السادِس|لِقاء مَع حَبة كَرز

1.7K 165 60
                                    

لَم يكُن مِن السَهلِ علَيه أن يَحسِم قَراره بكونِه مُخطِئًا. رَفع لِوي سدَيري قميصِه الأسوَد بخامتِه الناعِمة إلى جذعِه رَيثما يُطالِع وَجهه المُسترخِي بالمَرآةِ التي عَكست شَمس الصَباحِ على زَرقاوِيه الناعِسَتين.

لقَد كانَ مفاجِئًا لَه أن تحظَ مناقَشة الأمسِ بإهتمامِه الَذي ردَعه مِن الحُصولِ على لَيلٍ خالٍ من ساعاتِ تَفكيرٍ عَميقٍ وَصل بِه إلى ذاتِ النُقطةِ مَهما إختلَف الطَريق، لقَد كانَ متسرِعًا بالحُكمِ على السَيدة سيڤين بالَوم.

نَزل دَرج البَيتِ بكَسلٍ سَعى لجَرفِه بعيدًا مُتتبِعًا صَوت غِناء ألبِرت مِن المَطبخِ حيثُ وقَف الأخيرُ يحتسِي كَوب عَصيرٍ كَرزيٍ إنتَشرت رائِحَته القوِية بالمَكانِ الدافِئ.

"صَباح الخَيرِ."جَذب لِوي إنتباهَه بنَبرتِه البَحوحةِ ليَبتسِم لَه خالُه دافِعًا بإحدَى فطائِره المُحلاة نَحوه بإشراقٍ. "صَباح الخَيرِ. لقَد حضَرت لكَ فَطيرة التُفاحِ الَتي تُحِبها!"

"لَا. لستُ جائِعًا."أبعَد لِوي الطَعام بشَهيةٍ مَسدودةٍ، ومدلِكًا صَدغه الَذي نبَض عن نومٍ شَحيحٍ ولَيلةٍ مُقلقةٍ. "أنا سَوف أغِيب لبَعضِ الوَقتِ."

قطَب ألبِرت جبينَه بحَيرةٍ وهو يُشاهِده يتَوجه نحو بابِ المَطبخِ المُطِل على المُروجِ المُزهِرة، ليوقِفه بإستغرابٍ. "إلى أينَ ستَذهب؟"

حَك لِوي مؤخَرة عُنقِه بتَرددٍ كانَ يمِس قَراره فِي التقدُمِ أو التراجُعِ التامِ، قَبل أن يُحرِر نفسًا عميقًا ويَلتفِت إلى ألبِرت مُصرِحًا. "إلى السَيدةِ سيڤين بالَوم. بالأمسِ وَقع خِلافًا بَيننا، وكنتُ لئيمًا في الكَلامِ مَعها قليلًا."

لَم يكُن غريبًا له رَؤية إبتسامَة ألبِرت الواسِعة وهو يَحِثه على الإسراعِ بلَهفةٍ وكأنَما يَخشى تَغيير رأيَه باللَحظةِ التالِية. كانَ نسيمُ الصَباحِ ونيسًا لَه عبر التَلةِ حيثُ تهافَت حَوله رَحيق الفُلِ مختلِطًا بالياسمَينِ في عبيرٍ زَكيٍ خَدره.

كانَ البُستانُ الأحمَرِ بثَمراتِ الفَراولةِ فِي مَرمى قَريبٍ مِنه حيثُ توَقف ناظِرًا إلى المَرأة الَتي جلَست على مَقعدٍ بالمُنتصفِ أمامَ لوحتِها الَتي طلَتها بألوانٍ داكَنةٍ كئيبةٍ؛حَيرته.

فكَيف يُمكِن لشَخصٍ أن يتَوسط قِطعَة مِن فَردوسِ الطَبيعةِ يتَنفس بحَيويةٍ أن تَكون رؤيتَه سَوداوِية قاتِمة تُصيب الناظِر بالإحباطِ؟ كَيف يُمكن لامرأةٍ فاتَنةٍ مثلَها أن تكِن تِلك المَشاعِر المُضطرِبة التي منَعتها عن رؤيةِ الجَمال مِن حولِها، وجعلَتها تُصوِر ما بداخِلها مِن ظَلامٍ؟

"مرحبًا، سَيدة بالَوم."نَبس. شَبك قَبضتيه خَلفه بتهذُبٍ رامِقًا ظَهرها المولِي إلَيه بإقتضابٍ لم يَنكسِر مَع تحيتِه. لم تتَوقف أصابِعُها عَن التَمسيدِ بالفُرشةِ السَوداءِ على اللَوحةِ الحَزينةِ والهَواء يُداعِب شَعرها الشِبه مُنسدِل على كِتفَيها موارِيًا وجهًا لم يتمكَن مِن فكِ طلاسِمه.

Lady Casanova.Where stories live. Discover now