45_ عنصر أساسي هُنا

44K 2.8K 831
                                    


"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخامس والأربعون"

                   "يــا صـبـر أيـوب"
             __________________

كونوا على الله الكريم حياتكم متوكلين
فهو الذي كفل العباد برزقهم دنيا ودين
لكنه بالسعي تكتمل الحقائق واليقين
هذا طريق المؤمنين العاملين المخلصين
فإذا توكلتم عليه ستسعدوا في الآخرين
وسترزقون بيومكم رزق العباد العاملين.

_"محمد عمران"
__________________________________

إذا كان فاقد الشيء هو أحق من يُعطيه،
فماذا أعطيكِ عند فقداني لقلبي؟
وكيف أمدُكِ بما ينقصني إن كنت فقدت نفسي؟
لذا وعملًا بالمقولة إن كان يتوجب عليَّ فعل أي شيء، فحتمًا سأعطيكِ نفسي،
فإن كان فاقد الشيء هو أحق من يُعطيه فهو أيضًا أكثر الناس علمًا بمرارة فقدانه،
وأنا من بعد كُربة فقداني لحالي يمكنني القول أنكِ أكثر الناس حقًا بقلبي وبما فيه، قلبي وإن كان مفقودًا مني فمعكِ أنتِ ومن بين الجميع قُرِنَ بشبيهه، وعملًا بمقولة "الطيور على اشكالها تقع" فأنا قلبي من بين الجميع اصطفاكِ وبعدما خفى نفسه عن الجميع هتفها لي بكل قوةٍ، أنه من بعد فقدانه لنفسه وجده ذاته فيكِ أو لربما تحرك حيث أرشدته السُبل أو لربما الراشد هُنا هو عيناكِ.

         <"أنا وابن عمي معًا على كل غريب">

تحرك خلفه بصمتٍ فوجده يقوم بتشغيل الدراجة النارية فركب خلفه "يوسف" بصمتٍ بالرغم من الشكوك التي تساوره في مشوارهما هذا لكنه صمت كما التزم الأخر بالصمت، وبعد مرور دقائق قليلة أوقف "إيـهاب" الدراجة على الطريق مقابل دراجة نارية أخرى، فنزل هو من دراجته وخلفه "يوسف" الذي ابتسم بسخريةٍ.

نزل الفرد الأخر من دراجته التي تقابلت مع دراجة "إيـهاب" ثم خلع الخوذة الخاصة به وابتسم وهو يقول بشقاوةٍ مرحة:

_وحشتني يا "عـمهم" ولا أقولك يا ابن عمي؟؟

ابتسم له "إيـهاب" وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

_وحشتني أكتر يا "مُنذر" الله ياخدك يا شيخ وياخد أيامك.

ضحك الأخر واقترب منه يعانقه فيما ضحك "يوسف" لهما وهو يرى عناقهما سويًا وكأنهما أخوان فرقت الدنيا بين دروبهم، أو لربما اختار كلاهما الطريق بناءً على رغبته هو لتتلاقى بهما السُبل من جديد، إن السُبل حكمت لهما بلقاءٍ جديدٍ من بعد فراقٍ دام لكثيرٍ وكثيرٍ.

ابتعد عنه "إيـهاب" بعينين ترقرق بهما الدمع وكأن عمرٌ كامل يمر أمام عينيه وصوت طفولته تصدح في رأسه وصوت ضحكاته ولعبه بين الأزقة مع أبناء الحارة، كل هذا ذهب في لمح البصر، بمجرد طرفة عينٍ اختفت الحياة الجميلة ولم يبقى سِوىٰ الألم الذي وُلِدَ من رحم المُعاناة، لذا هتف بنبرةٍ تملؤها العاطفة المقتولة:

غَــوْثِــهِــم &quot;يا صبر أيوب&quot;Where stories live. Discover now