انها لي (بقلم أحمد)

2.4K 64 1
                                    

لن أنسى ذلك اليوم الذي رأيتها فيه كانت طفلة غريبة لحد ما لم تكن كباقي قريناتها، غريب كان فستانها الوردي القصير تغطيه تلك الورود البنفسجية وتاج الورود فوق شعرها الطويل المموج برفق بلون الكراميل المختلط بخصلات من العسل الصافي كانت تركض في ممرات الملجأ ضاحكة كالأميرات في القصص الخيالية لم تكن ذات بشرة ناصعة البياض ولا سمراء بل كانت ما بينهما وهذا ما جعلها بذلك الجمال القاتل عيناها الواسعتان بلون القهوة البرازيلية الاصيلة تلهبهما تلك الرموش الكثيفة اعترف أن نظرتها كانت مميتة تخترق القلوب بلا رحمة لترديها قتيلة في الحين.

كنت أحمل صندوق التبرعات محاولا ادخاله لمكتب مديرة الملجأ حين مرت من جانبي نظرت الي بابتسامة تحوي غمازتين من أجمل ما يكون مرت بلمحة بصر وانا أقف كالصنم أمام هذا الجمال البريئ كان عمري وقتها يقارب السادس عشر عاما وأظن أنها كانت قد أتمت العشرية الأولى من عمرها دخلت مكتب المديرة والفرح باد على وجهها وصاحت "سيدتي أردت أن أذكرك بالحذاء" فابتسمت لها السيدة وأردفت "حسنا حنين لنفتح الصناديق أولا وأجمل حذاء فيها سيكون لك صغيرتي" .

اسمها حنين اذا قلت في نفسي وأنا لا أزال ملتصقا بها بعيناي، طبعا فهذه الكتلة من البراءة واللطافة والجمال الراكضة حولي كالفراشة ماذا سيكون اسمها غير هذا أفكار كلمات مشاعر أحاسيس تزاحمت في داخلي وأنا واقف أنظر اليها وهي تقفز وتحوم حول الصناديق بسعادة ولم يحركني سوى صوت والدي الذي أخبرني أن أسرع في اخراج ما تبقى من شاحنة التبرعات، ذهبت مسرعا لإحظار صندوق آخر وحين عدت كانت حنين قد اختفت. ارتبكت أردت رؤيتها مجددا بل تمنيت أخذها معي الى المنزل عند أمي أردتها أن تكون لي ...أحببتها...

تضايقت جدا ونحن ننصرف بعد ما أفرغنا كل شيء ركبت الشاحنة المفرغة بجانب أبي مكشرا كان مبنى الميتم بعيدا نوعا ما عن مدخله الرئيسي فانطلقنا ببطئ للخروج حتى رأيتها مجددا، كانت تركض متجهة للحارس فقفز قلبي حين رايتها... هاهي ملاكي

لم أفهم ما كانت تحاول قوله لكني قرأت من حركاتها أنها تريد من الحارس ايقافنا قبل أن نخرج من منطقة الميتم فصحت مخاطبا والدي أن يتمهل قليلا. وصلت الينا وهي تلهث وترجلت أنا أسرع من والدي متسائلا ما بها هل تريد الذهاب معي يا ترى.

تخطتني بخفة وكأنها لا تلاحظني وتوجهت الى والدي لتعطيه ظرفا ابيض مغلق بلاصق صغير في الوسط على شكل فراشة ومكتوب عليه الى المجهول الطيب. ثم قالت لأبي

: سيدي هل توصل هذا الظرف الى الشخص المجهول الذي يرسل لنا هذه الهدايا في كل عيد؟

فابتسم لها والدي واستلم منها الظرف ووعدها أن يفعل وأنا لا أفعل شيئا غير النظر اليها وكلي يرتعش.

احساسي اتجاهها كان غريبا لم يحدث معي من قبلها ولا حدث لي بعدها كنت أفكر فيها طول طريق العودة وفي غرفتي مساءا وفي المدرسة في الغد وباقي الأوقات وكل يوم والى الأبد...انها ملاكي... انها لي.















الجميلة التي أحببتها أنا وأخي ( مكتملة )Where stories live. Discover now