51_ الجواب أم العقاب ؟

Почніть із самого початку
                                    

انتبهت له "عـهد" وقبل أن تتعمق بنظراتها في وجهه قالت "قـمر" بنبرةٍ خافتة:

_بقولك إيه تعالي ننزل نوزع باقي القُرص دي علشان نروح، أنا خليت "أيـوب" أدى ناس في المسجد، يلا؟

حركت رأسها موافقةً ثم استأذنت منهم بقولها:

_عن اذنكم يا جماعة فيه حاجات لسه هوزعها، مش هتأخر.

تحركت ورافقتها "قـمـر" في الحركة وقد اتجهتا نحو البيت المجاور الذي تسكنه "أمنية" جارتها وصديقتها التي لازالت العلاقات بينهما قائمة ومستمرة، رحبت بهما هذه الفتاة كثيرًا وأخذت منها الحقيبة الممتلئة بالأكياس لكي تقوم بالتوزيع على الجيران أيضًا.

في هذه اللحظة نزلت إحدى الجارات وما إن وقع بصرها على "عـهد" في بنايتها لوت فمها بسخطٍ وقبضت على حاوية نقودها وما إن مرت بجوارها قالت بصوتٍ عالٍ:

_استغفر الله العظيم، توب علينا يا رب، أشكال هَم وحارة موبوئة، احفظنا يا رب.

عقدت "عـهد" مابين حاجبيها باستنكارٍ فيما بَهُتَ وجه "أمـنية" التي سألتها "قـمر" بتعجبٍ من حديث المرأة:

_هي مالها ؟؟ حد جه جنبها، طب ترمي السلام حتى.

أدركت "عـهد" أن الأمر كان به شيئًا غريبًا لذا قالت بنبرةٍ تُغلفها الدهشة ويرافقها الاستنكار:

_هو فيه حد قال حاجة ؟؟ صح؟

لم تجد الأخرى بُدًا من الكذب لذا قالت بقلة حيلة تُدلي أمامها بما حدث وانتشر في الحارة من أقاويلٍ كاذبة تفتري على فتاةٍ بريئة من كل جُرمٍ:

_بصراحة، اللي متتسماش عمتك نزلت لأم "رنـا" بتاعة الخضار وجابت سيرتك معاها و ذمت في حقك وقالت إنك سلطتي الراجل اللي كنتي ماشية معاه يضرب عمك، ومن ساعتها وكلهم فضلوا يتكلموا عنك، واللي ييجي يدافع عنك يقولوا أهلها نفسهم بيتكلموا، والله ما في حاجة أعملها.

نزلت دموع "عـهد" وتبخرت فرحتها من جديد وكأن كل الدنيا تقف ندًا لها، هي لم تعلن الحرب ولم تدخل ساحة القتال من الأساس وإذ بها تتفاجأ بنفسها وسط ميدان المعركة بدون سلاحٍ أو حتى درعٍ يحميها من سهام المُقاتلين.

ضمتها "قـمر" تمسح على ظهرها وهي تقول بنبرة صوتٍ حزينة كادت أن تبكي وهي تحدثها بها:

_علشان خاطري متزعليش نفسك، مش مهم حد يتكلم إحنا كلنا عارفينك وعارفين أخلاقك يا "عـهد" منهم لله هما اللي عالم طماعة وجعانة، بطلي عياط يا حبيبتي.

هدأت "عَـهد" كثيرًا بفعل هدهدة "قـمر" لها ثم عادتا معًا إلى الشقة لكن أتضح عليهما الحزن وخاصةً "عـهد" التي تهجمت ملامحها وحل عليها الوجوم وزالت الاشراقة عن وجهها وكأنها كانت مؤقتة فقط، وقد لاحظ هذا "يوسف" الذي قرأ تعابيرها واقتبس المعنى من ملامح شقيقته، حينها سأل بنبرةٍ قوية:

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"Where stories live. Discover now