الماء صبه فوق رأسها ربما تفيق، أثملها بلذة الحب لا الحزن
رفعت نظراتها إليه من جديد ففتح ذراعيه يدعوها: (تعالي يا سكن وحشتيني)
أخفضت نظراتها، عاندت، بكت، تعذبت برفضها وانكوت برغبتها التي لاحقتها بجلدها، نهضت متعثرة تلبي فوقعت وأسندها هو، نطقت نظراته بما أراده :(هو هنا وسيبقى دائمًا سندًا وداعمًا مهما حدث، لن يتركها تقع طالما في صدره نفسٍ يتردد)
ضمها بقوة احتوى جسدها متأوهًا، لا تفهم أنه هو من يحتاج عناقها هو من يتدفأ بقربها ويطمئن، هي وقلبها المرتجف الآن ملاذ قلبه.. سمحت لدموعها بالإنفلات لشهقاتها بالتحرر، تهمس بإسمه تريد البوح فتعجز عن الوصف، دموعها حروفًا مبعثرة شكلها وكون منها الكلمات، وأنينها كان سردًا استمع له بصبر.. إن عجز لسانه فلقلبه قدرة على ترجمة شهقاتها ودموعها، له بصيرة بها ففهم ما أرادت قوله وعليه نطق لسانه مواسيًا
:(كل كلام الدنيا لو جولته يا سكن مش هيريحك عارف، بس هجولك إن لو أطول يبجا الأمان هواء تتنفسيه ياغالية كنت خليت هواكي كله أمان، واخليلك الراحة مية تشربيها من بين كفوفي يا جلب حمزة وحظه الحلو من الدنيا)
تركتها بعدما مسح لها دموعها بكفيه كما يفعل، قال لها بحنو يوصيها :(رايح مشوار مهم، أوعي تنامي وتهربي مني زي كل ليلة، مستحجش منك تعذبي جلبي معاكي كِده وتسبيني كل ليلة لوحدي، وأنا الي جولت سكن خلاص ملِت أيامك ولياليك يا حمزة)
لم تمنحه استجابة، أو رد يناسب قوله، مشاعرها الآن مغلّفة بعازل يمنعها الفهم ويصد كلماته عنها، جلست مكانها صامتة تعلم أنها ستفعل ويعلم هو كذلك.
غادر مُحبطًا لو طال لمزق الجميع، وجعها يخترق صدره هو، هو الذي لايدري كيف تعلق بها هكذا وكيف أصبحت جزءًا أساسيًا منه، لا يحتمل حزنها ويرهقه بكائها،الصغيرة حبها لايشبه ما قبلها فريد  مثلها بمذاق ونكهة مختلفة.
استغرق وصوله للمكان المتفق عليه القليل من الزمن قضاه في التفكير وترتيب أوراقه
وصل للمندرة الصغيرة المفتوحة على الشارع كان سليم في استقباله،رجل ثلاثيني وقور بلحية قصيرة، وجهه يشع نورًا جلب الراحة لنفس حمزة، رحب به بقوة
:(يا مرحب يا دكتور نورتنا)
استقبل حمزة ترحابه ببشاشة رغم امتنانه لفعلة سليم وتنبيهه لهم إلا أنه احتفظ ببعض الجمود على ملامحه  :(اهلا بيك يا شيخ سليم)
ابتسم سليم بود قائلًا وهو يمد ذراعه في إشارة :(اتفضل يا دكتور كان نفسي المجابلة والمعرفة بيك تكون في حاجة غير كِده بس الحمدلله لعله خير)
دخل حمزة المندرة كانت مريحة طراز صعيدي بنكهة عصرية تنم عن ذوق رفيع
غادر سليم يأمر بالضيافة ثم عاد وجلس قبالة حمزة قائلًا ببشاشة ولطف قلل من جمود حمزة : (أأمرني يا دكتور)
تنهد حمزة قائلًا وقد استرخى قليلًا :(الأمر لله)
جاء سامي، َدخل طارقًا الباب فنهض سليم لإستقباله والترحيب به، تبادل النظرات مع حمزة قبل أن يمد كفه: (ازيك يا دكتور)
نهض حمزة في احترام مد كفه رغم الضيق الذي يعتصره والبغض الذي يظلل نظرته :(ازيك يا سامي)
