التجاهل القاتل

862 63 15
                                    

كان أحمد منهمكا في قراءة تحاليل حنين الغير متوقعة والتي بينت له أنها ليست على ما يرام لا جسديا ولا نفسيا، جاءه صوتها المنهك وهو يقلب صفحات ملفها الطبي فالتفت إليها بردة فعل عفوية سريعة.

حنين: أحمد هذا أنت؟

تقدم منها قليلا دون أن يخاطبها متفحصا كيس المحلول الموصول بذراعها فقالت مجددا

حنين وهي تحاول النهوض من سريرها: أحمد؟.... كيف....ما الذي تفعله هنا؟

أحمد: اهدئي يا آنسة لم يتبقى الكثير على نهاية محلولك، يمكنك المغادرة بعدها.

حنين باستغراب: أحمد.....؟

بعد انتهائه من فحص الكيس غادر الغرفة من دون أن ينطق بكلمة واحدة، خرج تاركا حنين المصدومة خلفه، غير مصدقة لما رأته قبل قليل، أحمد، يزاول نشاطه الطبي في مستشفى هنا، كيف حصل ذلك، سألت نفسها كيف لم يتعرف عليها؟ بل كيف استطاع التظاهر بأنه لا يعرفها؟ كيف تحجر قلبه إلى هذه الدرجة؟ هل هذا فعلا أحمد؟ أم شخصا آخر يشبهه حتى في صوته، تذكرت بعدها أنه هو الطبيب الذي قام بالعملية لوليد، أجل فقد كان هو، إحساسها لم يكن مخطئا، لكن ما الذي يفعله هنا يا ترى؟...

أما أحمد فقد كان يقف خلف الباب غير قادر على الحركة، كيف حصل معه ذلك، كيف هرب منه شعوره بالاشتياق لها فجأة هكذا، أليست هذه هي حنين التي كان يحاول منذ قليل عناقها وهي نائمة؟ كيف تصنم بتلك الطريقة الغريبة، لما خذلته الكلمات أمامها، كانت تناديه باسمه، كانت هي حنين حبيبه الأولي والأخيرة والوحيدة، كيف تحلى قلبه بتلك القسوة ومن أين له ذلك الجفاء، تأكد لحظتها بأن جرحه الذي دفنه منذ أربع سنوات لازال ينزف ولم يلتئم أبدا، تأكد بأنه أصبح مسيرا بعقله لا بقلبه، انتهى أحمد الطيب يوم انتهت علاقته بها ولم يعد ذلك الشخص موجودا إلا في الذكريات، لقد تغير كثيرا للأسف.

نزعت حنين المحلول عن ذراعها بعنف ونزلت عن السرير مرتدية حذاءها على عجل وخرجت راكضة خلف أحمد، فتحت باب الغرفة لكنها لم تجد أحدا، ركضت بين الممرات باحثة عنه بلى جدوى، لقد اختفى، لا أثر له، وبينما هي تبحث عنه كان أحمد قد استقل سيارة أجرة عائدا إلى ليزا منفذا لأمر عقله بكل خضوع.

لم تنم حنين تلك الليلة كادت للحظة أن تشك بقدراتها العقلية، ردة فعل أحمد كانت صادمة لها، فكرت في أنها ربما كانت تتوهم وجوده، أو تتخيله وتراه في وجوه الغير، كادت أن تجن حين سألت عن اسمه في الاستعلامات ليخبروها بأنه لا يوجد طبيب بذلك الاسم في ذلك المستشفى الضخم، طبعا فقرار تعيينه لم يكن قد أمضي بعد من طرف صاحب المستشفى فنتيجة عملية وليد لم تظهر بعد...

بدت كالمجنونة وهي تبحث عنه بين الأطباء، وفي الغرف المغلقة والمكاتب، ركضت بلا هدف ودموعها على خدها لا تجف، لتصرخ في آخر الممر باكية بأعلى صوتها أين أنت اللعنة وانهارت مجددا...

الجميلة التي أحببتها أنا وأخي ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن