الحلقة الخامسة والعشرون "الصدمة".

61 3 1
                                    

الحلقة الخامسة والعشرون "الصدمة".

عندما رحل الفتى, وبعد محاولة "لوري" اليائسة في فتح القضبان الحديدية, واحساسها بالذنب حيال اخواتها, تركت القضبان في حزن بعدما فقدت كل امل في الهروب او حتى انقاذ اخواتها الاتي بقين تحت رحمة الفتى, مشت "لوري" في تعاسة لم يسبق لها مثيل ببطء وبيأس, ثم جلست في ركن من اركان السجن, ووضعت رأسها بين ركبتيها وهي تبكي في حرارة, لا تعلم ماذا سيفعل هذا الشرير اللئيم بأخواتها, وما مصيرهن بين يديه, هل سيكون بالحبس مثلها, ام سيتخلص منهن بسهولة ودون ان يعرض سره للكشف, اخذت تبكي في حرقة والم شديدين, حتى ان قطرات دموعها قد تكونت لتصنع بركة صغيرة تحت قدمها, وهي نادمة, تلوم نفسها بشدة, وتبكي وتقول وهي وحيدة تكلم نفسها "اخواتي, ماذا افعل لكم الان وانا السبب في كل ما يحدث, كم تمنيت لو انني لم انحاز نحو مشاعري, وان اجازف بكل ما املك فقط من اجل حب زائف, ولوعة كاذبة, كم اتمنى لو انكن لم تتبعنني نحو ذلك القصر الملعون لالقى مصيري لوحدي, كم اتمنى!! , كم اتمنى!!, ظلت "لوري" تتمنى اشياء ولكن الندم على الكوب المكسور يجعل الامر اكثر سوءا, وسط شجن "لوري" وحزنها الشديد, الذي جعل كل شيء اسود من حولها, اكثر سودا حتى من ظلمات السجن, سمعت "لوري" صوت ضعيف يأتي من بعيد, مختلط بصوت الرياح التى تخرج من بين الاحجار القديمة المنهارة للزنزانة, لتعطي الصوت مزيج رائع من الرياح والهمس, تجاهلت "لوري" الصوت ولم تقم حتى من جلستها, ولكن الرياح ازدادت بعنف واصبح الجو اكثر برودة, لتسمع الصوت الهامس وقد علا قليلا وهو يقول " كفي عن لوم نفسك !", رفعت "لوري" رأسها التي بللت الدموع وجهها, لتنظر حولها في تعجب تريد ان تعرف مصدر الصوت, ولكنها لم تسمع اي شيء, فتنهدت لآن ترجع راسها مرة اخرى, لتسمع الصوت مرة اخرى يقول " ثقي بنفسك, لا تيأسي الان", وقد اصبح واضحا للغاية, هنا قامت "لوري" من جلستها, واخذت تنظر حولها في ريبة وشك, واخذت تقول "من هناك؟؟ ايوجد احد هنا؟؟, لتسمع الصوت وقد بدا اوضح ومألوف, ليقول " ركزي على هدفك, لا تكوني مثلي", هنا صمتت "لوري" قليلا, وفكرت في هذا الصوت, ان الصوت مألوف للغاية, لطالما سامعته, وقالت في نفسها "تذكري يا "لوري" تذكري" واخذت تعصر على رأسها لتتذكر ذلك الصوت, وفجأة وكأن صاعقة انتابتها, قالت "لوري" لقد تذكرت, "نشواز" انه صوت "نشواز", "نشواز" اانتي هنا؟؟", هنا ومن بين الظلام, ظهر شبح شفاف ل"نشواز", ولكنه لم يكن مخيفا كما اعتادت ان تراها "لوري" بكل كان شبح لفتاة في العشرين من عمرها او اكبر قليلا, شديدة الجمال, ترتدى فستان اصفر فخم, شديد الثراء والدقة, ترتدى تاج ذهبي صغير على شعرها الاشقر المائل للبياض, مرصع بالماس, لتنبهر "لوري" بما ترى, كان الضوء الابيض الاتي من خارج السجن هو كفيل بأن يجعل "لوري" ترى كل هذه التفاصيل, وفي نفس الوقت لم تكن تراها بدقة, هنا وقفت "لوري" بثبات امام شبح "نشواز" ومسحت دموعها من عينها وقالت " نشواز, اهذه انتي حقا؟؟", هز الشبح رأسه الى اعلى واسفل بمعني "نعم", هنا تكلمت "لوري" وقالت ولكن "كيف!, لقد متي منذ قرون, لقد قرأت عن ذلك", هنا سمعت "لوري" صوت في ذهنها يرد عليها, ولم يكن شبح "نشواز" يحرك فمهه من الاساس, بس كان واقف ثابت امام "لوري" يشير ويمؤ بحركات فقط, اخذ الصوت يقول" لوري", لا تكرري خطأي, ركزي على هدفك, حرري نفسك وحررى اخواتك, لاتكوني مثلي" وبدأت تسمع "لوري" قصة "نشواز", لتسمع الصوت في عقلها يقول " كنت شابة, كأي فتاة تحلم بأن تحب ويحبها شاب مثلها, يتزوجان ليكونان اسرة, لم اكن شريرة ولا طماعة, و لا متعطشة للسلطة كما يعتقدني البعض, لقد كنت فتاة عادية, توفى والداي وانا صغيرة, ولم يكن لدي اقارب, عشت حياة لم اريدها, ومت موتة لا استحقها, وكنت بريئة, لم اعلم ان سبب حبي للاخرين, وعطفي على الفقراء من اهل القرية, سيجعلهم يرشحوني لاكون الملكة, كان لي الحق لان ارفض, ولكني وافقت حتى لاتنهار المملكة واكون انا السبب, لانني لم اخذ القرار الصحيح, وافقت رغم انني لم اعتد حياة القصور, ورغم انني لم اطمع ابدا للحكم, كنت ارضى بحياتي البسيطة, فجأة تحول كل شيء, الفستان المهترء القديم والذي لم املك غيره, اصبح فستان ملكي مترف مرصع بالجواهر, واصبح لدي خزانة كاملة من الفساتين, حذائي القديم اصبح حذاء غالي مصنوع من الكريستال وغيره ممن مصنوع من جلود الزواحف النادرة, بيتي القديم المتهالك اصبح جناحا خاص يليق بملكة البلاد, جناح خاص صنعه الملك خصيصا لي, اعتقدت في باديء الامر ان "بدراشين" ملك البلاد العظيم, سيعامل فلاحة فقيرة مثلي معاملة قاسية لا تخلوا من العنصرية والطبقية, ولكن حدث ما لم اتوقع, ولم يخطر في بالي ابدا, لقد عاملني برفق, فكان يحضر لي كل ما اتمنى من ملابس وطعام, ووصيفات وخادمات, وكل شيء, لم انكر لقد كنت سعيدة, ولكن نقصني شيء واحد وهو اهم شيء, حتى انني يمكنني التخلى عن كل هذا في سبيله, الا وهو الحب الحقيقي, الحب والزواج لتكوين اسرة, وليس من اجل الملك كما اراد "بدراشين", كنت احكي لوصيفاتي بما تفيض به مشاعري, فكن يسخرن من انني املك كل شيء وانني غير راضية, ومستعدة ان اضحي بكل شيء من اجل الحب, كنت اعتبرهن صديقاتي فلم اكن اؤمرهن او احكم على تصرفاتهم, مما زاد حبههم لي, واصبحوا يحكون لي اسرارهم الخاصة ايضا, لقد كنت احسدهم, كان الفتاة منهم تتزوج من خادم او من عامل في القصر بعد قصة حب طويلة, وكن سعيدات, اما انا تزوجت رجل في سن والدي, ولم احظى بفرصة الزواج ممن في سني, وكن هن ايضا يحسدنني على المال والترف والعيشة المرفهة ولكن لم يعرفوا كم هي مأساتي, حتى اتى الفتى, هنا تكلمت "لوري" وقالت "ولكن كيف احببتيه ومن اين اتى؟؟ وما قصته؟؟", هنا استطرد الصوت قائلا " لم اعرف ابدا هويته, كان فتى وسيم, يحضر الى القصر ينحني امام الملك ومعه مرسال من امارة اخرى بعيدة لا تتبع المملكة, يبدو انه كان هناك معاهدات بينهم, وكأي فتاة انجذبت له, احببته بصدق, اردت ان اترك كل شيء هنا ونهرب سويا ونعيش بعيدا عن هذا الظلم القابع في المملكة, كانت احلام واوهام مستحيلة, حتى بدأ الفتى يشعر بذلك ايضا, نظرت "لوري" للارض في خزي وهي تسمع كلام "نشواز" وقد بدأت مسيرتها بعدها بحب الفتى ايضا, استأنف الصوت قائلا" كنت اجذب انتباه الفتى اتمايل هنا وهناك اقطف الزهور, ارتدى ملابس مثل ملابس العامة حتى لا يلاحظ انني الملكة, كان الفتى يتجاهلني ولا يهتم بي و لا يعيرني اي اهتمام, حتى في يوم نادتني احد الوصيفات وقالت لي " هلمي ايتها الملكة, لقد