"الجانب الآخر من البحيرة"

35~《تحالف》

قبل 18 عام~ "الأشياء التي تخص روديون"

ألقى روديون قوسه وسهمه أرضا ومضى جريا بين الأعشاب الطويلة بينما يقف ليونيد بترقب يحمي وجهه من أشعة الشمس، صاح:

-هل اصطدته؟

غاص روديون بدون رد حتى أمكن ليونيد رؤيته ينتصب واقفا بسعادة ويرفع السنجاب عاليا فضحك الآخر بفرح أيضا.

كان الوقت الذي يمضيه ليونيد قرب منزل برياموس مع روديون يمثل له جوهر حياته، اللحظات التي كان مستعدا لتثقيلها بالذهب، وكان كلما اتجهت به عربة الحراس عائدة إلى القصر الامبراطوري شعر أنه مقبل على دخول مساحة لا تخصه، مكان مغطى بالأشواك المتسلقة لا يمتلك لنفسه فيه أية جذور تربطه به.

اقترب روديون بصعوبة حتى وصل إلى حيث يقف صديقه وفي يده السنجاب الذي اصطاده.

-نفد الطعم، سأذهب لإحضار المزيد من البيت..

عبس ليونيد:

-ولكن المعلم..

-لا تقلق، لن أدعه يشعر بوجودي..

كان المعلم صارما من تلك الناحية، فهو لا يسمح لهم بقضاء الوقت كله في اللعب أو الصيد أو السباحة بل يفضل التدرب على الكتابة والتدرب على التلويح بالسيف.

-سأترك هذا معك، حافظ عليه جيدا.. لن أتأخر!

ترك السنجاب في يد ليونيد ثم استدار راكضا باتجاه المنزل لإحضار مزيد من الطعم.

ابتسم ليونيد ثم وقف يتأمل المكان حوله، كان هدير النهر يغريه للوقوف قربه.

مشى إلى الضفة وترك السنجاب بجانبه على الحافة ثم خلع نعليه وجلس يتأمل المياه وانعكاسات الأشجار المشوهة عليها.. تماما في اللحظة التي شعر فيها بوخزة في صدره.

عرف أنها مقدمة للأزمة التالية، بدأت أنفاسه تضيق ببطء بينما يعدل من طريقة جلوسه إلى الجثو على الركبتين يمسك بصدره ويشد على ملابسه، أراد خلع ملابسه العلوية لتسهيل التنفس لكن يديه عجزتا عن التركيز وبدأ جبينه وعنقه يتصببان عرقا.

أطلق سعلة قوية وبدأ قلبه بالتسارع والنظر يتشوش أمامه، كان بحاجة للمساعدة ولكن ما من أحد في الجوار، حاول أن يصيح لكن صوته لم يخرج أبدا وظل على نفس الوضعية يضيق عينيه بذعر باتجاه الثعلب الصغير الذي ظهر بالقرب يسحب السنجاب الذي اصطاده روديون بعيدا، خرج صوته مخنوقا:

-ان..انتظر..!!

أطلق سعلة مقيدة والدموع تتجمع في عينيه.

في الماضي، وبشكل مريب، اعتاد على أزمات متكررة كهذه، أكثر من مرة واحدة في نفس اليوم أحيانا، وكان يشعر بالسعادة كلما عرف بأن أزمة على وشك الحدوث، شعور باللذة يصعب تفسيره..