جلس سامي جوار سليم في انتظار وترقب لسبب الاستدعاء، هتف سليم بخشونة: (سامي جايبك عشان موضوع مهم لولا ثقتي بعجلك وتربيتك مكنتش وافجت بالجعدة دي)
سأله سامي بتقطيبة: (خير يا سليم.؟)
صمت حمزة مترقبًا، ليردف سليم بتنهيدة افشت بقلة حيلته وإجباره على المصارحة: ( الي حصل منك دِه كبير ومن غير بينة )
انتفض سامي :(اللوم عليا دلوجت مش عليها وعايز بينة إيه تاني يا سليم؟)
ضم حمزة قبضته بصبر، ليهتف حمزة بغيظ (وهي مرجلة إنك تفضحها ؟)
قال بغضب: (هي الي اضطرتني لكده لما عملتني زي الكورة)
لاك حمزة كلماته قبل أن يبصقها متشفيًا: (بت عمتي مش هي الي عملت بت خالك هي الي عملتك كورة ولعبت بيك)
صرخ سامي: (إيه الكلام دِه يا دكتور.؟ وإنت يا سليم جايبني ليه.؟)
أخرج سليم هاتفه وأطلعه على الرسائل قائلًا :(بصي يا سامي لما اتحكالي الموضوع مصدجتش فبعت للرجم دِه رسايل اشتري منها رجم بت الناس، وجالتلي لو عايز كمان صورها أدفع الضعف)
انتفض سامي محملقًا فيها لا يصدق: (إيه دِه ولما كِده متكلمتش ليه وايش ضمنك إنها هي..؟)
أجابه سليم بحكمة: (إنت عارف إن أختي صاحبتها وأنا جبتها وسألتها واتأكدت إن دِه رجم تاني لبت خالك وأجبرتها تبعت لمرت الدكتور تنبها بس كان فات الوجت وإنت عملت الي عملته)
شكك سامي في كلماتهم :(أضمن منين كلامكم صُح)
قال حمزة بحدة وفظاظة :(مفيش حاجه تجبرنا نفضح، ولا عمرنا هننزل للمستوى دِه)ثم أردف وهو يشير لسليم (الشيخ سليم مش هيشهد زور)
طالعهما سامي بتخبط ليوجهه حمزة
: (افتح الحساب الي كان بيكلمك هتلاجيه مجفول)
سخر منه سامي: (طبيعي هتجفلوه)
قال حمزة :(بس حساب مرتي متجفلش يا سامي لسه مفتوح وتجدر تشوف التواريخ عندك لإنشاء الصفحة والمعلومات)
بآلية أخرج سامي هاتفه وتأكد من صحة كلمات حمزة، ليرفع رأسه ويقول :(مش فاهم حاجه..؟)
أخبره سليم بإشفاق رغم تأففه من تكذيب سامي لهما :(مش بس كِده سامي الصور الي اتبعتتلك كانت مرت الداكتور بعتاها لصحباتها بنات مع بعض)
تذكر سامي ما فعلته سما وترتيب مقابله له مع سكن ظنًا أنها هي من طلبت ليتفاجيء بعدها بكذبها وتأليفها القصة، تذكر ما كانت تسجله لسكن من محادثات وإفشائها أسرار صديقتها له وحبها لحمزة.
هتف سامي وهو يتطلع لحمزة: (اديني رقمك يا دكتور هبعتلك حاجه تخصك)
على الفور أملاه حمزة الرقم لتصله رسائل سكن، وضع السماعات ليستمع كان حديث مقتطف لها تخبر صديقاتها بعفوية عنه وتحكي لهم بإنبهار كعادتها وتصفه كأروع ما يكون في أمان.
أغمض عينيه معتصرًا يعتذر لها عن كل شيء حتى ما لم يقترفه،كيف انتزعوا منها أمانها هذا واستغلوه لتحطيمها، ليفتحهما قائلًا:
(لو اتأكدت من كلامي ليا كِده عندك حج عرب مش هسيبه يا سامي)
ازدرد سامي ريقه بتوتر مشتت الفكر، ليردف حمزة وهو ينهض من جلسته
: (كلامي بعد كِده مع كبيرك وكبيرها يا سامي)
غادر حمزة كما جاء تركه يتخبط في التأويل ويربط الأحداث ببعضها ويفتش بدأب خلف ما روياه.
