السابِع والأربَعون|جُنون أرستُقراطِي

578 69 154
                                    

"عَزيزِي؟"
المِلح. كانَ المِلح شَحِيح جِدًا. لم يكُن يستشعِره بطَعامِه. نثَر الغُبار الأبيَض فَور طَبقِه بِلا وَعيٍ ونَظرة زُجاجِية تكتسِح عَينيه. كانَ يشعُر بالإرتَباكِ بذهنِه..ورَغبة عارِمة بالنُعاسِ!

"لِوي؟"
ما هُو اليَوم؟ هَل حَل يونِيو بَعد؟ أو رُبما مَر بسُرعةِ البَرقِ كعادَةِ الوَقتِ هذهِ الأيامِ. بالكَادِ كانَ يتذَكر شَكل المَدينةِ وضَبابها الكَثيف..فهو لم يعُد يحصِي منذُ متى ولم يُغادِر أي شَخصٍ البَيت.

كانَ مسجونًا. ولكِن هل كانَ برَغبتِه أو لَا؟ لَم يتذَكر.

"لِوي!"
رمَش جَراء نِداء زوجتِه المُندفِع. توَقف عَن إفراغِ المِلحَ فوق طعامِه الَذي غُطى ببُساطٍ أبيَضٍ تمامًا..فرمَقه بدَهشةٍ قَبل أن ينتبِه لسيڤين الَتي ناظَرته بإستَغرابٍ. "لقَد كنتَ أدعوكَ بالخَمسِ دَقائِق الماضَية. ما خطبُك؟"

"أنا أعتَذِر. أنا فاقِد التَركِيز قليلًا."بَرر، وإن كانَت حِجَة حاضِرة عَن تَفسيرٍ غامَضٍ. فما كانَ خطبُه حقًا؟ يشعُر بالتَشوشِ رَغم بأنَه لم يملِك ما يُفكِر فيه فعلًا..ولكِنه لم يستطِع جَمع شتاتَه لسَببٍ ما.

"لقَد افسَدت طعامَك بالمِلح ولم تأكُل مِنه. ألَم يُعجِبك؟"

"بَلى، إنَه شهِي. ولَكِنني أشعُر ببَعض الآلمِ في المَعدةِ."

تطلَعت لَه بقَلقٍ، كانَ غريبًا ذلِك النَهار. يُرسِل لَها الكَثير مِن البَسماتِ كُلما تقابَلت عيونُهما، ولكِنه يَكون ساهِمًا أغلَب الوَقتِ، كانَ وجهُه باهِت وجفونُه داكِنة بإرهاقٍ شَديدٍ رَغم بأنَه ينامَ لساعاتٍ مطولةٍ هذهِ الأيامِ.

لَم يسَعها أن تفهَم ما عِلَته.

"هارَولد لم يأتِ منذُ أيامٍ، أتسائَل لو كانَ بِخَير."حدَثها قُبيل أن تجُره لإستَجوابٍ ما. إستَمر بإحَتساءِ نبيذَه رغم عتابِها المُستمِر بأنَه قد أصبَح يشرَبه بجُنونِ تلك الفَترةِ ولكِنه لم يستطِع أن يُقلِع عَنه. لقَد كانَ يُعاوِنه على تهدِئة أعصابَه.

"علَّه مُنشغِل ببَعضِ الأعَمالِ، قَد يأتِي اليَوم."

"كنتُ أفكِر بزَيارتِه أنا هذهِ المَرةِ، فرُبما كانَ مريضًا."

سمَع تنهيدَتها الصَبورة كَما توقَع، ترَكت سكينَتها جانِبًا وعَقدت أصابِعَها أسفَل ذقنِها رامِقة إياهَ بنظرةٍ زُجاجيةٍ. "لَا، لَيس عليكَ زِيارَته، لِوي. حينَما يتمَكن هو مِن المَجِئ سيَفعل."

كعادَةِ رَدِها كُلما جاءَ على ذكرِ خروجِه مِن البَيتِ. "ولَكِن أنا بحاجَةٍ إلى الذَهابِ قليلًا عَن المنزلِ، سيڤين. أشعُر وكأنَني سأفقِد صَوابي لَو بقَيت يومًا آخَر أُحدِق في هذهِ الجُدرانِ!"إحتَقنت عَيناه بإحَتجاجٍ، فلاقَى وجهًا عابِسًا بمُقابلتِه.

Lady Casanova.Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang