الرجل الراقي ببساطة

1K 38 6
                                    

خرج مصطفى مصطحبا الحسناء إلى حديقة القصر ليجلسا على أرجوحة خشبية وسط العشب الأخضر كان الجو مظلما وباردا في الخارج جلست الحسناء أولا ثم قال مصطفى تفضلي وشاحك سيدتي الجو بارد

الحسناء: آه لقد أحضرته معك شكرا لك

مصطفى: العفو.

الحسناء: إذا ماذا أردت أن تقول لي؟

مصطفى: أردت أن نتكلم قليلا عن قرارك المفاجأ بعيدا عن الأولاد

الحسناء: مصطفى هذا في مصلحة الجميع الكل مستفيد لا أعلم لما قابلتموني كلكم بالرفض

مصطفى: لا أحد سيستفيد من التشتت صدقيني قوتك أنك بيننا وقوتنا أنك معنا وقوة الصغار أنهم مع بعض وأننا حولهم.

الحسناء: ابني يتأذى كثيرا هنا ألا تلاحظ ذلك ؟

مصطفى: بلى ألاحظ، لكنها فترة وستمر، سينساها بعطلة صيفية خارج البلاد يعود بعدها شخصا آخر، لكن إن أنت أبعدته إلى الأبد لن ينسى طول حياته وليس بالاحتمال البعيد أن ينساك أنت أيضا لتجديه بعدها شابا خال من المشاعر الأسرية لا يعرف معنى العائلة ولا قيمتها لأنه سيعيش وحيدا بعيدا، حتى وإن كبر وأراد الزواج سيكون زوجا وأبا بلا أحاسيس، دعيه بيننا ولا تصنعي منه صنما متحركا سيدتي.

كانت الحسناء تنظر إلى مصطفى وهو يتكلم بذلك الهدوء إنه رجل كلاسيكي راقي رغم فقره وقلة تعليمه، إنه يؤثر بها جدا، يعرف كيف يقنعها دائما، لا تجد نفسها أمامه إلا موافقة راضخة لما يطلب منها أن تفعله، دون أن يضغط عليها أو يجبرها على شيء.

كيف لم تلاحظ ذلك من قبل؟ ، لقد كانت تراه دائما ذلك السائق الطيب المتفاني في عمله والأب الحنون والزوج الوفي لزوجته. تساءلت كيف لهذا الرجل الفقير والبسيط أن يحافظ على بيته وأسرته، بينما حسن الرجل الصلب الغني تركها حاملا وحيدة وضعيفة...

ما كان يزيدها غرابة أنه لا ينظر إليها لا يرفع عينيه بوجهها؛ يخاطبها بكل ثقة ناظرا للأرض أهذا خجل أم أنه احترام رجل لنفسه وزوجته قل في زمننا كثيرا ؟

لاحظت أنها ابتعدت بأفكارها كثيرا عن الموضوع الذي يتحدثان فيه فقالت بهدوء

الحسناء: إذا ما الحل ؟

مصطفى: الحل أن تتركي كل شيء يسير على حاله.

أومأت موافقة بغير حول ولا قوة.

بعد لحظات عاد مصطفى والحسناء إلى المنزل ليجدا أمينة والأطفال جالسين في الصالون بانتظار القرار الحاسم. وقفت الحسناء قائلة للولدين حسنا تراجعت عن قراري ثم ركزت نظرها نحو وليد الذي كان يبدو عليه الفرح أخيرا وقالت: لكن إن تكرر ما حصل ستسافر ولا نقاش في ذلك.

ابتسم الجميع عدا أمينة التي كانت تنظر إلى زوجها بشك متسائلة، ماذا حصل في الحديقة؟ كيف أقنعها بهذه السهولة؟ لما اختار أن يتكلم معها على انفراد؟ اللعنة ما الذي يحصل هنا...

أمسك مصطفى ابنه بيده ووضع الأخرى على كتف زوجته قائلا والآن نستأذنكم لننصرف تصبحون على خير وما إن استدار مع عائلته للذهاب حتى أتاه صوت الحسناء: مصطفى شكرا على كل شيء تقوم به من أجلنا.

احتقن وجه أمينة وكادت تنفجر في وجه هذه المرأة التي تتقرب من زوجها بهذا الشكل المستفز وقال مصطفى لا شكر على واجب نحن عائلة واحدة تذكروا هذا جميعا.

لعنت أمينة في قلبها كلامه قائلة فلتتزوجها أحسن لنصبح حقا عائلة وأمسكت ابنها وانصرفت تجره وراءها بلا انتباه.

بعد انصرافهم وخلود وليد للنوم دخلت الحسناء غرفتها غيرت ملابسها واستلقت على سريرها لتقع عيناها على تلك الورقة التي أعطاها إياها مصطفى البارحة، أخذتها لترى ما هي فوجدت أنها رسالة كتب عليها إلى المجهول الطيب بخط طفولي ركيك فتحتها مبتسمة ومستغربة في نفس الوقت وبدأت بقراءتها والابتسامة لا تفارق وجهها.

سيدي المتبرع بالملابس لملجأ البنات أولا مرحبا أما بعد...

اسمي حنين عمري اثنتي عشر عاما تلميذة في الصف الإعدادي الثاني، ولدت في هذا الملجأ وكبرت فيه وكل سنة باقتراب العيد أنتظر شاحنتك الجميلة المحملة بالملابس والأحذية وكل الأشياء البناتية الجميلة بفارغ الصبر، أنت حقا شخص لطيف وكريم لأنك تتبرع لنا بهذه الأشياء الجميلة كلها بلا انقطاع لا أعلم من تكون لكن أحس أنك شخص رائع.

أنا أحافظ على ملابسك بعناية فائقة وعندما ألبسها أحس وكأنني عارضة أزياء أمشي بفساتينك متفاخرة بين صديقاتي وكأنني أميرة.

أتعلم أن حلمي الوحيد هو أن أكون عارضة، إن تحقق حلمي هذا يوما ما سأسال عنك وعندما أجدك سأعرض ملابسك في المجلات ليشاهد العالم كم هي جميلة.

في الأخير أنا أشكرك من كل قلبي نيابة عن جميع فتيات الملجأ عيد سعيد سيدي مع قبلاتي الحارة حنين.

أغلقت الحسناء الرسالة وهي جاحظة العينين وكأنها اكتشفت شيئا خطيرا ثم قالت نعم هذا هو الحل الوحيد كيف لم أفكر بهذا من قبل تبا لغبائي.

الجميلة التي أحببتها أنا وأخي ( مكتملة )Where stories live. Discover now