السابِع|تُحفة فنِية غاضِبة

1.5K 162 63
                                    

اثلَجت السماءُ بغُيومٍ نثَرت بندفاتِها البَيضاء الرَقيقة على شَوارعِ لَندن البارِدَة مُغطِية الرَؤوس المُتوارِية بقُبعاتِها المُستدِيرة والنَسيم الجَليدي يَذرِي ما يهبِط بدَلالٍ في وُجوهٍ ينَعت بحُمرةٍ لَطيفةٍ.

"ولا اليَوم كذَلِك، هارَولد."
أومأ هارَولد بإستَياءٍ حَط على وجهِه قَبل أن ينسَحِب من مَتجرِ الحَيواناتِ بخُطواتٍ مُتخاذلةٍ نبَعت عن خَيبةِ آملٍ رافَقته لِيومين على التَوالِي.

لم تكُن طُرق لَندن زاحِمة وقَد آنَت ساعَة الظَهيرة على الإنقِضاء. كانَ يسير بغَيرِ هُدى بعُيونٍ أَحبطت بنَظرةِ آثمٍ عضَت فؤادَه لِلَيلتينِ لم يستطِع إخراجَ نظرَة الصَغير طِفل المَرأة الجَميلة الَتي ساقَه القَدر بلقاءِهما قبل يَومينِ.

كانَ يأمَل رؤيتَهما مِن جَديدٍ. رُبما للتَكفيرِ عن ذنبٍ لايزَل يُنغِصه، أو للتَزودِ بمّا سَعى إلِيه بالمَحطةِ الأُولى. هو لم يكُن مِن شيمِه أبدًا مُغازلة امرأة مُتزوِجة،على وجهِ الخُصوص امرأة تُرافِق طفلًا صغيرًا بيَدِها.

ولَكِن هِى لم تبدُ أبدًا كامرأةٍ مُتزوِجة. علَّها كانَت أرملَة. رَباه، كَم تَمنى أن تَكون كذَلِك، مَع حدتِها وصَرامةِ كلماتِها الَتي لايزَل يشعُر بردتِها في وجهِه بكُل حزمٍ. كَم كانَت صَعبة المِراس جذابَة للحَواسِ تمامًا.

تَنهد بحُزنٍ ورَفع رأسَه عابِرًا الطَريق للجهةِ الأُخرى، هَذا حينَما شَعر بكُل خلايا جسدِه تنتفِض بلَوعٍ. ها هِى ذَي. بثَوبِها الأزرَق المُخملِي وشعرُها المَلفوف بنُعومةٍ أسفَل قُبعتِها المُستديرة الجَميلة، ما كانَ ليُخطِئها أبدًا رغم أنَه لم يرَها سِوى لَيلة واحِدة وحَسب.

إندَفع عَبر الطَريق بعَجلةٍ متابِعًا إياها تَسير الخُطوات القَليلة بَين عرَبتِها وبَين مَتجرِ الحَياكةِ والأقمِشة الأنيقِ الَذي جاوَر مَتجر الوَرودِ حيثُ إستَقر أمامَه لدقائِق ملتقِطًا أنفاسَه بعدَما ولَجت هِى إلى مَتجرِ لَا مارشِييل الشَهير بثَيابِه الأنثَوية المُبهِرة.

إلتَقط هارَولد إحدَى ورودِ اللَيلكِ من إناءٍ توَسط مَتجرِي الزُهورِ والأقمَشةِ بَينما تسَللت بَسمة هائِمة لثَغرِه وهو يتوجَه إلى مَتجرِ لَا مارشِييل شاعِرًا بإختلاجاتِ قلبَه تقرَع بلَهفةٍ.

رَنة جَرسِ المَتجرِ بَعد دفعِه للبابِ كانَت كافِية لجَذبِ عُيونِ السَيداتِ اللاتِي وَقفن ينظُرن إلى الأثوابِ الفاخَرةِ نَحوه، فتَوتر. تبَددت بسمَته بلَمحةٍ مُرتبكةٍ ممرِرًا بصَره على الوجوهِ التي لم يعثُر فِيها على الوَحيد الَذي ينشُده..ليَقلق.

"هارَولد؟"
عُرقِل طَريقه بظَلِ آنِسة شابَة رَبطت شعرَها المُنسدِل بشَريطةٍ زَرقاءٍ لَطيفةٍ ماثلَت عيونَها اللامِعة بنَمشِها المُنمق حولَهما، وإبتَسمت. "السَيد هارَولد سيجرِيد. يالَّها مِن فُرصةٍ جَميلةٍ لقاءَك مِن جَديدٍ."

Lady Casanova.Where stories live. Discover now