النهاية (الجزء الثاني والأخير)

1.9K 67 27
                                    

استيقظ حسن من نومه مرتاحا كما لم يشعر منذ أكثر من خمس وعشرين عاما، وجد عاصم قد جهز طاولة فطور لم ير مثلها من قبل ...

حسن: حتى الأكل تغير

عاصم وهو يضحك: نسيت أنك لا تزال تتذكر طاولة فطور التسعينات يا سيدي

حسن وهو يضحك أيضا: كان أكثر شيء مميز فيها ذلك الخبز المحروق بالعسل

ضحك الرجلان وهما يتناولان فطورهما، ويتبادلان أطراف الحديث، كان عاصم يخبره بكل ما طرأ على العالم في تلك المدة الطويلة التي كان معزولا فيها، رؤساء تغيروا، شعوب انتفضت، ورجال علم ودين قتلوا....والكثير الكثير من القضايا العالمية التي هزت كوكب الأرض وغيرت أبرز معالمه...

حسن: أتعلم أكثر ما يثير فضولي يا عاصم ولم يتقبله عقلي القديم بعد... هذا الهاتف الذي في يدك والذي أراك تخبئ فيه كل أعمالك وتلجأ إليه لمعرفة أي شيء.... غريب كيف أراك تلتصق به في كل زمان ومكان، أريد أن أعرف كيف يعمل وما هذا الشيء الذي أرى الناس ينغمسون فيه حتى وهم يجلسون إلى بعضهم البعض...

عاصم: أتعلم أنني لأول مرة أنتبه لكل ما تقوله يا سيدي، لا أنا ولا غيري ممن يحملون هكذا هواتف، ننتبه بأننا نبدو غريبين، لقد أصبح هذا الشيء الذي يثير استغرابك شيئا عاديا بل وضروريا، حتى أننا أصبحنا نضيع من دونه، لا نعرف كيف نجلس ولا ماذا نتحدث إن لم نطلع عليه في كل ثانية، أتمنى أن لا تصيبك العدوى أنت أيضا يا سيدي هههه أراك لا تزال تهتم بالكتب.

حسن: الكتب هي الحياة يا عاصم، لكن لا بأس ببعض التكنولوجيا بشرط أن لا تغير طباعنا إلى هذه الدرجة، الحياة فيها أشياء كثيرة رائعة لنكتشفها في الحقيقة وليس من خلال هذه الشاشة الصغيرة...

كان عاصم يستمع لكلام هذا الرجل الوقور بكل تأثر، وبعد أن أنهيا فطورهما، أخذه في جولة لمدينة سيدني الفاتنة....

حسن: أتعلم أنني لم أر من هذه البلد إلا بيت كارولين ومن بعده السجن.... لطالما شعرت بأن سيدني أوحش مكان على وجه الأرض.

عاصم: طبيعي أن تشعر هكذا، لم تر منها جانبا مشرقا أبدا، لكن لا تقلق يا سيدي، أنت حر الآن بإمكانك الذهاب إلى أي مكان تريده

حسن: ما أجمل طعم الحرية بعد الحرمان الطويل منها، لن أقدر على وصف ما أشعر به الآن من راحة يا عاصم...

عاصم: استمتع يا سيدي...

حسن: أفكر كيف سأعود إلى البلد، كيف سأقابل عائلتي، وولداي، ترى هل سيسامحانني...هل ستغفر لي حسناء بعد كل هذه السنوات، أنا لم أطلقها حتى، لابد أنها عانت وهي لا تزال شابة جميلة وصغيرة...

عاصم: ما أعرفه أنها رفعت دعوى طلاق، وطلقت منك غيابيا بعد خمس سنوات من غيابك، هكذا أخبرني والدي، كان هو من يمسك قضيتك في ذلك الوقت

الجميلة التي أحببتها أنا وأخي ( مكتملة )Where stories live. Discover now