الفصل الرابع والخمسون:

Começar do início
                                    

.............

مضت ساعتان..
فتح صهيب باب منزله بعد أن عاد من العمل.. وبمجرد دلوفه قوس حاجباه في عجب.. هناك صوتٌ عالٍ لقرآنٍ في المنزل، وهو ليس بصوتها!
سار على غيرى هدى في اتجاه مصدر الصوت حتى وجد التلفاز هو من يصدر ذاك الصوت، وضع يديه على ذقنه وظل ينظر حوله في المنزل، فلم يجدها، فقرر الذهاب لغرفتها وأيضًا لم يجدها.. وحين دخل لم يجدها في الحديقـ.. لحظة ما هذا الصوت!
سار في اتجاه الصوت إلى أن رآها في المطبخ تحضر الطعام على الأرجح! فاستند على الحائط وكانت هي منهمكة لم تنتبه لتواجده. تضع الطحين هنا، والعجين هنا، وتفرده ولا يفهم ماذا تفعل لكن بالطبع هذا طعام!
اقترب منها بهدوء حتى لا تلاحظ تواجده، ثم...
-صهيب، معلش ناولني العلبة دي.
نظر لها بغيظ، فالتفتت ناظرة له ببرود وهي تردف:
-مأخدتش بالي إنك كنت عاوز تجعزني!
ضحك من طريقتها، ثم وضع يده خلف رقبتها واستدار مديرًا إياها معه وهو يسألها بمرح:
-إيه البتاع دة؟
نظرت هي للعجين المفرود أمامها ثم أجابته بهدوء:
-بيتزا
رفع حاجباه بدهشة وسألها:
-بجد!
-تخيل!
-تخيلت أهو، طب استني هروح اغير عشان أشوف البتاع العجيب دة بيتحول بيتزا ازاي!
ابتعد عنها واستدار ليذهب، لكنه تفاجأ بسؤالها الجاد:
-و رحيل؟
استدار وقد بدأت قسمات وجهه بالتحول إلى الإنزعاج وسألها بضيق:
-ماله؟
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تتحدث بروية وهي تثبت عينيها عليه:
-مش هتكلمه؟
-جويرية أرجوكي بلاش نـ..
-لأ يا صهيب، لازم نفتح الموضوع دة وحالاً، رحيل دة أبوك وعاش كل الوقت دة ورباك من غير ما يسمع كلمة بابا ولا مرة.
صمتت وقد بدأت نبرتها تحتد قليلاً، ثم اقتربت منه وتابعت بنبرة أكثر سكونًا وتأنيًا:
-عارف يعني إيه عمره ما سمع كلمة بابا؟ عمره ما قالك على الحقيقة عشان متكرهوش زي ما كرهت والدتك.. صهيب، أنا عارفة إنك مش بتبطل تفكير في الموضوع دة، بس مينفعش تسيبه كل الفترة دي لوحده!
-طب والكدب اللي كنت عايش عليه طول الفترة دي؟ طب ونسبي اللي لسة معروف، تخيلي أنا حسيت بإيه لما عرف إني ابن حـ..؟!
وضعت يدها على فمه ليصمت، ثم نظرت له وتحدثت بنبرة أقرب للهمس:
-أنا عارفة إحساسك كويس أوي، وعارفة إنت بتفكر في إيه.. بس دة مش ذنبك، آخر واحد ممكن تلومه هو إنت، ثم إن الموضوع دة هيفضل سر بينا.
أنزل يدها عن فمه برفق ولم يتركها وهو يتابع بشرود:
-بس دة مش هينفي الحقيقة!
-اللي اعرفه إن اللي بيغلط بيتحمل غلطه وإمت ملكش دعوة!
-آه بس..
-بس إنت لو كلمت رحيل واتصافيت من ناحيته الوقت صدقني كل حاجة هتبقى أحسن، هو بيحبك جدًا ومش هيتحمل رفضك ليه أكتر من كدة، وكمان آخر مرة شوفته فيها كان شكله تعبان جدًا.
كاد أن يتحدث، لكنها تابعت بابتسامة ودودة:
-القرار ليك في النهاية وأنا عارفة إنك هاتختار الصح.
ابتسم لها هو الآخر، ثم قبلها على رأسها بحنو قبل أن يذهب..
فظلت هي تنظر له بشجن، تتمنى لو لم تفتح هذا الموضوع معه، لكن بحق لا يمكنها تحمل افتراق الإبن عن أبيه أكثر. أعادت النظر للعحين من جديد، وبرغم أن معنويتها قد انخفضت إلا أنها أوجبت على نفسها إنهاء ما بزأت به.

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقOnde histórias criam vida. Descubra agora