3~《طلق ناري》

231 32 7
                                    

"تركة"





-أعطيناها مهدئا، لديها انهيار عصبي بسبب الصدمة، مع ذلك فوضعها ليس بهذا الخطر.. سنبقيها هنا ليوم أو ربما اثنين.

أجابه آدم بلهجة آلية:

-مفهوم، شكرا دكتور.

غادر الطبيب ذو الطول الفارع والشعر الرمادي الغرفة.



كانت ضياء مستلقية على السرير وقد تبدلت ملابسها إلى قميص أزرق خاص بالمستشفى وفي رسغها انغرس أنبوب متصل بكيس محلول ملحي وغفت بفعل المهدئ، كانت الدموع لا تزال عالقة بين أهدابها المكسرة.

-أبي، اذهب أنت للبيت، سأبقى مع هيثم هنا..

-لا، لن أغادر حتى أطمئن على ابنتي.

نظر هيثم وآدم لبعضهما وقد استوقفتهما كلمة (ابنتي) للحظة..



كان المستشفى الضخم ذو الخمسين طابقا يسيطر على مساحة شاسعة تشغل حيزا لا بأس به في التنظيم الجديد لمنطقة المزة، هناك حيث قبل عشرين عاما كانت قد وقعت ضحية لهجمات زلزال 22 فبراير، وبالنظر إلى التألق الذي هي عليه فيمكن التخمين فورا أن مستشفى "المواساة" الجامعي بعد استثماره وإعادة إعماره لم يعد لملكية القطاع العالم، وإنما انتقل إلى جيوب المستثمر الذي استغل الأزمة جيدا.



بعد حوالي نصف ساعة دخلت ممرضة ومعها عربة أدوية وضمادات وأكياس محاليل وأمرت:

-انتظروا في الخارج من فضلكم لترتاح المريضة.



وقف الجميع وتوجهوا للخارج ليجدوا على الكراسي أمام الباب ثلاثة رجال يرتدون بذلات رسمية ومعهم حقائب، وشابة شقراء طويلة، كانت تلك ليزا ومعها "أيمن عيد" محامي ثناء، وكذلك "حمدان السيد" محامي حامد ومساعده الشاب المتدرب.



وقفوا جميعا فتوجه سليم نحوهم:

-يسعدنا لقاؤك سيد سليم، نقدم لكم تعازينا الحارة، نحن آسفون لما حدث.

-شكرا لكم، لا عليك..



تقدمت ليزا وقد غزا الحزن وجهها وأعطت سليم كيسا به حقيبة ثناء وهاتفها وممتلكاتها التي كانت بحوزتها قبل الحادث.

-في الحقيبة، علبة سوداء، تعود لضياء، أرجو أن تتأكد بنفسك من تسليمها لها.

ظهر عبوس غامض على وجه سليم:

-أجل.. بالتأكيد.

ففي النهاية، رغم عدم استلطافه لثناء، فالوضع الآن مختلف ولم يكن له سوى أن يشفق على ما حدث لها.



تحدث المحامي حمدان مباشرة:

-في الواقع، ريثما ترتاح ضياء، نريد التحدث في أمر ما،

"الجانب الآخر من البحيرة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن