الثامِن والعِشرون|قَبل غُروبِ الشَمسِ

1.1K 101 105
                                    

لَم يكُن بالصَباحِ المُشرِق بَعد، فكانَ الفَجر قَد حَل قبل ساعَةٍ أو أكثَر بدَقائِق وحَسب. نَسيم رياحِه الصَافِية كانَ يَجرِي عَبر النافَذةِ كَي يُداعِب وجهَه المُستكِين بنَعومةٍ لحَنتها أجنِحة البَلابِل المُبكِرة الَتي ضرَبت بالسَماءِ الأزرَقِ.

رَقصت رِموشُه إنصِياعًا لوَعيٍ تسَرب إلَيه برَويةٍ مستشعِرًا ذِراعَين إلتَفا حَوله مِن الخَلفِ وبآنفاسٍ دافَئةٍ ترُج ظهرَه العارِي بقُشعريرةٍ ناعَمةٍ رافَقت إستَيعابه وهُو يَعتدِل بحَذرٍ شَديدٍ حَتى واجَهت عيونُه سَقف الحُجرةِ البَعيدِ.

مالَ رأسُه لليَسارِ كَي يُقابِل وَجه شَقراءٍ غافَية بسَلامٍ مُتخِذة مِن وَسادتِه مضطجعًا، ليَبتسِم بخَمولٍ. طَوى لِوي ذِراعَه أسفَل عُنقِه ونَظر عالِيًا بشُرودٍ فِي تفاصيلِ لَيلة وَلت بثَورةٍ من المَشاعِر الَتي دَوت بسَماءِه كمُرقعاتِ العَيدِ المُشاغِبة.

كَم كانَت لَيلة حُبٍ عُذريٍ مُقدسة لم يُخضرِمها يومًا.
كانَت لَيلة إنقَلبت لَها المَوازِين بشَكلٍ جذَريٍ لم يُصدِقه رَغم شعورِه بجَسدِها العارِي مُستلقِيًا بجَوارِه وبذِراعها يعبُر جِسر صدرِه بمُهادنةٍ. كَم رَفرف قلبُه بغَرامٍ.

كانَ قَد تخَيل تِلك اللَيلة برأسِه كثيرًا وخَلق لَها مشاهِد وَردِية فاتِنة، ولكِن هِى جَعلت الآمر أجمَل مِن أي شَيءٍ تخَيله يومًا. لم يكُن الآمر بشَكلِه التَقليدِي الَذي كانَ يراه ممِلًا وخالِيًا مِن المَشاعِر، بَل كانَ مهيمًا في فَلكِ الهَوى بقُلوبٍ تهاوَدت وأجسادٍ تعانَقت.

جَفل، شاعِرًا بذَراعِها يَتيبس بحَركةٍ بَطيئةٍ لأنامِلها الَتي إستَقرت فَوق صدرِه رَيثما ينكمِش أنفُها بلُطفٍ مَع إنشقاقِ جفونِها بكَسلٍ شديدٍ قابَله ببَسمةٍ لَطيفةٍ.

"صَباح الخَيرِ."

"عُد للنَومِ. الوَقت مُبكِر جدًا.."كَم كانَ صوتُها الناعِس ناعِمًا متفرِدًا ببَحةٍ خَفيفةٍ. كانَ واقِعًا بحُبِ كُل تفصيلةٍ بها ولَو كانَ آمرًا لا يَستدعِ ذلِك. شَعر بجَبينِها يَستنِد على مَنكبِه وبذَراعِها المُسترخِي يُحيطه بكُل خمولٍ واجَهته.

"أنا شخصٌ صباحِيٌ."أقَر، وإبتَسم مع سَماعِ زمجرتِها المَكبوتةِ ضَد جسدِه مستمتِعًا بمّا مدَته إلَيه مِن دَفئٍ. "أنا لستُ كذلِك."

إنصاعَ لحَرارتِها المُراوِغة لَه، كانَ الشُعور بِها بذلِك القُرب الشَديدِ يُفقِده صَوابه، كانَ تلمُس كُل إنشٍ بَها يُصيبه بشَرارةٍ خاطَفةٍ تعِث بصَدرِه أنفاسًا مُهرولةٍ بوَلعٍ. فكَم تغَير الحالَ وكَم نَجحت بتَبخيرِ كُل إنزعاجاتِه بيُسرٍ رَغم تهكُمِه بأنَها لَن تفعَل.

إن تأثيرُها علَيه لا يفشَل أبدًا.

مضَت بِضعَة دقائِق وانَستها زَقزقة عَضافيرٍ عَششت بالقَريبِ حَتى رَفعت سيڤين رأسَها مِن أسفَلِه مُشيحة بشَعرِها للخَلفِ كَي تُطِل على زَرقاوِييه اللَتين إنعَطفتا لجَهتِها بنَظرةٍ وَديعةٍ، أسرَتها.

Lady Casanova.Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu