لا يكتم السر إلا من له شرف (بقلم أحمد)

999 36 0
                                    

ودعت حنين جميع من في القصر بعناق وابتسامة دافئة ونزلت ممسكة يد والدي متجهان إلى السيارة، فتح والدي الباب الخلفي لحنين لتصعد ثم أغلقه ونظر إلي نظرة غريبة مملوءة بالغضب الذي لم أعهده منه أبدا، كنت أقف مع الحسناء على باب القصر مودعين ضيفتنا الصغيرة.

مصطفى: أحمد اصعد، ستأتي معنا لإيصال حنين

فرحت حين طلب مني أبي أن أرافقه لكن طريقته معي كانت غريبة مما جعلني مرتبكا جدا، ركبت السيارة بجانبه بهدوء وأقلعنا وحنين لا توقف تلويحها للسيدة حسناء من نافذة السيارة الخلفية وما إن ابتعدنا عن القصر حتى قالت لي

حنين: أحمد أنا أشكرك جدا لأنك أعطيتني هذه الفرصة، حقا لقد كان أجمل يوم في حياتي لن أنساه أبدا.

أحمد: لا حنين لا تشكريني أنا سعيد لأنك كنت ضيفتنا اليوم.

ليقطع أبي حديثنا بهدوء سائلا حنين من خلال مرآة السيارة

: حنين كيف عرفت يا ابنتي أن حسناء هي من تبرع بالملابس لملجئكم ؟

: أحمد أخبرني يا عمي.

احمر وجهي إلى حد الانفجار، علمت الآن لما الغضب في عيون أبي فالتزمت الصمت وأردفت حنين.

: لكني وعدته أنني لن أخبر أحدا، فأنا أعلم كم أنه أمر مهم للسيدة حسناء أن لا يعرف الناس أنها المتبرع المجهول، حتى أنني يا عمي لن أقول لأحد أنني زرتها اليوم أو أنك من طرفها.

: أحسنت يا ابنتي . (أجابها أبي مبتسما، ثم ركز على الطريق أمامه)

التزمنا بعدها الصمت ثلاثتنا حتى وصلنا الملجأ، قابلتنا المديرة عند باب الملجأ كانت تبدو قلقة وخائفة على حنين، نزلت حنين من السيارة وذهبت راكضة إليها لتبادلها العناق وكأنها ابنتها، شكرت والدي وشكرتني كثيرا أيضا حين قص عليها أبي تفاصيل ما حدث في الملعب، وفعلا حدث كما وعدت حنين، لم يذكر اسم السيدة حسناء أبدا...يا لها من طفلة ذكية.

ودعت صغيرتي مكرها، كم أتمنى أن تترك الملجأ وتأتي للعيش معي، كم أرغب في أخذها من هنا لتكون أمام عيني كل الوقت كي أتمكن من حمايتها من أي شيئ يزعجها، أنا حقا لا أريد الانصراف، شعرت بغصة في قلبي وأنا أودعها لأجل غير معروف.

: حسنا حنين انتبهي لنفسك جيدا

: وأنت أيضا يا أحمد وأنا أشكرك مرة أخرى على ما فعلته من أجلي.

: لا تشكريني أبدا، ولا تترددي أبدا في الاتصال بي إن احتجت أي شيء اتفقنا؟

: اتفقنا، سأسجل رقم منزلك على دفتري وسأتصل دائما لأطمئن عليك.

لا أريد لهذه اللحظة أن تنتهي، أنا لا أريد ترك صغيرتي هنا بعيدة عني كل هذه المسافة، لا أريد. جاءني صوت والدي من السيارة ليوقظني من حيرتي

: أحمد هيا كي لا نتأخر.

لم تدخل حنين حتى اختفينا عن أنظارها، كانت تقف ملوحة لي، إلهي كم أود لو أعود لأخذها معي. بعد لحظات أحسست بوالدي ينقص من سرعة السيارة إلى أن أوقفها تماما على حافة الطريق لأجده يلتفت إلي ثم خاطبني بهدوء

: كيف تسمح لنفسك يا أحمد أن تفصح عن سر للسيدة حسناء ؟ هل ربيتك أنا على فعل ذلك يا بني ؟

: أبي أعلم أنك غاضب مني وأنا أعترف أنني أخطأت وسأتأسف للسيدة فور عودتنا .

