٢٥

10.5K 218 103
                                    

توقف الرماح واعتلى صهيله بعد ان شّد ليّل على رباطه ، بثبابه السّود التي اعتاد على لباسّها وشماغه المهمل على رأسه لافه كما العمامة مغطي جزء من جبينه مظهر كثافة حاجبيه ، مجرد ماقفز من الخيل ورفع نظره لتلك التي بجانبها فانوس يضيء لكن نورها اشّد ، لذاك الشعر الذي اصبح كما الطرحة يغطيها ينتشر حول اكتافها ، لذاك الفستان الهادئ الذي اتضح بعد ان وقفت ورغم هدوءه كان مكتظ بالجمال المبهر الساحر بعد ان التف حول جسدها ، كيف اتسّعت ابتسامتها دليل فرحها وبينما بؤس ملامحه دليل حزنه ، تقدم بخطواته ، تلك الخطوات التي كانت اشبه بخطوات ملك جمع جيوشه للمعركه فعاد لوحده مغلوب ، انهزم ، قدامها مرتين ، مرة وقع في حبها ، ومرة وقع في وداعها ..!
تقدم لها يحمل جنوده الموتى ، وبقايا جثث محترقه ، وراية نصر ملطخه بدماء ، وقلب رجل واحد ، ولانه قلب واحد نطق وقت استقر امامها : جيتّك رجل واحد بقلب واحد علامّك تجينّي بهالكثرة ؟ ايش بقى فيني جزء ما هلكتّيه ارحمّي قلب مسكين بين يدينّك ..!
صارت تفهم كلامه وغزله الممزوج بشّدة رجولته وبدوية دمه ، اتسّع مبسمها الزهري وهي تنطق بتساؤل عذب ممزوج بمزاح : علشان كذا ينادونك ليّل ؟ ماتيجي الا بعد منتصف الليل !
ابتسم وهو يتقدم يمنع المسافة بينهم حتى تقلصت اردف : الكل يظن ان ليّل مجرد لقب بس الحقيقة ان اسمي الاول ليّل لكن امي كانت تقول لابوي ما ابيه يطلع مثل ظلمة الليل غيروه وضاح يسابق وضوح الصبح وللاسف طلعت ليّل ولا خذيت من الصبح شي
ما كان منها الا القول بعدها باتسّاع : اظن ان الاسم الاول فاز على الاسم الثاني يا ليّل ؟
كانت روحه ترفرف وهو يسمع طلاقتها بالحديث وعذب حروفها بس ماكان قادر يعبر عن نطقها لان في شيء ثاني اهلكه ، رائحة وصلت له من مسافة وكل مايقترب تزداد كثافة على قلبه ، تهلكه بقوة مايدري مصدرها لين تأكد انه منها ، مد يدينه يبعد شعرها اللي كان مغطي نحرها ليبان له قبلتّه ، نطق بعدها بتساؤل : ريحة العطر!
اتسّع مبسمها وهي تنطق بحماس تعلمه غير مدركه لرعشّة ذاك الفارس : تعلمت من عمتي كيف اصنع عطور وسويت لي عطر خاص ، عجبك ؟
كان التساؤل الموجود في كلمة " عجبك ؟ " غريب ، ماشفتي ضيعتي بعيوني تسأليني عجبك !




كيف اقتربت منه للحد اللي منعت مرور الريح ، غايتها البريئة انها تخليّه يستنشق رائحة العطر علشان تتأكد عجبه ولا لا ، بينما هو انهلك وقت اندفعت له تلك الرائحة الممزوجة بعدة روائح ما ادرك ايش هي لكنها اهلكته حييل حييل ، " وهو اللي ماحرك طرف شمّاغه هبوب علامّه بختّ عطر هزت ضلوعّه ..! "
كانت ردة فعله الوحيدة هي انه يرفع يده التي تحاول من البداية احتضانها ، وبالفعل حاوط خصرها بإرهاق كمن عاد الى بلاده خايب الاقدار ، احتواها بحضنه اللي كان اشبه انه رافعها له بحكم فارق الطول المهلك ، حتى استقر انفه يستنشق تلك الرائحة المنبعثه من نحرها بتعب انثريني، اهلكيني، شتتيني، ضيعيني، واجمعيني ..!
وان انهزمت يدينّي في المعارك وسقطت منها رآية النصر يكفيها انها فازت بخصرك ورفعت رآية الفوز بك ..!
كان اطول حضن استمر فيه روحه تودعها وقلبه يرفض هالوداع ، رغم ان الوداع فعلًا ما صار كيف لو صار ! وش يصبر جيشه المهزوم ..! لكن الحقيقة اللي ادركها وقتها
"ان اللي بات الصبح يحلف على فراقك حاوط بالليل خصرك .." واه من قلّة حيل العاشق ..!
وقت حسّ انه قطع عنها النفس ابتعد بهدوء وكردة فعل رفع يدينه يبعد شماغه لانه حسّه خنقه رغم انه برأسه ! انتثر شعره على ملامحه الواصل لجبينه ونحره تحبه حييل بهالشكل فعلاً يصبح بدوي بملامحه المذهلة ليردف بعدها : مب مسموح انك تعطين بني ادم من هالعطر لا تخليني انهلك من ريحة اغراب !
ابتسمت باتساع وهي تجلس معه وتوريه بالورود وتشرح له اسماءها وروائحها بينما هو مستمع فقط ولاول مره يصبح مستمع بعد ماكان متحدث لوقت طويل ، ولو بيدينه يقبل الصوت والنبرة العذبة ماكان بخل ..
سكتت وهي تشوفه يستلقي ويضع رأسه في حضنها ، بحيث انها جالسه ورأسه بفخذها ، الشيء اللي يحبه انها ماعادت صارت تخاف اذا تقرب منها ، وللان هو على وعده ما يخطي خطوته الاولى الا برضاها التام ، اتسع مبسمها وهي تتأمله وقت رفعت يدها لعيونه اللي تحبها حييل ، عيونه الكحيلة ذات الرموش الطويلة والحاجب الكثيف ، مررت يدها على رموشه وهي تنطق بعدها: رموشك ..!





أسطورة الجبل الميت !Where stories live. Discover now