حان وقت الغداء", هنا التمعت عين الفتى وبدأ يعازلني ويتقرب مني, لم احب ذلك ابدا, تثقالت منه بشدة, ولكن ظننت انه يحبني, ولكن بدأت ميوله تتغير, اصبح يتكلم عن الملك والعرش والسلطة, واصبح يتفوه بكلام يضايقني, واراد مني ان اخون الملك, وان اتزوج به, ليكون العرش له, كرهت هذا بشدة, فلم اعد اهتم له, واصبحت اتجاهله ونسيت كل شيء, حتى بدأ يلتصق بي كخيالي في كل مكان يريد الكلام معي, ومغازلتي, لكني حقا كرهت هذا, وكرهت الحب, وكرهت كل شيء يتعلق به, واردت ان ارجع لحياة القصور على الاقل هي تحميني ممن يريدون استغلالي بهذا الشكل الدنيء, وفي يوم علمت ان الفتى سيأتي, تزينت بشدة, ولبست افخر واجمل ماعندي من فساتين واحذية, ثم صعدت على العرش اجلس بجانب الملك, رغم انني كنت امقت ذلك بشدة ولم افعل هذا طوال حياتي بالقصر, كنت اكره جنون العظمة هذا, لكني اردت ان اري الفتى من هو؟!, ومن انا؟!, حتى يلزم حدوده معي, واظن انني نجحت عندما جلست بجانب "بدراشين" الذي لم يمانع فقط تركني افعل ما اريد بحرية طالما لم اتدخل في شؤونه الخاصة, بدأت اشير هنا وهناك اعطي الاوامر قاصدة اهانة الفتى وجعله يتركني ويرحل, وبالفعل وصلت الرسالة له كاملة, فقد اغتاظ بشدة ومشي من القصر حتى دون ان يقرأ مرسالة, ولكنه لم يتركني, بل تلصق بي اكثر,رغم غضبي ودفعه عني, حتى عرف "بدراشين" بأمرنا, وعذبني وقتلني شر قتله, فقد كنت لا امثل ل"بدراشين" سوى ماسة قطعة حجر نادرة, احتفظ بها في قصره, حتى لم يعد لها فائدة تخلص منها, عدم ثقته بنفسه وشكه الدائم في من حوله هو سبب هلاكه, ولم تمض شهور قليلة حتى مات هو ذاته بطريقة ابشع يملؤها الندم والتحسر ومن ثم التحق بي, هنا وضع شبه "نشواز" يده على كتف "لوري" وقال الصوت" اعلم انكي تعرفين هذا الحكاية, ولكن ما اردت قوله لكي ثقي بنفسك, لا تيأسي ابدا, لا حياة مع اليأس, ركزي قواكي على الفتى, ولا تكوني مثلي, فقد لمت "بدراشين" على ما حدث لي حتى بعد مماتي, ولكنه كان ضحية مثلي, طمعه اعماه,ونسيت ان سبب تعاستي وموتي بهذه الطريقة البشعة هو الفتى ذاته, ركزي قواكي على الفتى يا "لوري", تعجبت "لوري" وقالت " ماذا تعنين يا سيدتي؟ هل انا املك قوى خارقة؟", رد الصوت قائلا" انتي نبؤة الفتى, انتي من حذر الفتى منه, انتي تمتلكين قوة كما يمتلك الفتى, لكن استخدميها للخير, وحرري اخواتك,هنا نظرت "لوري" للشعار المرسوم على يدها وضمت يدها ,اقسمت انها ستفعل اي شيء حتى تتخلص من الفتى نهائيا, ثم نظرت لشبح "نشواز" وقالت " ولكن اين كنتي واين اختفيتي؟, وكيف انتي هكذا, قال الصوت" لقد حاولت مرارا تحذريك لكن الفتى يتحكم بالقصر بالكامل يصنع اشباح لنا ولمن ماتوا في القصر, يعيد استنساخ وحوش, استدعاء اطياف, احضار لعنات, ثم توقف الصوت عن الكلام وسمعت "لوري" صوت تشويش, وكلام متداخل, لتسمع الصوت في فزع يقول " انه قادم, انه يقترب منا", نظرت "لوري" لشبح "نشواز" الذي بدا عليه الزعر, وقالت " ولكن يا سيدتي كيف اتيتي اهذا السجن؟, ولما شبحك حبيس هنا في القصر ولم يتحرر؟؟", هنا ازداد وجه الشبح زعرا حتى اصبح التجاعيد تظهر على وجهه وقد اصبح مخيف للغاية, لتسمع "لوري" صوت صراخ يصم اذنها فتمسك اذنها من الالم وتصرخ هي الاخرى, ليتوقف كل شيء, فلا تجد "نشواز" و لاتجد اي شيء, لتسمع ورأها احدهم يقول " حسنا, حسنا, هل عدتي لصوابك الان؟, هل فكرتي فيما قلت لكي؟, هل تودين ان تكوني خادمتي المطيعة؟", هنا نظرت "لوري" وراءها لتجد الفتى يقف خلف القضبان بأبتسامته السامجة كالعادة, هنا ابتسمت "لوري" هي الاخرى واقتربت من القضبان نحو الفتى, حتى اقتربت منه بشدة ومن ثم بصقت في وجهه, غضب الفتى بشدة, وقال ما الذي فعلتيه ايتها البائسة؟, لقد تجرأتي علي كثيرا, ستندمين, هنا ردت "لوري" بكل ثقة " اني اتطوق لذلك بشوق شديد؟", ابتسم الفتى وقد عاد لابتسامته الباردة ومسح البصاق من علي وجهه وقال "هل نسيتي ان اخواتك الان تحت تصرفي؟!", ردت "لوري" بسخرية وقالت" هن لسن صغيرات, هن يعرفن كيف يتصرفن جيدا", قال الفتى وابتسامة الشماتة تملء وجهه "هل تظنين هذا حقا؟!", ثم امسك بحفنة من الرمال من جيبه ورماها بعنف على الارض, لتفتح الارض وتتوسع, كأنها تكون حفرة, لتظر شاشة على الارض, وترى "لوري" من خلالها ان اخواتها الثلاثة كل منهن قابعة في زنزانة ومغمى عليهن, واخدت الصور تتوالى لكل فتاة, هنا شهقت "لوري" وفزعت, ونظرت للفتى في صدمة, وقالت " ما الذي فعلته بهن ايها الاحمق؟!" نظر الفتى الى "لوري" مبتسما ولم يجيب, اخذت "لوري" تهز في القضبان الحديدية وتصرخ بشدة وتسب الفتى, والفتى يضحك مستمتعا بحالة "لوري" العصبية, ادركت "لوري" انه لا فائدة من الصراخ والغضب, هنا تذكرت كلام "نشواز" انها لديها قوة خارقة ايضا, ركزت تفكيرها وامسكت القضبان بشدة, وقالت في نفسها لو لم يكن الفتى قد دعم هذه الزنزانة المتهالكة بقواه السحرية, لكنت قد هربت منها منذ زمن, وانقذت اخوتي, فكرت "لوري" بشدة وتوصلت الى شيء, ثم قالت في نفسها "سأحاول تشتيت الفتى, فتختل قواه لحظيا وبذلك استطيع الهرب, ابتسمت "لوري" للفتى وقالت " لما تضحك؟, هل جننت؟ هل ظننت نفسك منتصرا؟", اقترب الفتى من "لوري" وقال "ماذا دهاك يا قطتي الحلوة؟ هل عدتي لرشدك؟ وتخليتي عن اخواتك المحبوسات؟", انتهزت "لوري" الفرصة, و بسرعة كبشت بعض الرمال من الارض و حدفتهم في وجه الفتى, حتى دخل التراب في عين الفتي وبدأ يتأوه, وبالفعل تداعت قوى الفتى لحظيا, وانفك السحر للحظات, حتى بدأت "لوري" تدندن وكأنها تغني اغنية قديمة للغاية "لالالالا ووووو ااااا", وقد انفتحت القضبان بالفعل لتخرج "لوري" امام الفتى وتجري, والفتي يصرخ في غضب وهياج ويقول " ارجعي, ارجعي الى هنا ايتها التعسة البائسة, ستعاقبين بشدة ان لم ترجعي, عودي الى هنا والا ابرحت ضربا", ولكن "لوري" لم تكترث وجرت حتى وصلت الى الزنزانة التي تقبع فيها "لانا" وفتحتها بنفس النغمة, وبالفعل فتحت, لتقع بجانب "لانا" وتحاول ايقاظها وتهز فيها بعنف, لتحس "لوري" بأن شخص ما وراءها, لتجد الفتى عيناه حمراء كالدم, والغضب يقفز من وجهه, لتفزع "لوري" بشدة وتتعجب كيف اتى الفتى بهذه السرعة, ليمسكها من ملابسها ويسحبها على الارض وهي تصرخ وتقول "لانا, لانا, استيقظي يا "لانا" انقذي اخواتك, استيقظي الان", ليخرج الفتى "لوري" من الزنزانة ويغلق القضبان على "لانا" مرة اخرى, لتسمع "لوري" صوت "لانا" تتحرك من مكانها وتتجه نحو القضبان وتسمعها تهز فيها, هنا استعادت "لوري" بعض الامل في ان "لانا" ستقوم بتحرير اخواتها ...

قصر نيفرهول ( ما بعد النهاية) ...Where stories live. Discover now