الخامِس والعِشرون|الحَياة دائِرة مُغلقة

845 111 149
                                    

"هَل أنتِ بخَير؟"
طمَست نحيبَها بالقَوةِ. رَسمت بَسمة ساخِرة على شَفتِيها وهِى تلتقِط نفسًا عميقًا واكَب ما شحَذ نفسَها المُختلة مِن إغتَياظٍ وغَضبٍ أرادَا الخُروج بأيسَر وسيلَة وُفِرت. هُو.

"لطالَما أبهَرتنِي بأسئلَتِك، حقًا."هَزت رأسَها بإستَخفافٍ أزعَجه. رَدد بعَقلِه ما قالَه لَه الطَبيب هوبِر بَينما تنعطِف لتواجِهَه بوَجهٍ عادَ لتخشُبِه مظهِرًا تجاعيدَ بكاءِها المَنبوذ. "هَل أبدَو لكَ بأنَني بِخَير؟"

بدَت بحَالٍ مَيئوسٍ مِنه. ولَقد تفَهمه.
"أيًا كانَ ما يُزعجكِ سنَحِله سويًا. وينيفـرِيد مُتسلِطة و..-"

"هَل تعتقِد بأنَني مُنزعِجة بِسَبب آمرًا قالَته وينيفـرِيد فعلًا؟"ألثَم آنفاسَه بوجهِ إندفاعِها المُتعصِب. كانَ لازِمًا لمكانِه وهِى تقترِب بعُبوسٍ شَديدٍ جَعل نظراتَها تحتَد تمامًا. "أنتَ لن تفهَم أبدًا ما أشعَره بتِلك اللَحظةِ. لَن تَفهمه لِأنكَ لا تعلَم فِعلًا ما هُو الآلم. لا تعلَم ما يَعني أن تُعانِ. لقَد وِلدتَ بحَياةٍ مَثاليةٍ جدًا، لم تعتَد على قَولِ أجَل، لم تعتَد على قَولِ لَا، بل سمعًا وطاعَة وحَسب. ومَع ذلِك فإنكَ بنَظرِ الجَميعِ شخصًا محترمًا لِانكَ رجُل، لا غُبار علَيه."

إهتِزاز خَضراوَيها الواهَنِ أظهَر ما إعتِراها مِن حُزنٍ، وغَضبٍ. طأطأت رأسُها للأسفَلِ وبخَيطٍ مُمتعضٍ حانقٍ تَنهدت. "إن أخطأت، يَقولون رجُل وأخطأ. ولكِن إن أخطأت امرأة، لا أحَد يتفَهم، لا أحَد يلتمِس عذرًا. لا الناس، لا النِساء الآخرون، لا عائِلتها، ولا حَتى نفسَها."

"ومِن ثَم تسألنِي ما الَذي يُزعِجني؟ أنتَ تزعِجني."تغيُر نبراتُها مِن الناعِم إلى الخَشِن. إنقلاب نظراتُها مِن العَجزِ إلى الشَراسةِ. جميعُها جاشَت بقَلبٍ أسيرَ مشاعِره،وجميعُها عقَدت لِسانَه بجَهلٍ عمَّا يَقول.

"لا يهُم كَم أُظهِر لكَ بأنَني لا أُريدك، تُصِر على فَرضِ نفسِك وحَسب. لا يهُم كَم أُظهِر لكَ بأنَني أُريد البَقاء بمُفردِي، تذهَب لتلعَب دَور الرجُل المَثالَي وتتطَفل بمّا لا شأنَ لكَ بِه. وبَعدها تأتِي لتَسأل هَل هُناك مُشكِلة بكَ. أجَل، هُناك مُشكِلة. عَنادك وإعتقادُك الخائِب بأنكَ مُختلِف عَن باقِي الرَجال، بَينما في الحَقيقةِ كُل الرَجالِ واحِد، الفَرق بأنكَ تدّعي المَثالية. ولكِن هَل تُريد الصَراحة؟ إنكَ تتظاهَر بأنكَ كازانوڤا العَصرِ بَينما أنت لا خَبرة لديكَ بشَيءٍ مقارنةً بالآخرينِ."

لا يهُم كَم حاوَل تذكُر تَحذير الطَبيبِ بسُلوكِها القاسَي، هو لَم يستطِع مَنع نفسَه مِن الإذعانِ لكُل كلمةٍ تَقولها بإقتَضابٍ وإزدراءٍ فِي وَجهِه الَذي هَبط بلُطفٍ.

"أنا أُحاوِل."هَمس. رُج قلبُه بلَمسةِ حُزنٍ وهو يَرها تَبتسِم بسُخريةٍ كتَعقيبٍ. بدَت غير واعَية لمَ تقولَه، ولكِنها كانَت واعِية تمامًا. كانَت هادِئة، حازِمة، ومُتعمِدة لكُل كلمةٍ تنطَقها.

Lady Casanova.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن