الحلقة الحادية والثلاثون "نبؤة لم تتحقق".

50 3 1
                                    

الحلقة الحادية والثلاثون "نبؤة لم تتحقق".

تأمل الاب القصر المحلق عاليا وقال للعراف بعد تعجب شديد, اذا اردنا تحرير القرية فكيف سنصعد للقصر, ان اللعنة بالفعل موجودة والقصر عال في السماء, والنيران امامنا, فما الحل؟, هنا ابتسم العراف على دراية, وقال لقد اعدت لهذا اليوم منذ زمن, ولن تقف امامي اي عقبة الان, سنستخدم النيران صعودا للقصر, تعجب الاب ودهش, كيف هذا؟؟, وكالعادة اخرج العراف سرة من حقيبته مختلفة قليلا عن كل ما اخرج, كانت ثقيلة نوعا ما, حتى لا يكاد العراف ان يحملها, وحمراء اللون كأنه الدم, ثم قال انها عصارة سنين من البحث والتنجيم والسفر وتعب كل هذه السنوات, الان سنرى مدى فاعليتها, وبكل قوة رمى العراف السرة, في النيران وقد مسح جبهته بها ليلتصق بها بعض العرق, وبمجرد ان رماها تحولت النيران الى رماد,وصعد الدخان عاليا, فجأة وبصوت عال قال العراف حان الوقت الان, امسك العراف بيد الاب,ثم رماه على الدخان بكل قوته , وجرى نحو الدخان وقفز عاليا, ليجد الاب نفسه يطير في الهواء والعراف الى جانبه, ليجدوا نفسهم انهم قد وصلوا الى حديقة القصر التي كانت قديمة وبها تحف تعود لقرون وبعض الحواف المكسورة والمهدمة, لم يمكث العراف حتى امسك بيد الاب, وجرى به حتى وصل الى بوابة القصر الرئيسية, وبدأ يدندن ببعض الاشياء, حتى ابعد الحارسان الضخمان سلاحهم بعيدا عن البوابة وفتحت البوابة على مصرعيها, اخرج العراف قطعة من الورق مهترئة, وبدأ يستدل على اماكن في القصر وهو يمسك بيد الاب الذي اصبح هائم لا يعرف اين يذهب, وكان العراف مرشده, ليقف العراف فجأة امام احد الغرف الفخمة والذي كان بابها جديد وكأنه لم يتأثر هذا الركن من القصر بعوامل الزمن, ليقرأ بعض الاشياء مرة اخرى ويعلوا بصوته, ويترنح وبعض الهواء البارد يخترق جسده وكأن ارواح تدخل في جسده وتخرج وبدأ يضعف, ولكنه استمر في القرأة وبدأ يقرأ ويقرأ حتى فتح جزء من الباب, دفعه بجسده, ليفتح, ليفاجيء الاب بما يجد, انها غرفة نوم تبدو جديدة تماما, وكأنها بنت البارحة, ليجد الاب احد الاشخاص مكبل في حائط ما ويبدو عليه الضعف, والوهن وكأنه لم يأكل منذ سنوات, جرى نحوه الاب, وقال له يالك من فتى مسكين, من تركك هنا ورحل سوف احررك الان, هنا صرخ العراف وقال له توقف, ليقترب منه فيرى وكأن الشيطان قد تجسد في شخص, منظره مفزع للغاية, حتى ان الاب وقع على الارض من هول ما رأى, ليقترب منه العراف ويقول هذا بالظبط ما سنحاول القضاء عليه, انه الفتى الذي دمر المملكة بالكامل وانت الان تتعاطف معه, وقف الفتى بكل ثبات وقوة وحاول ان يهاجم بقوة وشراسة على الاب والعراف ولكن كانت الاكبال مقواه ببعض السحر فلم يقدر على الافلات, لينفخ العراف بعض من البودرة التي كانت في حقيبته ليختل توازن الفتى ويبدأ بتلاوة بعض الاشياء عليه بعدما امسك رأسه وهو في حالة دوار حتى وقع الفتى تماما على الارض وانفكت اكباله, هنا صرخ الاب هل قتلته ؟؟ هل اللعنة انتهت الان؟؟, نظر العراف في قلق وقال ليس بعض وطلب من الاب احضار بعض الاخشاب, سأل الاب من اين؟؟, قال العراف تصرف الان, وبدأ يلف حول جسد الفتى وهو يرمي بعض المساحيق ويقوم برقصات غريبة ويتلو اشياء غير مفهومة, خرج الاب من الغرفة والاخشاب من بعض الاثاث في القصر, ليسمع اصوات مفزعة للغاية تقترب منه, ولكنه هرب في لمح البصر وصولا للغرفة, ووضعهم بجانب العراف, ليجمعهم العراف ويصنع منهم صندوق خشبي (تابوت), ويضع جسد الفتى فيه, ويصنع له باب ويحكم الاغلاق عليه ويرمي عليه من بعض المساحيق ويتلوا اللعنات السحرية, لتظهر جنازير تحكم القفل على الصندوق ثم تختفي فجأة, ليفزع العراف ويقول للاب, حان الوقت الان للرحيل, لايجب ان نمكث هنا اكثر من ذلك, وامسك بيده وجري بأقصي قوته, لينغلق باب الغرفة بعنف وراءهم, ليسأل الاب العراف في إلحاح, هل مات الفتى وانتهت اللعنة, ليجيب العراف, ادعو الله ان نخرج سالمين اولا, وفي نفس الوقت قد اقتحم اهل القرية على الام غرفتها, ليجدوا الام تمسك بأبنتها في احد الاركان, وهي تحاول الابتعاد عنهم ولكن هيهات فقد امسك احد الرجال الفتاة ونزعها من صدر والداتها, والام تصرخ وتنادي عليها, ليتفقدوا الفتاة وينظروا اليها والى يدها, فتفزع الام وتتوسل لهم ان يتركوها, ولكن رجل بعد الاخر ينظر للفتاة ويتعجب ويتركها ثم يأتي الاخر, والام تحاول الاقتراب من ابنتها ولكن هناك من يمنعها, لينطق احد الرجال فجأة ويقول, ان الفتاة هي عادية تماما وليس بها اي علامات مما سمعناه, لقد خدعنا يا رجال, لقد كانت محض اشاعة مغرضة ونحن وقعنا فخ لها, هنا تركوا الام ترجع لابنتها, وهي في صدمة مما سمعت, اعتذر اهل القرية وتركوا المنزل بعدما خربوه وحطموا قلب الام واثاروا الذعر في صدر الفتيات الصغيرات وخصوصا "لوري", ظلت الام تضم ابنتها وتقبلها في شغف وتنظر لها, لتفاجيء هي الاخرى, لقد زالت العلامات عن "لوري", لقد نجح الاب في مهمته, انها فتاة عادية الان, ابتسمت الام وشكرت الله في رضا, وضمت بناتها نحوها, هنا امسك العراف يد الاب وخرجا من القصر الذي بدأ يسمع فيه صوت الانين والصراخ والرياح الباردة القوية التي بدأت تضر كل شيء, والاب مذعور يصرخ في العراف, ماذا فعلت ؟!, ماذا فعلت؟!, ليقفز العراف والاب على الارض, ثم يجروا نحو الجدار الملون, ولكن لايستطيعا الخروج اختفت البوابة, ونفدت حيل العراف, ليحاولا بشتى الطرق ولكن لاجدوى, حتى ان العراف يخرج الحيل والمساحيق ويتلوا التعاويذ, لاحظ الاب ان شيء ما يتحرك بقوة ويصدر صوت عال, لينظر الى السماء, فيجد ان القصر قد تحرك من مكانه, وقد اخترق الجدار الملون ليحوم في السماء, هنا صرخ الاب في العراف وقال له ماذا فعلت؟!, ما الذي يحدث الان؟؟, لقد تحرر القصر, وقع العراف على ركبتيه على الارض وقد يأس مما فعل وقال للاب لقد انتهى كل شيء, لقد متنا,انظر وراءك , ليجد الاب جسده وجسد العراف ممد على الارض, قال العراف في يأس من يدخل هذا المكان لا يخرج الا ميت, وقد ظننت انني يمكنني التحايل على الامر, واخرجنا سالمين, لكن فات الاوان وتحققت اللعنة ومتنا محض سقوطنا من القصر, وقد تحرر القصر, فلم يعد يحكمه احد, الفتى في سبات عميق الان, ولكن على الاقل ابنتك قد نجت, نظر الاب من خلف الجدار وهو يبكي في حرارة وقال زوجتي, بناتي, انتم الان في امان, لن تذهب تضحيتي هباء, كان يجب ان يضحي احد منا حتى ننقذ القرية, ويسعدني انه انا وليس احد اخر, وضع العراف يده على كتف الاب, وقد تحولا الى اشباح هلامية صعدت للسماء بسرعة رهيبة, لتدخل القصر وتنضم لاشباح المملكة الذين ماتوا من قبل, مرت السنون, وقد اعادت الام ترتيب البيت والاهتمام ببناتها, لكن الاب لم يرجع حتى الان, كانت تنتظره الام كل يوم بل كل ليلة, تقرأ كتاب نيفرهول الذي تركه لها, فهو اخر شيء قد تركه, وتقرأ عن المملكة والفتى مالاخره, وكان قلبها يفطر لاجله, هي تريد زوجها حقا ولا تحتمل انه يكون قد مات, هي فقط لا تتقبل هذا ولا تحتمله, حتى في يوم فاض بها الكيل, لم تعد تتحمل اكثر, تقرأ الكتاب حتى انها قامت بتمزيق الفصل الاخير منه, الاب لم يرجع, وهي تحتاجه وبناتها تكبر, هنا امسكت الام "لانا" وقالت لها ابنتي انتي اكبر اخواتك, ان والداك لم يعد سأذهب للبحث عنه, او اموت في سبيل ذلك, اهتمي بأخواتك, كوني الكبيرة العاقلة كما عاهدتك, ثم احضرت الام اغراضها ورحلت, وكأن جميع الطرق تتمهد اليها للدخول للقصر, حتى انها بلغت الحائط الملون بألوان قزح الذي لطالما قرأت عنه وعن اساطيره, وقد اجتازته بكل شجاعة, كان يبدو كل شيء سهل ويسير للغاية, ما لم تكن تعرفه انها قد حبست داخل اسوار هذا الجدار, ولم تعرف انه من يخترق الجدار الملون لن يخرج منه حي ابدا, فقد ماتت هي الاخرى واصبحت جثة , هنا ضحك الفتى في تشف واضح,لتصرخ الفتيات في صوت نواح لاااا, امي, لتضع "لوري" يدها على فمها وتبكي في حزن شديد, وتضم "لانا" يدها وتبكي في الم, وتضع "ليندا" كلتا يديها على وجهها وتبكي في حسرة وندامة, وتضع "ليمون" يدها على عينها وهي تبكي غير مصدقة ما يحدث, ليسمع صوت نواح الفتيات وصراخهن على امهن التي عرفوا انها لم تعد حية بعد الان, تمالكت "لوري" نفسها وصرخت في وجه الفتى, انت كاذب, مستحيل ان تموت امي, حرك الفتى كتفيه في صرامة وسخرية,وقال صدقي ما تريدين الا تذكري الصوت الذي سمعتيه في من خلف الجدار الملون, والجثتين التي وجدتيهما لرجل غريب الاطوار واحد من اهل القرية, الا يذكركي هذا بشيء, صرخت "لوري" في الفتى قائلة, اصمت الان, عليك اللعنة, واخذت تبكي, ليستطرد الفتى كلامه ويقول, اظن انكي تعرفين بقية الحكاية يا عزيزتي "ليليان" وضحك في استهتار, هنا قالت "لوري" وهي تبكي اذن كان صوت امي حقا وانت كنت تكذب, والجثتان كانت احدهما لابي والاخر للعراف, ثم وضعت يدها على صدرها في عنف وقالت "اذن لما لم اموت عندما ذهبت الى هناك", ضحك الفتى وقال "هنا تكمن الخديعة عزيزتي "ليليان", لقد ارسلتك بداخله, واخرجت منه دون ان تلامسي الجدار او تخترقيه لذا لم تموتي", كيف اتخلص منكي وقد كنتي بحاجة اليكي لتنفذي مخططاتي, بكت "لوري" بندم والم وقالت كنت انا السبب منذ البداية, وانا من حررك, وليس هذا فقط بل انا من ساعدك في مخططاتك غير واعية, استمر الفتى في الضحك وقال " لقد قصصت عليكم ما اردتم سماعه, مع العلم انه لن يغير اي شيء, ارى انكن لا تصدقنني فكيف عرفت كل هذا وقد كنت منوم, الحقيقة ان الساحر منا يشعر بكل ماحوله خاصة واذا كان الامر متعلق بنبؤة هو ينتظرها, هو فقط يعلم كل شيء حتى ولو لم يراه, لقد وفيت وعدي رغم انني لا احتمل الوعود وحكيت لكم ما كنتن تريدنه, الان حان وقد تدميركن, ولاتخلص منكن الى الابد "........

قصر نيفرهول ( ما بعد النهاية) ...Where stories live. Discover now