4~《أشبه بزهرة》

184 31 7
                                    

"فلاش باك"

-حادث-

رفعت ثناء نظرها نحو حامد فوجدته شاردا، استغلت ذلك لتتأمل خصلات الشيب التي بدأت تغزو لحيته وتتسلل إلى جانبي رأسه، أسندت رأسها على كتفه وأغمضت عينيها فابتسم وأحاطها بذراعه.

كان الموظف الذي يقود السيارة يتأملها من خلال المرآة ويتذكر خطيبته اللطيفة (روان) وصوت ضحكاتها المرحة تتردد في أذنيه.

كان الطريق خاليا، هذا الأوتوستراد الكبير يفضي إلى الجسر الأيمن فوق بحيرة المثلث وهو طريق مرتفع بعض الشيء محاط بحماية حديدية على جانبيه ليطل على منحدر ترابي صخري قاس نوعا ما وينتهي إلى سفح ترابي.

.
.
.

بحيرة المثلث..

لا يزال يذكر تلك المأساة، اليوم الذي فرضت تلك البحيرة نفسها على خريطة دمشق، قبيل ولادة ضياء بأيام.. التاريخ الذي حفر نفسه في كل مكان:

22/2/2023

زلزال شاذ مدمر ضرب جنوب سوريا بشدة 8.2 على مقياس ريختر.

في ذلك اليوم، حامد وثناء معا في دبي تهيئا للولادة، كان متوقعا آنذاك أن يكون الثاني والعشرين من فبراير أشد أيام الشهر خطورة بعد زلزال اليوم السادس الذي استهدف جنوب تركيا والشمال السوري، وبالفعل، تمثلت الفاجعة بخسف مدمر في مدينة دمشق بمنطقة المزة، ابتلع أبنية المدينة الجامعية بما فيها من طالبات، حفرة هائلة على مساحة مئتي متر ابتلعت معها أجزاء من الكتلة العمارية لمستشفى المواساة الجامعي، بناء الجراحة القلبية كاملا، سجلت 5943 حالة وفاة وأكثر من سبعة آلاف إصابة.

استمرت الهزات الارتدادية بعدها لشهر كامل، ومع إحدى الهزات التي بلغت شدتها ما قارب 3.3 ريختر، ازدادت الانشقاقات في الحفرة وظهر فيها مياه جوفية ارتفع منسوبها ببطئ على أنقاض المدينة الجامعية، انهيار في بناء الفيزيولوجيا بكلية الطب البشري، أضرار جسيمة في الطرقات والجسور.

ذلك اليوم الذي ألقى بدمشق في قعر الهاوية، وفرض عليها مسطحا مائيا محشورا في صدع أقرب في شكله للمثلث.

كانت الأيام، بل السنوات الأولى عسيرة، تطلب الأمر وقتا طويلا كي تقف المدينة على قدميها مجددا، أعيد بناء المستشفى العام لكنه انتقل لملكية القطاع الخاص، شيد مكان كتلة الأبنية بناء وحيد من خمسين طابق ليرفع لافتة (مشفى الإغاثة الخاصة)،
في السنوات الخمس الأخيرة شيد الجسران المعترضان فوق البحيرة المثلثية، مدينة جامعية حديثة في منطقة الهمك، استحدثت جامعات دولية ومدارس عامة تابعة لمنظمة(اليونيسف)،

فاجعة كتلك، كانت كفيلة بإجبار الأمم المتحدة على رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا وإقراضها 2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

"الجانب الآخر من البحيرة"Where stories live. Discover now