37_"ضَيع ذاته"

37.2K 2.7K 711
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السابع والثلاثون"

                    "يــا صـبـر أيـوب"
              ____________________

فـؤادي غدا مـن شـدة الـوجد فـي ظمأ
إلى نـحو من فوق السماوات قـد سما
ولـولاه ما أشـتـقـت لـحطيم وزمزما
شـغـفـت وقـلبي مات فـي الحب مغرما

    فُـــؤادي….فُـــؤادي….فُـــؤادي

فـؤادي غدا مـن شـدة الـوجد فـي ظمأ
إلى نـحو من فوق السماوات قـد سما
ولـولاه ما أشـتـقـت لـحطيم وزمزما
شـغـفـت وقـلبي مات فـي الحب مغرما

_"كمال يوسف البُهتيمي"
_________________________________

رُبما يومًا ما في إحدى الليالي المجهولة كُتِبَ لنا أن نتلاقىٰ، وهذا تحديدًا ما حدث، لم أظنها قريبة بتلك الدرجة، فبعد غُربةٍ ومشقة في طريقٍ مجهولة هويته وجدتكِ أنتِ لأغدو كما الطير المُحلق في سماءٍ واسعة من بعد ضيقٍ كبير،
وغدوت أتذكر ذات مرةٍ حينما سألني قلبي عن الأُنسِ وعن أليف روحي بماذا سأخبره، وهُنا في عينيكِ وجدتُ الجواب، حتمًا سأخبره أنني حين وجدتكِ قولتُ:
_"أخيرًا لقد وجدتُها، ومن بين سائر النساء أخترتُها، ورضيت بها بقدري وارتضيتُها، هي بالكل، وهي الخير وهي دونًا عن سواها وجدتُ بها ما لم أجده بالغير، هي السَكينة والمسكن والسَكنِ، هي أكثري وأقلي وكُلي، هي الضلع الناقص مني…هي البيت وأجملُ ما إليه آليت."

   <"رأينا الربيع من بعد الكُربةِ، كأننا لم نرىٰ خرابًا">

بعد مرور عدة ساعاتٍ كثيرة من رحيل "يوسف" من عند "أيوب" وأوشك الفجر على القدوم، كان "عبدالقادر" جالسًا في غرفته يمسك المنديل الورقي يقرأ المكتوب من ابنه، هو خطه يعلمه جيدًا، وطريقة حديثه وكتابته للفظ الجلالة، أراد أن يبكي ويصرخ لكنه عجز حتى عن هذا الفعل، يقيم الليل في البيت ويطلب من الله بتضرعٍ أن يمن عليه برؤية ابنه وقد وعده "يوسف" بأن يحاول لأجله، أخفض رأسه يضعها على عصاه بعجزٍ تمكن منه فشعر بكف أحدهم يحاوط كفيه وحينها رفع رأسه ليجد أمامه ابنه !! "أيوب" هنا في هذا الوقت !!.

رمش ببلاهةٍ وغير تصديق ودهشةٍ وكل مشاعر الاستنكار ليجد "أيوب" يقبل كفه وهتف بنبرةٍ أقرب للبكاء:

_وحشتني، وحشتني أوي.

انتفض "عبدالقادر" من محله يسأله بلهفةٍ أخرجت نبرته محشرجة أقرب للبكاء:

_"أيوب" !! أنتَ هنا بجد ؟؟.

حرك رأسه موافقًا يوميء له ويؤكد صدق حدسه، فقال "عبدالقادر" بتشكيكٍ في قدومه:

_احلف بالله إنك هنا، عمرك ما تحلف كدب.

أبتسم له "أيوب" وهتف بنبرةٍ رخيمة:

غَــوْثِــهِــم &quot;يا صبر أيوب&quot;Where stories live. Discover now