الرابِع|رَبيع إيلڤان

1.7K 193 81
                                    

أشرَق نورُ الشَمسِ.
رَفرفت أجنِحَة أسرابُ اليَمامِ في سَماءِ إيلڤان الصافِيَة بزُرقةٍ بَديعةٍ إنعَكست على حُقولِ الفواكِه المُزهِرة بورودِها المُتنفِسة بعَبيرٍ تَشابك بكُل نعومةٍ أحاطَت بكُل ركنٍ وهو يَنزِل درجاتُ السُلمِ الخَشبِي بكَسلٍ.

تثاءَب لِوي شاعِرًا بمَاءِ وجهِه يُرطِب عيونَه ليَذوب النُعاس عَنه وهو يتوجَه إلى مَطبخِ بَيت العَزبةِ حيث فُتِح الباب الخَلفِي كَي تُطِل الشَمس بضَوءٍ خلابٍ جعلَه يَسترخِي على أحَد المقاعِد بكُل سلامٍ.

كانَ الطَقس هُنا مختلِفًا عَن المَدينةِ الضَبابيةِ الكَئيبةِ، فنادِرًا ما يَرى شُروق شَمسٍ بهَذا السُطوعِ والتألُقِ في لَندن، لا يَسمع أبدًا زَقزقة الطُيورِ أو يَرى أسرابَها تُحلِق بوَداعةٍ في الأفاقِ. كانَ المكانُ هنا أشبَه بنَعيمٍ رَبيعيٍ يَهِبه وِئامًا نفسِيًا بَديع.

"صَباح سَعيد."رَحب ألبِرت بِه بإشراقٍ وهو يَعبر بابَ المطبخِ المُطِل على المَزرعةِ المُزدهِرة بسيقانِ الكَرزِ الوَرديةِ بسَلةٍ مُلِئت ببَتلاتِ من وَردِ الياسمَينِ الذي هَيمن على آنفِه بعُذوبةٍ. "هَل حظَيت بلَيلةٍ جَيدةٍ؟"

"أجَل. لَم أحظَ بمثلِها منذُ رجِعتُ مِن بارِيس."صَرح بوَتيرةٍ ساكَنةٍ ببَحةٍ أفشَت بكَم كانَت ليلَة هادِئة مُريحة عوَضت له اضطراباتَ الليالِي السابِقة. إبتَسم ألبِرت وهو يمِد يدَه بسَلةِ الياسمينِ كَي يُخرِج صحنًا ملفوفًا إنبَعثت مِنه رائِحة فَراولة سطَت على حَواسِ لوي بهَيامٍ.

"لابُد أنكَ تتضَور جوعًا."
هَز لِوي رأسَه بلَهفةٍ مؤكِدًا لتنبسِط ملامِح خالِه بنَصفِ ضَحكةٍ بينما يضَع فَطيرة الفَراولة الطازِجة أمامَه بجانِب كأسًا مثلجًا مِن عَصيرِ الكَرزِ جَعلاه يَنتشِي مِن فَرطِ لَذةِ الخَليطينِ بفَمِه الَذي تخَدر.

لطالَما كانَ كُل شيءٍ هُنا ذا مذاقًا فريدًا وفاتِنًا.

"إذَن، مِن أينَ لكَ بهذهِ؟"إبتَسم لِوي بجانَبيةٍ وهو يُشير إلى سَلةِ بتلاتِ الياسمَينِ ذاتَ الرائِحة البَديعة، ليُبادِله ألبِرت البَسمة عابِثًا بكُل بتلةٍ بَين أصابِعه. "السَيدة سيڤين بالَوم."

اُحيلت نَظرة لِوي المُلمِحة إلى مُندهِشة وهو يرنَو إلى الوَردِ ثُم إلى فَطيرةِ الفَراولة متذكِرًا حديثَ خالِه بالأمسِ عَن إمتلاكِها لمَزرعةِ فَراولةٍ، ليَتحير والطَعام ينزلِق عَبر حلقِه كالحَجرِ.

"لقَد أحضَرتهما إعرابًا عن إمتنانِها لمَعروفِكَ. وعلى عَكسِك فلَقد جلَبتهما بنَفسِها إلى هُنا."رَفع ألبِرت حاجِبَه، ليَتحمحم لِوي مُقطِبًا جبينَه ومُتابِعًا تناوَل الفَطيرة بشَهيةٍ أقَلٍ. "هَذا لطفًا مِنها."

لقَد وضَعته بمَوقفٍ مُحرجٍ تمامًا هذهِ المَرةِ، وهَذا أزعَجه. لقَد كان فِعلًا نبيلًا كفايةً مِنه أن يَقبل أن يكون مِرسالًا بينها وبين شقيقِها بَعد ما رأها تَفعله ليلة الحَفلِ ولم يتفَوه بِه بكَلمةٍ لأحدٍ. ولَكِن ها هِى تُظهِره كرجُلٍ غير مُهذبٍ لم يتكَبد عناء إيصالَ الطَرد بنفسِه إلَيها.

Lady Casanova.Donde viven las historias. Descúbrelo ahora