الخامِس والأربَعون|فَن العَودةِ للواقَعِ

643 73 113
                                    

لقَد كانَت صَبِيحة رَتيبة بمَدينةِ لَندن الإنجَليزية. هامَت الرِياحُ بصَبوةٍ لَعوبةٍ في السَماءِ الشاهِق مُصابة بضَبابٍ كاسَحٍ قَهر نَقاء الساعَة المُبكرةِ وأعلَّها بشَعورٍ ثَقيلٍ صدَته القُلوب بكُل ما ملَكته مِن هَمةٍ.

كانَت العَصافِير تُزقزِق بشَجنٍ بأسَرابِها المُحلِقة فَوق الشَوارِع الَتي حَوت المَتاجِر الَذي تفتَح عَيونها بإشَراقٍ مِثل خُضرتِه المُتلهِفة وهو يَضع كِلتا يَديه على خَصرِه متآمِلًا مَزايا مَتجرِه بإعَتزازٍ لدَقيقةٍ قَبل أن يخطُ للخارجِ ليَرنو مبتسِمًا لِلّافِتة العَريضة الَتي عُلِقت عالِيًا بثَباتٍ.

مَتجر سيجرِيد للتُحفِ الآثرِية.

"لِوي؟ عَزيزِي؟ هَيا إستَيقِظ أيُها الكَسول."

إنزَعج بنَومتِه بهَزاتٍ لَطيفةٍ أقلَقته، فتَح عيونَه بتزمُتٍ بوَجهِ الضَوءِ المُنعكِس مِن النافَذةِ المَفتوحةِ على وَسعِها، فتَذمر رافِعًا جِذعَه بكَسلٍ للجَهةِ المُناقِضة كَي يُقابِل زوجَته الَتي إبتَسمت بعُذوبةٍ.

"صَباح الخَيرِ."

"صَباح الخَير. كَم الساعَةِ الآن؟"بنَبرةٍ مَبوحةٍ إستَفسِر، ودَلك فَروة شَعرِه المُبعثرِ بآنامَلٍ خامَلةٍ ناظِرًا إلى عَربةِ الفُطورِ الَتي جلَبتها لجَوارِ فراشِه..تمامًا كاليَومينِ المُنصرِمين بفَعلةٍ مُريبةٍ.

فهو لم يَعتد على تَناولِ طعامَه بالسَريرِ.

"إنَها الحادَية عَشر والرُبع."
نبَعت دَهشته مَع إنسكَابِ الحَليبِ بجَوفِ الشَاي الساخَنِ الَذي أعَدته سيڤين ككُل شيءٍ آخرٍ فَوق العَربةِ. لقَد كانَ متفاجِئًا بإصَرارِها على إعدادِ طَعامِه بنَفسِها رَغم بأن ذلِك لم يكُن مِن شَيمِها، وحينَما عَرض علَيها المُساعدة رفَضت بلُطفٍ أخفَت وراءَه حِدة عَجيبة.

هِى لم تنفَك تتصَرف على نَحوٍ غَريبٍ منذُ وفاةِ جدتِه.

"لقَد غدَوت تنامَ الكَثير مِن الوَقتِ، وذلِك سيُفقِدك تَركيزك ويُرهِقك. أنتَ على علمٍ بأنَ بإمكانِك إخَباري بأي شَيءٍ يُزعِجك أو يؤرِقكَ آثناء اللَيلِ، ألَيس كذَلِك؟"طالَعته بجَديةٍ ردّها بإيماءةٍ صامَتةٍ، وشَكرها بخُفوتٍ وهو يَلتقِط قَدح الشَاي بخَفةٍ.

هو لَم يملِك ما يُخبِرها بِه لأنَه كانَ يهرَب مِن دَمامةِ أحزانِه بالنَومِ رَغم علمِه بأنَ ذلِك لَيس حلًا مِثاليًا. ولكِنه كانَ يشعُر بالخَيبةِ لخسارتِه الكَبيرةِ، بالغَضبِ على جُبنِه الَذي ردَعه مِن مواجَهةِ واقِعه بجَراءةٍ، وبالضَعفِ الَذي جَعله بِلا نَفعٍ حَقيقيٍ لزوجتِه الَتي تدَبرت كُل الآمورِ ببَسالةٍ.

لقَد كانَ يهرَب مِن كُل ذلِك.

"علَيكِ أن تتوَقفِ عَن جَلبِ الطَعامِ إلى هُنا. أنا لستُ عاجِز ولَم أعتَد على خَدمةِ الآخرينِ لي بذلِك الشَكلِ."عبَس، منزِلًا القَدح عَن يدِه كَي يتفَرِس بمَلامِحها الَتي إنشَقت ببَسمةٍ فاتَنةٍ وهِى تنهَض على قامتِها برَشاقةٍ.

Lady Casanova.Where stories live. Discover now