عاد حمزة للمنزل، طرق الباب ففتحت له والدته مستبشرة: (خير يا حمزة.؟)
أجابها بإبتسامة بشوش :(خير يا أمي فين سكن)
قالت بحزن افترش ملامحها وجعل عينيها القوية متكأ له :(زي ما سبتها)
حمحم متجهًا للحجرة، طرقها مستأذنًا قبل أن يدخل قائلًا: (الحمدلله لحجتك جبل ما تنامي وتُهربي مني)
صمتت بملامح مغلقة، ليجلس جوارها قائلًا :(اتعشيتي.؟)
قالت والدته وهي تقف على باب الحجرة :(ولا اتعشت ولا صلت ولا اتكلمت ولا اتحركت من مكانها)
مط شفتيه بإستياء قائلًا: (سخنيلها يا أمي هتاكل)
نظرت إليه بإنزعاج، ليبتسم قائلًا :(مش هتاكلي معايا يابت ولا إيه.؟)
أخرج هاتفه من جيبه متنهدًا يخبرها بتردد :(سكن ساكته ليه.. .؟ متصلتيش بالبت دي هزجتيها ليه ؟)
تحدثت أخيرًا بإحباط شديد:(يفيد بإيه يا دكتور..؟ خلاص)
منحها الهاتف قائلًا بعدما نقر فوقه: (لاااه خدي وكلميها وافهمي منها ليه عملت كِده وإتاكدي من الكلام)
قالت موضحة بنبرة متهالكة: (الصور يا حمزة أكدتلي.. الصور دي أنا بعتهالهم هما بس)
قطب فأكملت توضح: (مخدتش بالي من الي حصل بس لما ركزت افتكرت كل الصور ووجتها)
شجعها قائلًا: (خدي كلميها وخدي حجك يا سكن، متسكتيش ولا تعدي)
رفضت مستهلكة، ضائعة ليصرّ: (صدجيني هترتاحي جوي، جولي الي فنفسك كله بس جبل كل حاجه افهمي منها)
ترددت نظراتها الساقطة على هاتفه، فكرت ليبثها القوة (يلا هي تستاهل تمسحي بيها الأرض)
تناولت الهاتف بكف مرتعش، ضغطت الأرقام التي تحفظها عن ظهر قلب وانتظرت بدقات متسارعة في جنون، تترقب مصيرًا مجهولًا.
جاءها صوت الأخرى فصمتت، أمسك حمزة كفها في دعم لتهتف متخلية عن ترددها ترتدي دعمه درعًا (ازيك يا سما أنا سكينة)
هتفت الأخرى ببشاشة زائفة (ازيك يا بت عاملة إيه.؟ اتجوزتي بجا ونستينا)
رفعت نظراتها لحمزة تستغيث به من الغرق في لجة الضياع والإنهزام ليهز رأسه ويبتسم يدفعها للأمام بعزم.
قالت سكن بإرتباك (لا خالص مستنية بس أروج وأكلمكم)
هتفت سما بحسد (اتجوزتي الدكتور يا سكينة الي كتِ هتموتي عليه وعاجبك)
زاد ارتباك سكينة فلثم حمزة جانب رأسها بتقدير وكلمات الأخرى تزده حبًا
فقالت سكن بخجل(النصيب)
أردفت سما بمكر (بس إيه الي بيجولوه دِه يا بت إنتِ صُح عملتي كِده.؟)
تسارعت أنفاس سكن، انفعلت بجنون وثورة لتهتف من بين انفاسها المترددة (تصدجي فيا كِده)
راوغتها بمكر (مش عارفه أنا مبجتش فهمالك؟)
قالت سكن تستدرجها (بس الصور دي كنت بعتهالكم انتوا يا سما)
انتفضت سما تهتف بحدة (جصدك إيه ؟)
قالت سكن بفطنة (مجصديش كِده كِده حمزة كِلم مباحث الانترنت وبيحججوا مع الناس الي نشرت الصور وجالوا انهم كلموني)
سألتها سما بصدمة (حمزة مهتم يعني؟ ) ضحكت قائلة (هو شاكك فيكِ ولا إيه.؟)
صاحت سكينة بغضب لم تستطع كبحه (لااه شاكك فيكِ إنتِ ياحيوانه، بجا إنتِ تعملي فيا أنا كِده يا راس الكلب يا عديمة الرباية)
زعقت سما (ما تتعدلي يابت إنتِ هتتبلي عليا وتجيبي الي فيا فيكِ)
اعتدلت سكن متحفزة يحيط حمزة كتفيها في دعم وترقب، صرخت بها (فيا إيه.؟ أنا تبعتي رجمي وصوري وتكلمي الشباب باسمي)
ألجمت الصدمة سما، قالت تنكر في اضطراب (ايه الي بتجوليه دِه.؟)
قالت سكن بقوة (لسه هجول وهعمل يا حرباية)
اسكتتها سما وقد خرجت من طور هدوئها (ما حد حرباية غيرك، لفيتي سامي شوية وسبلتيله وبعده حمزة وهشام، مش عارفه كان عاجبهم فيكِ إيه.. .؟)
زعقت سكن ببكاء (سامي مجتش جنبه ولا جبلت أجابله)
تأففت سما منزعجة من صراخها (ما تكتمي وتبطلي صراخ، إنتِ كنتي ناجصة رباية وأنا جومت بالواجب فيها حاجه دي)
استنكرت سكن (أنا..؟ طب ليه.؟ شوفتي مني إيه.؟)
أفصحت سما بحقد (طالعه فيها وجرفانا معاكي، فرحانه بنفسك وعنيكِ الملونة وفلوس أهلك بتعاملينا كننا خدامين عند الي جابوكي)
قالت سكن وجسدها يتهاوى في انهيار وحمزه يتلقاها ضامًا لها يسيطر على غضبه وانفعاله (أنا.؟ كل فلوسي وحاجتي كانت تحت أمركم)
قالت سما مبررة (عشان عايزة تبجي أحسن مننا دايما وتتفضلي علينا)
سألتها سكن متفاجئة (كنتي بعدتي عني ولا إنك تعملي فيا كِده وتفضحيني)
قالت سما غير نادمة (لااه لازم أكسرك وأخليكِ متسويش بصلة، أيوه خدت صورك وبعتها وبعت رجمك للشباب وكلمتهم ومبسوطة بالي حصلك دِه كان أسعد يوم فحياتي لما هشام طلجك والله واتحبستي، بس كان نفسي أشوفك وإنتِ بتضربي ولو إنك ضريانه عالضرب)
بكت سكن بحرقة (حرام عليكِ أنا كنت بحبكم)
قالت سما متشفية فيها وهي تسمع انكسارها (وأنا عمري ما حبيتك بالعكس مكرهتش كدك، أكتر حاجه ضايجتني إنك فالآخر اتجوزتي حمزة خسارة فيكِ بس هجول إيه  مهما أعمل برضو كسبانه إنتِ إيه مفيش حاجه تهدك يارب تموتي)
تركت الهاتف في انهيار تام، أمسك به حمزة وأنهى الاتصال محتفظًا بالتسجيل، رغم راحته ونجاحه إلا أن وجعه تضاعف..
رمي الهاتف واحتوى جسدها بين ذراعيه يهدأها (خلاص يا سكن متبكيش)
حاولت الحديث وإخراج ما امتلئ به صدرها من وجع لكن شهقاتها المتتالية كانت تقف حائلًا دون عبور كلماتها (الحمدلله ربنا كشفلك الجيجية)
فسرت من بين شهقاتها (بعد إيه ياحمزة.؟)
ربت على ظهرها وشهقاتها تصفع دقات قلبه، ليس في الكلمات دواء ولا لوجعها شفاء
همست بعدها وكفيها يقبضان على ملابسه بتشبث(داريني ياحمزة من الدنيا والناس، خبيني من الوجع الي بيلف ورايا وحالف يموتني)
تاوه متوجعًا بصوتٍ عالي همس لها (حمزة لو يجدر هيبنيلك جوا جلبه بيت يسكنك فيه ويداريك جواه والله)
سألته وبكائها لا يتوقف (أروح فين.؟ أعمل إيه يا واد خالي…)
همس وهو يعرف كفها ويلثمه (تبجي جنبي وفحضني، وترمي كل حاجه ورا ضهرك)
همست بإنهيار تام فاقدة كل شعور بالحياة
(عايزه أموت يا حمزة مش عايزه الدنيا دي تاني)
ابتعد رفع وجهها الغارق بالدموع مستنكرًا قولها (أنا تعبت من فراج الي بحبهم ياسكن، مواجعش جلبي غيرهم..مش عايزه الدنيا بس حمزة عايزك ومحتاج جلبك يعيش بيه الي باجي من عمره)
دخلت ورد الحجرة، استمعت لكل ما قيل في صمت حتى جاء وقت تدخلها (سيبها ياحمزة واطلع)
رفع لوالدته نظرات رجاء وتوسل، لكنها منحته هزة رأس وتصميم جعله يترك جسد الأخرى ويخرج مثقلًا بهمومه وحزنه.
جاورتها ورد ضمتها مهدئة، تتلو عليها الآيات وترقيها، حتى غفت بين ذراعيها فحركت جسدها للفِراش ودثرتها.
خافت على ولدها من قسوة كلمات سكن وهي بتلك الحالة، خافت عليه من شعور بالوحشة يسكن صدره ولا يفارقه منذ مات أبيه ومرام… غير أن سكن الآن لن تستمع له ولن تعي كلماته منغمسة في جحيم الخذلان، مطعونة بالغدر وقد تنطق بما يردي هواه قتيلًا لذا فضلت انسحابه وبقائه بعيدًا عنها
**********
اجتمع حمزة بسامي وسليم وخال سما الوصي عليها والذي اختاره سليم عن قصد لرجاحة عقله 
بعد الترحيب والسلام جلس بهم حمزة في المندرة الخاصة بمنزله، بصحبة جده
هتف خال سما بحرج شديد بعدما استمع لسامي وسليم واسمعه حمزة التسجيل الصوتي لسما (والله ما عارف أجولك إيه يا دكتور ولا أودي وشي منكم فين.؟)
هتف الجد بحزم(بتكم فضحت بتنا دي يطير فيها رجاب )
هتف الرجل بأسف حقيقي (حجكم علينا أنا والله كسرت عضمها وحبستها في البيت ومنعتها من مدرستها أدب ليها بس أكتر من كِده مجدرش أعمل )
هتف الجد بغضب (إحنا عايزين حج بتنا)
قال الرجل بخنوع وخجل (الي تؤمروا بيه، بس اكيد ميرضكمش الفضايح)
انتفض حمزة راكلًا صبره، قال بغضب لم يخلو من حزمه (فضايح.؟ مرتي تتفضح وتتهان فالبلد ظلم وافترى عشان حضراتكم معرفتوش تلموا بتكم وتربوها وعايزنا نسكت عشان إنت خلاص ضربتها وخايف نجول للناس إنها هي الي عملت)
هدأه سليم برزانة حتى لا يحتد الأمر أكثر(اهدأ يا دكتور)
قال خالها بإستياء وغضب لاعنًا ابنة أخته في سره التي وضعته في هذا الموقف (مالوش لزمة كلامك دِه يا دكتور عملت الي أجدر عليه)
تدخل سامي شاعرًا بالآسف (الدكتور معاه حج يا استاذ علام الي حصل مش شوية) وجّه كلماته لحمزة (حجك علينا يا دكتور والي يرضيك هعمله أنا آسف على الي عملته وياريت لو ينفع أعتذر لها بنفسي)
احتدت ملامح حمزة واشتعلت نظراته بغضب ليتراجع سامي (بلغها اعتذاري وأنا مستعد لأي ترضيه)
لان علام قائلًا (صدجني يا دكتور أنا عملت الي أجدر عليه..)
قال حمزة بقوة (لااه مش كله)
ارتبك الرجل سأل وهو يطالع الوجوه (إيه المطلوب.؟)
أخبره حمزة بكبرياء وصلابة(بتكم تاجي لغاية هِنا تبوس على رأس مرتي وتعتذر وإلا والله لأكون مجرجرها عالنجطه  وما هعمل اعتبار لحد ولا لحاجه)
تردد الرجل قليلًا لكنه وافق (الي تشوفوه ربنا يجدم ما فيه الخير)
أومأ حمزة بصمت، لا يجد تلك ترضيه مناسبة توازي حجم الألم والقهر لكن هذا أقصى ما في استطاعته.
غادر الرجال وبقيّ الجد مكانه يضرب بعصاه في حزن يشاركه حمزه إياه.
**************
وقفت مودة أمام بوابة الجامعة  ممسكةً بالهاتف تحاول الإتصال بعاليا قائلة (إنتِ يا زفتة فينك)
أجابتها عاليا (خلاص طالعة اهو)
أنهت الاتصال وتطلعت لقرص الشمس منزعجة من شدة الحرارة التي تضرب رأسها بعنف في هذا الوقت من الظهيرة.. جاءت من خلفها فتاة قائلة (مودة إيه موقفك كدا يا بنتي في الحر دا.؟)
ابتسمت لها مودة قائلة (مستنية بت خالي)
عرضت عليها الأخيرة بقلق (تعالي اقعدي معانا في العربية لغاية ما تيجي)
ابتسمت لها مودة بتقدير وهي ترمق سيارتهم بطرف خفي (لا شكرًا يا ريناد تسلمي)
ودعتها ريناد مستسلمة فهي على دراية كاملة بشخصية مودة وتحفظها الشديد لذلك تخلت عن رأيها وابتعدت.
عادت لأخيها قائلة (رفضت تيجي)
هتف زين بلا مبالاة (ماشي خلاص نمشي)
هزت ريناد رأسها ومازالت نظراتها تحاوط مودة بقلق (أيوة انطلق)
وقبل أن يتحرك جيدًا بالسيارة كانت تقع مودة أرضًا فاقدة للوعي، صرخت ريناد بأخيها (اقف اقف يا زين دي باينلها أغمي عليها)
ترجلت من السيارة واندفعت ناحيتها مهرولة، مزقت الزحام والتجمع من حول مودة ووصلت إليها، جلست أرضًا تحاول رفع جسد صديقتها من حرارة الأرض الملتهبة، اخترق زين الجمع ووصل إليها متسائلًا (خير)
أخبرته ريناد بقلق وهي تحاول إفاقتها بمساعدة بعض الفتيات (مش عارفه )
قال زين وهو يصرف الشباب من حولهما (يلا يا شباب كل واحد يشوف حاله بعد إذنكم)
امتثل الجمع وتفرق وبقيت ريناد وحدها، ولما طال الوقت وفشلوا في إفاقتها.. فكر زين قليلًا في تهور انحنى وحملها بين ذراعيه متجهًا بها ناحية السيارة وخلفه ريناد، وضعها بالكرسي الخلفي وهتف لأخته(يلا بينا عالمستشفى اضمن)
بعد مرور مدة كانت تعتدل مودة جالسة ترمق ما حولها بفزع متسائلة (مين جابني هنا.؟)
ابتسمت لها ريناد بطمأنينة وهي تقترب منها قائلة (حمدالله على سلامتك يا ميمو خضتيني)
قطبت متفاجئة (ريناد)
جاورتها ريناد موضحة (يادوب يا بنتي سيبتك وإنتِ وقعتي من طولك)
تنهدت مودة مفسرة بضيق (معرفش إيه حصل)
ربتت ريناد فوق كف مودة قائلة (حصل خير، بس الجو حر شوية انهردا)
نهضت مودة واقفة تشكرها بإمتنان (متشكرة يا رينو بجد كتر خيرك )
نهضت ريناد ترجوها بلطف (خلينا نوصلك يا مودة)
شكرتها مودة (كتر خيرك، هكلم بنت خالي هتيجي ونمشي)
أخبرتها ريناد (رديت عليها وبلغتها وزمانها جاية)
هزت مودة رأسها بشكر، لتقول بعدها وهي تمسك بحقيبتها أخرجت منها بعض الأموال وقدّمتها لها (متشكرة خالص)
حملقت فيها ريناد متفاجئة بفعلتها، لتضيّق عينيها وتدفع كف مودة منزعجة (عيب يا مودة بعدين مفيش بينا كدا، هو إنتوا بس الي تفهموا فالواجب والأصوال إحنا كمان جدعان)
ابتسمت مودة لها بتقدير لكنها أصرت (أنا عارفه بس معلش كدا هكون مرتاحة)
هتفت بها ريناد مندهشة (يا بنتي ما تعقلي فلوس إيه.؟ العيادة بتاعة ابن عمنا احنا اصلا مش هندفع)
قالت مودة بإلحاح وضيق (لاااه مينفعش)
طرق باب الحجرة فسارعت مودة بتعديل حجابها وأذنت ريناد للطارق قائلة (اتفضل يا زين)
فتح الباب فالتقت نظراته بتلك الخجول قبل أن تخفضهما في حياء رصين، غض بصره متسائلًا يوجه كلماته لأخته(تمام يا ريناد الأستاذة بخير)
ابتسمت ريناد قائلة (تمام يا حضرة الضابط، بس احضرنا مودة مصرة  تدفع لنا تمن الكشف والتوصيل وأجرتنا لو ينفع)
قالتها ريناد بمزاح جلب سخط مودة فرمقتها بنظرة لائمة قبل أن تنطق بحياء (متشكرة لحضراتكم والله)
قال زين بملامح تخلو من المزاح (الشكرلله بس اظن ميصحش الي بتقوليه دا يا أستاذة)
ضمت شفتيها بضيق قبل أن تهتف بحدة (لا يصح دا حج، معلش مش هينفع)
قال زين بملامح جادة وهو يطلق نظراته تجاهها (تمام الي معاكي كم، هتدفعي مرة واحدة ولا هنقسط؟)
لامته ريناد بنظراتها لمعرفتها بطبيعة مودة وشخصيتها، رغم أن أخيها يمزح إلا أن مودة قد تخطيء في تفسير كلماته، فهي تعتد بنفسها جدًا وذات كبرياء .
