الثالِث|في عَصرِ الأزماتِ

Start from the beginning
                                    

تحالَف الصمتُ مع عَبثِ طُيور اللَيلِ في الخارِچ مَع آثارِ الحَفل وهِى تُهيمِن على أوصالِهما الَتي إرتَخت على الفراشِ الواسِع بَين ظُلمةِ الغُرفةِ المَثقوبةِ، راقَب لِوي السَقف المُظلل بآضواءِ القَمرِ بوَجهٍ شارَدٍ، قَبل أن يستمِع لصَوتِ صَديقِه الهامِس.

"عليكَ أن تجِد زَوجة ما فِعلًا، لِـوي."

طَلت الشَمس فِي عَصرِ يَوم الخميسِ من شَهرِ ينايَر القارِص بقَلبِ سَماءِ لندَن المُغيمةِ شاهِدة على تحرُكِ المارَة بين الشوارِع المُضببة أسفَل عيونِه الساكِنَة الَتي تابَعت الحَركة بهُدوءٍ نزَل علَيه بينَما يُنصِت إلى عازَفِ القيثارَةِ الَذي ترَدد لحنَه بجُدرانِ المَقهى الراقِي محتسِيًا شايّه الساخِن بتلذُذٍ.

رَمق لِوي ساعَة جَيبِه للمَرةِ الثانَية خِلال رُبعِ ساعَة إنتَظر فِيها حُضور صَديقِه الطائِش الَذي لمَحه منذُ عشرِ دقائِق يُرافِق سَيدة على الجهةِ الأُخرى للطَريقِ متأخِرًا عَن موعِد الشاي الَذي حَدداه سوِيًا بصَباحِ اليَومِ.

كانَ يرتشِف آخِر قَطرات الشاي الَذي عاوَنه على الإسترخاءِ حينَما فُتِح بابَ المَقهى ويَلِج هارَولد ببَسمتِه المُشرِقة ملوِحًا لَه بسُرورٍ بَينما يَرفع قُبعته ويَخلع مِعطَفه آخِذًا مِقعدَه أمامَ لِوي ملتقِطًا آنفاسَه. "أعتَذِر عن التأخيرِ، لقَد طرأ آمرٌ ما."

"أحيانًا يُراوِدني شُعور أنَي سأضطَر إلى اللحاقِ بكَ في كُل مكانٍ كَي لا يُوقِعكَ طيشكَ في مأزقٍ ما."رَفع لِوي حاجِبَه تارِكًا قَدح الشاي جانِبًا رَيثما يُحرِك هارَولد كِتفَيه ويُزيح غَرة شعرِه لصَدغِه بلُطفٍ. "لقَد كانَت آنِسة جَميلة تَسألني عَن مكتبِ البَريدِ، وكَوني رجلٌ نبيلٌ كانَ عليّ إيصالِها إلى هُناك بنَفسِي."

"أجَل، وأنتَ فِي فَعلِ الخَيرِ لا يُمكِنك أبدًا أن تَقول لَا."

قَهقه هارَولد على سُخريةِ صَديقِه قَبل أن يُلبِ سؤالَ النادِل عَن طَلبِه بقَدحٍ من الشاي الدافِئ مَع أوراقِ النَعناعِ الطازِجة، وشَبك أصابِعَه فَوق المِنضدة بنَصفِ بَسمةٍ. "إذَن، كَيف أحوالكَ هذهِ الأيامِ؟"

بزَفرةٍ طَويلةٍ كانَت إجابَة لِوي اليائِسة واضِحة. "لا جَديد. لاتزَل جَدتي ترفُض الحَديث مَعي منذُ لَيلةِ الحَفلِ، ناهَيكَ عن تَحذيراتِ المُستشارِ كورنولِيوس بأن أجِد وسيلَة لتَسديدِ ديونَ أبِي قَبل المُدة المُحددة والَتي تقترِب وأنا في مَكانِي ساكِنًا."

أستقامَت شِفاه هارَولد بإستياءٍ. كانَت الأوضاعُ مع صديقِه غَير جَيدِة ومَع كُل مُزاحاتِه هُنا وهُناك، فلَقد كان مغمومًا بعدمِ قُدرتِه على فَعلِ شيئًا لمُساعدتِه بجانِب عَجزه عن مُرافقتِه طويلًا للتَفكيرِ بحَلٍ ما بَعد آمرِ جَدتِه في عدمِ دُخول هارَولد إلى منزلِهم من جَديدٍ، مِما جَعل لقاءاتَهم مَحدودة فِي المَقاهِي والمَطاعِم.

Lady Casanova.Where stories live. Discover now