22_تحت الإقامة الجبرية

39.9K 2.9K 1K
                                    


"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الثاني وعشرون"

                    "يــا صـبـر أيـوب"
        ______________________

فـؤادي غدا مـن شـدة الـوجد فـي ظمأ
إلى نـحو من فوق السماوات قـد سما
ولـولاه ما أشـتـقـت لـحطيم وزمزما
شـغـفـت وقـلبي مات فـي الحب مغرما

_"يوسف البهتيمي"
__________________________________

•الحب ذنب…العشق إثم….الشوق جُرم
أذنبت وأثمت وارتكبت جُرمًا في حق قلبي، فلا أنا بتائبٍ ولا بقيت زاهدًا، أن بين الإثنين متأرجحًا، عَفُفت نفسي وحفظت قلبي من كل فتن الدنيا، وأتت عيناها وأغوت تائبًا صام عن الزاد والهوىٰ، فملكت بحسنها قلبي وأعلنت أن سطوتها دائمةً على دربي وماحوىٰ، ليس لنا في دروب العشق بابًا لكن عيناها بها كل الطُرق وليس لها سوىٰ.

            <"أنا هُنا يا أمي…لكن أين أنتِ">

كما ورقة الخريف الخَشِنة تم دهسه أسفل الأقدام، بكل قسوة حُرِم من الحياة، لم يتم الرأف بحاله ولو لثوانٍ عابرة، تحمل وجهه العديد من الصفعات ونفسه الكثير من الأزمات وقلبه حمل الكدمات، وروحه صرخت من عذاب الويلات، وهنا يتم الدهس على قلبه من جديد في مشهدٍ كان يتوقع صعوبته لكن ليس لهذه الدرجة التي أدمت قلبه، مشهد يتمنى أن يعيشه ويتذوق عناق أمه، في كل مرّةٍ يصاب بالبلاء كان يفكر في وجودها معه.

نزلت دموعه بغير هوادة وهو يجد "يوسف" يشدد عناقه لوالدته يبكي مثل طفلٍ صغير بشهقاتٍ وقد تنازل عن صموده وقوته وصلابة سامحًا لنفسه بالإنهيار التام بين ذراعي أمه حتى ارتخى جسدها وجسده يرتمي عليها ليجلسان معًا على الأرض ولازالت تعانقه وتبكي معه وهي تردد بقلبٍ مكلومٍ على فلذة كبدها:

_بس يا حبيبي….حقك على قلبي، بس يابني.

كانت تتوسله بالتوقف لكي يَكُفْ عن البُكاء، لكي تهدأ روحها بعدما تقتبس الهدوء منه، لكن الأخر وضع رأسه على صدرها ممنيًا نفسه بلحظاتٍ تضرع بكل قلبه أن تبقى طول الأمد.

وقفت "قمر" تبكي هي الأخرىٰ بوجعٍ لاتصدق صعوبة هذه المشاعر المتباينة، لا تعلم أيتوجب عليها أن تفرح بعودة بطلها المغوار كما تلقبه أم تحزن بسبب الفراق الذي كُتِبَ عليهم ؟؟ هل بهذه السرعة استطاع "أيوب" أن يأتي به؟؟ عند ذكره في فكرها توجهت له ببصرها لتجده يبكي كما طفلٍ صغير حُرِم من سبب سعادته، قلبها انبئها بمشاعره وفهمت ما يدور بخلده، كيف لا تعرف وقلبها صفا له ؟؟ لذا اقتربت تأخذ المحارم الورقية ثم اقتربت منه تقول بنبرةٍ محبوحة:

_اتفضل…. ادعيلها ربنا يرحمها.

رفع عينيه الباكيتين نحوها بذهولٍ وهو يفكر كيف فهمت سبب حزنه وتأثره، فحركت هي رأسها موافقةً وأشارت بعينيها نحو العُلبة ليأخذ منها المحارم الورقية ثم تنهد بعمقٍ، وهتف بنبرةٍ مُحشرجة بالكاد وصلتها:

غَــوْثِــهِــم &quot;يا صبر أيوب&quot;حيث تعيش القصص. اكتشف الآن