ارتبكت مودة وزاد توترها،رمقته بنظرة حادة مستنفرة لكنها قالت بنبرة مملوءة بالإحراج (٢٠٠)
قال زين متلذذًا بما يحدث وذلك الحوار الشيق (معاكي غيرهم تروحي بيه..؟)
قالت بكبرياء راقه وحدة أعجبته (ليك تاخد فلوسك وبس)
اتجهت ريناد لأخيها تتوسله بخفوت (ايه يا زين ما تهدأ)
تجاهل زين كلمات أخته وقال ببسمة لطيفة (ماشي بس الكشف ب١٥٠ والتوصيل ٥٠ وشيلتي ليكِ لغاية هنا قدريها إنتِ بقا يا أستاذة)
رفعت رأسها تواجهه بنظراتها المشتعلة، دقائق تستوعب ماقاله قبل أن تنتقل نظراتها لريناد تطلب تفسيرًا، بينما طالعها هو ببرود يروقه ما يرى منها وتدهشه الانفعالات التي تدرجت على ملامحها من صدمة ذهول وغضب وبعدها حزن عميق.
رددت بصدمة جلية (شيلتني! )
هز رأسه يهتف بتأكيد استفزها  (أها)
أطرقت بحزن عميق، تستوعب وتبتلع الصدمة قبل أن ترفع عينيها المغرورقة بالدموع هامسةً وهي تمد أناملها المرتجفة بالمال(اتفضل متشكرة ليكم جدًا)
تناولها زين ببرود، رغم زحام المشاعر داخله وضجيج الأفكار بعقله، تذكر حين أمسك بكتبها الموضوعة بالسيارة وقرأ اسمها على أغلفته وأوراقه، كما قرأ اسم والد صديقه عبدالحكيم عامر لكن ما لا يفهمه علاقتها هي ب عبدالحكيم وحمزة وصلة القرابة بينهم.
سحبت مودة حقيبتها متجهةً ناحية الباب مستأذنة، حاولت ريناد إيقافها (استني بنت خالك جاية)
لكنها نفضت ذراع ريناد بغضب لم تظهره ورحلت غير عابئة متعللة (هستناها تحت بعد إذنكم)
فرد زين ورقة ٢٠٠ جنيه بأنامله يطالعها بنظراته، مبتسمًا بسخرية من فعلتها وإصرارها، سحبتها ريناد منه في عتب (بدل ما تعقلها وتقول كلمتين لطاف رايح تاخد منها الفلوس)
ضحك قائلًا (مش هي الي أصرت)
سحبتها منه قائلة بنظرات لائمة (هات أرجعهالها ميصحش)
التقطها منها على الفور وخبأها قائلًا (لا يصح سبيها يلا بينا علشان أنا جوعت)
*************
في المساء هاتفت ريناد مودة للإطمئنان عليها، ترددت الأخيرة بعد ما كان، لكنها حسمت الأمر وأجابت (ازيك يا ريناد)
أجابتها ريناد بنبرتها الرقيقة ومرحها المعتاد (ازيك يا ميمو عاملة ايه طمنيني)
قالت بنبرة جافة تتستر بها على حزنها وغضبها (كويسه الحمدلله)
قالت ريناد بحرج وآسف (متزعليش من زين يامودة هو كدا بيحب يهزر ويغلس)
تذكرته مودة فزاد ضيقها واشتعلت أفكارها كالموقد من جديد، لكنها تماسكت قائلة (حصل خير دا حجه)
صمتت مودة متحيرة لتردف بعد قليل بعتاب (بس ليه خلتيه يشيلني يا ريناد)
أوضحت ريناد بتفهم فهي تعرف صديقتها وتحفظها الشديد (معلش معرفناش نعمل إيه.؟ حاولنا نفوقك معرفناش)
عاتبتها مودة وهي تحبس دموعها (كنتي كلمتي عاليا أو استنيتي أو حد ساعدك)
أشفقت عليها ريناد قائلة معتذرة لها (مفكرناش والله وكان صعب نستنى عليكِ)
استسلمت مودة بصوت متهدج ينذر بالبكاء (ماشي يا ريناد)
تنهدت ريناد بصبر لمعرفتها بطبيعة مودة، ثم سألتها (بتعيطي ليه.؟)
همست مودة وهي تكفكف دموعها مفصحة بحرج (لو حد شافني كان هيجول إيه.؟ وهو إزاي يلمسني عادي كِده) صمتت ثم تابعت بإنهيار غريب على ريناد ولم تفهمه (أنا مكنتش ناجصة مشاكل والله، حياتي أنا وأختي متدمرة خلجة ومش ناجصي، لو حد شافني هيجول إيه وهيحصل إيه.؟)
