الثالِث والأربَعون|قَوس وسَهم

648 82 118
                                    

طرَب النَهار بزَقزقةٍ وَديعةٍ من طُيورٍ رَشيقةٍ. سُنبلة خَلف سُنبلة أُعلِنت الثانَية ظهِرًا بهَديرٍ برَدهةِ بَيتِ ليڤَرِنت الهادَئ..والَذي لم يُسمع لهُدوءِه كاسِرًا منذُ ليلَةِ الحَفلِ التَعِيسة.

مَهمومًا إستَلقى لِوي فَوق أريكَةِ المَكتبِ مغلَق العَينِ والحَواسِ، حالَة مُتدنِية لازَمته على مَدارِ السَتةِ الأيامِ السابِقة واليَوم لم يكُن بمُختلفٍ تمامًا. كَيف يُمكِن للأوضاعِ أن تَسوء بذلِك الشَكلِ وهو مَن إعتَقد أن وَجود طَفلٍ سيَحِل كُل شيءٍ؟

كَم كانَ حالِمًا.
حاوَل دَفع سَيرة هارَولد عن خُلدِه تمامًا، رُبما تصَرف بهَمجيةٍ وإنفَعالٍ نَظير قلقِه البالِغ وثَقته المَهزوزة..ولكِنه كانَ معذورًا وإنتظَر أن يتفَهم صديقُه ذلِك، فلَقد أغَم ماضَي زوجتِه العَثِر حَياته حَتى جَعلته غَير مَوزونٍ.

وعلى ذَكرِ الشَقراءِ الحَسناءِ فاتِنة فؤادِه المُتعذِب، هِى لم تترُك بالَه لحظُة رَغم عَدمِ تبادُلِهما حديثًا كامِلًا طَوال الأيامِ المُنصرِمة..هو إنتَظر تفسيرًا ما لكُل الفَوضى الَتي حدَثت لَيلة الحَفلِ، وهِى إستَغرقت وقتًا حَتى تجمَع شتاتَها بعَزمٍ كَما إعتادَت أن تفعَل.

مَع أن صَدمة هذهِ المَرةِ لم تكُن كأي صَدمةٍ واجَهتها قبلًا.

"يومٌ سعِيد، نَهر."بإنطَفاءٍ رحَبت سيڤين بالخادَمةِ الَتي إلتَقطت مِنها رِداءَها والقُبعةِ. كانَ يومٌ نموذِجيٌ بحَياتِها الَتي غدَت رتَيبة على نَحوٍ لا يُصدق، كَم بدَى ذلِك بعيدًا جِدًا قَبل فترةٍ وَجيزةٍ وحَسب.

"لقَد إستَغرقتِ الكَثير مِن الوَقتِ، سَيدتِي."

"أجَل، لقَد ذهبِتُ لزَيارةٍ ضَروريةٍ. هَل لِوي بمَكتبِه؟"

أومأت نَهر بتأكَيدٍ، فإعتَصرت الشَقراء قَبضتِيها سوِيًا وسارَت بطَولِ الرُدهةِ نَحو بابِ الحُجرةِ المَفتوحِ شاعِرة بتَشاورِ آنفاسِها بتَوترٍ، وإن لم تلبَث أن سكَنت فَورما وَقع نظرُها علَيه.

كانَ مسالِمًا بموضِعه تمامًا.
لم تَملِك رَؤية ما إذ كانَ متيقِظًا أم مخطوفًا بسِنةٍ غافِلة، ولكِنه كانَ يتَنفِس بإنتَظامٍ ويلزَم مكانَه بإستَرخاءٍ كرَهت أن تحرِمه مِنه خصوصًا وهِى تعلَم مَدى تعسَفِ الأحَوالِ هذهِ الأيامِ علَيه وكَم أصابَه الإحِباطُ.

إنسَحبت خِلسَة مِن المَكانِ صاعِدَة الدَرج العُلوِي وإن لم تسلَك طَريق حُجرتِها، بَل توجَهت نَحو غُرفةِ السَيدةِ الكَبيرةِ الَتي عادَت تلزَم فِراشَها بعدَما هاجَمتها وَعكة أشَد قَسوة لم تتحَملها، فكَم كانَ السُل مرضًا رهيبًا لا يرحَم.

هِى لم تكُن مِن النَوعِ العَطوف، ولكِنها كُلما تذكُر وَجه لِوي حينَما إكتَشف عِلة جدتِه الحَقيقية قَبل أربَعةِ أيامٍ يرِق قلبُها. كانَت تتفَهم مَدى أهمِيتها بحَياتِه وتَرى كَم هو قَلِق مِن فَقدانِها كَما فَقد آلبِرت من قَبلٍ، مَهما تحايَل علَيها وزَين لَها مشاعِرَه بالوَئامِ.

Lady Casanova.Where stories live. Discover now