11_ فُتحت أبواب الجحيم

35.2K 2.7K 1.8K
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الحادي عشر"

                 "يــا صـبـر أيـوب"
          __________________

جل المنادى
جل المنادى
ينادى ينادى
ينادى ينادى
ياعبادى أنا ماحى الذنوب والأوزار
جل المنادى
ينادى ينادى
جل المنادى
ينادى ينادى
ياعبادى أنا ماحى الذنوب والأوزار
إلهي إلهى
بنورك اهتدينا
وبفضلك استعنا
وبك أصبحنا وأمسينا
بين يديك نستغفرك
ياالله
ياغفار
ياتواب
يارحيم

_نصر الدين طوبار.
______________________

أين هو عُمري قبل تلك الليلة ؟ أين أيام حياتي وأين أحلامي ؟ أين ما حفظته في قلبي وبنيت به أيامي؟ كل ما مر عليَّ ورقة فارغة بدون هويةٍ معلومة، بقيت لي فقط حياة شاغرة و عزيمة مكلومة، فقدت أسمىٰ ما فيا من معاني و وباتت أحلامي مهدومة، لأتفاجأ في نهاية الأمر بي وأنا الصادق الذي كذبته الحياة، أنا الحُر الذي كبلته دنياه، أنا الطير الذي غادره جناحاه.

بدا وكأن الصفعات تتوالى على وجهه، حياته الماضية بأكملها كذبة !! لم يرأفوا بحاله وطفولته ؟؟ حُكِمَ عليه باليُتم والقهر وكأنه يحلم بالمرسىٰ وهو الغريق في وسط البحر، وكأن الدنيا تخبره أن ما يطلبه أكثر بكثير مما يستحقه هو، نزلت دموعه على وجنتيه وهو ينظر في اللاشيء أمامه حتى اخترق صوت صرخات عمته لأذنه وهي تنادي على أُمها، حينها حرك رأسه جهتها وتكرر أمامه موت والديه وصرخاته وكأنه وقع أسير الماضي، لم يكن في تلك اللحظة "يوسف" الرجل الذي أشتد عوده وتصلب جسده، إنما هو طفلٌ صغير العمر، خرج من الغرفة كما الإنسان الآلي وصوت صرخات عمته خلفه يخالطه البكاء وهي تكرر:

_مــامــا….لأ.

دلف غرفته ودموعه كما هي تسيل بدون هوادة وكأنها انتظرت الانفجار لتخرج كما البركان، لم يكن البكاء لأجلها فهي لا تعنيه من الأساس، لكن البكاء لأجله هو، لأجل حياته ولأجل حزنه الذي عاشه وسطهم، خشى أن يتصرف بدون تعقل لذا دلف غرفته وأغلق بابها على نفسه يحاول فهم إن كان في يقظةٍ أم أن ما أخبرته به ماهو إلا كابوسًا وسيفيق منه.

ارتمى خلف الباب ينفجر في البكاء كما الطفل الصغير وصوت بكائه يتردد في أذنه حينما فاق على خبر وفاة أسرته بالكامل ليبقى معهم يعاني الويلات، ازداد صوت نحيبه بقدر كتمانه لعمرٍ بأكمله مضىٰ عليه صامتًا، وحينما أدرك وضعه انتفض واقفًا يخرج غضبه كما الوحش المسجون على الغرفة بأثاثها، وركل كل ما قابله بل كسره بالكامل، لم يرتاح بل ازداد الأمر سوءًا حينما قابلته صورته مع أسرته، حينها ركض نحوها يجلس على ركبتيه يتلمسها بأطراف أصابعه ونطق بصوتٍ مختنقٍ ودموعه تنهمر على وجهه وهو يمرر أنامله على زجاج الصورة:

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"Where stories live. Discover now