اتسعت عينا ريناد بقلق، ثم تماسكت حاولت تهدأتها (يا بنتي اهدي مش كدا، بعدين مين يقدر يقول عنك حاجه كنتي مع حضرة الضابط) استمع زين لصوتها العالي الي جلبه ليدخل إليها متسائلًا (في إيه.؟)
أشارت له أن يصمت واكملت (اهدي يا مودة مش كدا)
قالت مودة ببكاء (ازاي تسبيه يشيلني ازاي.؟)
تأففت ريناد بضجر من عنادها واستبسالها في قهر نفسها فكرر زين سؤاله (في إيه؟)
كتمت ريناد الصوت وقالت ( مودة مموته نفسها من العياط علشان شيلتها وبتقول ازاي يلمسني ومكانش ينفع)
ابتسم زين بخشونة قبل أن يشير له أن تفتح الصوت (استاذة مودة إنتِ صلتك بحمزة إيه؟)
تجمدت مودة مكانها في ذهول، قبل أن تقول (ابن خالي)
تهلل زين قائلًا (ماشاء الله طب كويس جدًا خديلي ميعاد منه)
بهتت ملامحها وتساءلت هي وريناد ذات الوقت (ليه..؟)
اجابهما بإبتسامة واسعة مفجرًا قنبلته فوق رأسيهما بإستمتاع (مش مشكلتك إني شيلتك وأنا غريب أنا بقا هتجوزك تمام كدا مبسوطة بطلي بقا عياط ودوشة)
حملقت فيه ريناد مصدومة مما قاله، لينظر لأخته قائلًا بضحكة ماكرة(اكديلي هتاخدلي ميعاد ولا أروحله أنا يا رينو)
أنهت مودة الاتصال على الفور لا مزيد من هذا الجنون الآن.
أما ريناد فلحقت به راكضة لتفهم هي أيضًا ماذا يحدث.
**************
دخل حمزة للمنزل يحمل العديد من الأكياس والحقائب، رمى السلام على والدته التي نهضت من غفوتها على دخوله مستغيثة (شوف سكن يا حمزة) انتفض تاركًا ما يحمله يقع، هرول تجاه والدته المذعورة متسائلًا (خير يا أمي.؟)
أشارت للحجرة وهي تتعكز محاولةً النهوض بعدما أثار الحلم الذي رأته للتو الفزع في قلبها (مرتك يا حمزة)
ترك كل شيء مبهوتًا، ركض للحجرة فتحها ومرق للداخل ليجدها جالسة هيئتها أثارت الفزع في نفسه فاقترب يسألها بحنو (سكن)
متصلبة مكانها تطالع شيء ما لا يفهمه، اقترب وخلفه ورد تهمس داعية، قبل أن يكرر سؤاله كانت نظراته تقع فوق رسغها الأيمن مذبوحًا تتناثر منه الدماء
شهق مفزوعًا مما يرى أقترب ممسكًا برسغها يكتم الجرح النازف بحجابها الملقى وهو لا يستوعب فعلتها في حق نفسها وحقه، همس بعذاب وغضب (ليه كِده يا سكن ليه.؟)
منحته نظراتها أخيرًا قبل أن تميل للأمام باتجاهه فاقدة لوعيها فتلقفها بين ذراعيه مناديًا بإسمها (سكن)
*********
#انتهى

Continue Reading

You'll Also Like

2.8M 190K 73
النبذه :- فَي ذَلك المَنزل الدافئ ، المَملوء بالمشاعرِ يحتضن أسفل سَقفهِ و بين جُدرانه تِلك الطفلةُ الَتي كَبُرَت قَبل أونها نُسخة والدها الصغيرة ...
3.7K 227 16
رواية تناقش بعض الأحداث الواقعية التي قد تعيشها الأنثى وتتحول من انثى مفعمة بالأنوثة الي شخص تائه بالحياة لا يعرف كينونته . كما تناقش الرواية هذه الع...
5.7M 491K 52
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...
35.1K 2K 13
يقال إن المِنح عادةً تأتي من جوف المِحن .. فماذا أن كانت تلك المِحنة هي صراعًا للبقاء علي قيد الحياة ؟ تلك الحياة القاسية التي كانت تُشبهه تمامًا و ت...