: وهل هذا يمحي ما فعلت؟ ما الذي دفعك لتفعل ذلك، ألم نجلس كلنا يوما وكأننا عائلة واحدة وعزمنا أننا غطاء وستر على بعضنا البعض ؟ كيف ستثق بك السيدة بعد ما فعلت؟ كيف ستتكلم أمامك مجددا عن شيء خاص بها؟ كيف ستكسب ثقتي أنا بعد الآن ؟ باعتذارك ؟ أهكذا علمتك؟ ألم أجلسك يوما لأعلمك أن السر أمانة ؟ أم أنك تريد أن تلقب بالخائن ؟ أتخون شخصا أخبرك سرا يا أحمد؟ وهل هكذا يفعل الرجال؟ أم أنك لم تصبح رجلا بعد ؟

: أبي أعلم أنني أخطأت بإفصاحي عن شيء كهذا لكني لم أكن أقصد إيذاء أحد ولم تكن في نيتي أبدا أن أخون الأمانة أو أخسر ثقتك.

:لكنك فعلت، أم أنك غير مدرك أننا نتعامل مع شخصية ليست بالشخصية العادية؟ أنسيت من تكون السيدة حسناء؟ ألا تعلم أن حياتها ملك للناس وليس لها وحدها؟ ألا تعلم أن الصحافة لا عمل لها غير فضح أسرار المشاهير؟ أم أنك نسيت أنها شخصية مشهورة أيضا؟. السيدة تثق بنا يا بني، تتصرف معنا بأريحية بلا تصنع ولا غموض لأنها تعتبرنا عائلتها التي لا تؤذيها، هي تعتبرنا أشخاصا محل ثقة تتكلم أمامنا عن كل شيء يخصها بدون أن تخاف أن يخرج الكلام لأحد غيرنا، لذلك يجب أن نكون على قدر كافي من المسؤولية والنضج فكتمان سر شخص يثق بنا مسؤولية ضخمة بغض النظر عن ماهيته، وليس من الأخلاق إفشاء الأسرار. أحمد أنت أخطأت وأنا سأتغاضى وسأكتفي بالكلام والنصيحة فقط هذه المرة لأنني أعرف نيتك الحقيقية، أنا من رباك وأعرف أخلاقك جيدا، ولكن إن كنت ستفعل شيئا كهذا مستقبلا فلن أغفر لك. حافظ على أسرار الناس ولا تضعها في أفواه الآخرين، فلا يكتم السر إلا من له شرف.

كلام والدي وبالرغم من نبرة صوته المنخفضة وطريقته الهادئة إلا أنه موجع حقا، ما أحزنني أنني فعلا قد أخطئت في حق السيدة حسناء فكلام كهذا إن تسرب سيفتح أبوابا لا تغلق من الإشاعات عليها وفي موضوع هي لا تريد أن يعرفه أحد أبدا، كلام والدي الأخير أشعرني أنني بلا شرف فعلا وقد ندمت ندما شديدا بالرغم من أنني لم أنوي إيذاء أحد، لكن كان يجب أن أكون حذرا ففعلا كما قال أبي الحسناء ليست شخصا عاديا وأي خبر مهما كان سيزعجها لأن الكل سيتدخل ويتحدث عنه بلا توقف.

عدنا إلى المنزل وكما وعدت أبي ذهبت مباشرة إلى السيدة واعتذرت منها على ما بدر مني وأكدت لها أن حنين قد وعدتني أنها لن تتكلم وأنني أثق بها، لم أشعر أنها منزعجة مني بقدر انزعاج والدي، لكنها طلبت مني أن أكون أكثر حذرا مستقبلا.

دخلتغرفتي ليلا ولم أكن أفعل شيئا غير التفكير بحنين، ترى ماذا تفعل الآن؟ إحساسي هذهالمرة في أن تكون تفكر بي كان أكبر من المرة السابقة، طبعا ستفكر بي بعد ما حصلمعنا اليوم، كما أنها وعدتني أنها ستتصل على منزلي، أتمنى أن تفعل ذلك قريبا...

.................أحتاج تعليقاتكم 📝 لكي اواااااصل الكتابة💭 لا تبخلوا علقوا جميعا 📢📢📢❤
الى الحلقة القادمة 😘😘😘تحياتي للجميع💐

الجميلة التي أحببتها أنا وأخي ( مكتملة )Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu